ماكرون يدعو إلى عقوبات أوروبية على التدخل في ليبيا

باريس – صعّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من حدة لهجته تجاه أنقرة الخميس بحثه الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات على المتدخلين في الصراع الليبي، في إشارة إلى القوات التركية الموجودة في ليبيا لدعم ميليشيات حكومة الوفاق في معاركها ضد الجيش الوطني الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر.
وشدد ماكرون على ضرورة تحرك الاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بالتطورات الميدانية في ليبيا والتي زادت أزمة هذا البلد تعقيدا. وسبق أن انتقد الرئيس الفرنسي تركيا للدور الذي تلعبه منذ أشهر في ليبيا. وتحدث عن ضرورة فرض عقوبات، من دون أن يذكر طرفا بالاسم. وأضاف “من الضروري التوصل إلى وقف لإطلاق النار والبدء في تحرك حقيقي صوب حل سياسي للصراع الليبي”.
واستنكر ماكرون تصرفات تركيا في شرق المتوسط واصفا إياها بـ”الاستفزازات” التي لا يمكن السكوت عنها على اعتبار أنها تهدد أمن ومصالح فرنسا والاتحاد الأوروبي بشكل عام.
وقال ماكرون، في مؤتمر صحافي مع نظيره القبرصي نيكوس أناستاسيادس، “في هذا الجزء من البحر المتوسط، الذي يعتبر حيويا لبلدينا.. تعد قضايا الطاقة والأمن جوهرية. الأمر يتعلق بصراع على النفوذ لاسيما من جانب تركيا وروسيا اللتين تؤكدان وجودهما أكثر فأكثر وفي مواجهة ذلك لا يفعل الاتحاد الأوروبي حتى الآن شيئا يذكر”. وتابع “سيكون من الخطأ الجسيم أن نترك أمننا في منطقة البحر المتوسط في يد أطراف أخرى. هذا ليس خيارا لأوروبا وهذا شيء لن تدعه فرنسا يحدث”.
وكان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قد اتفقوا، في 13 يوليو الجاري، على إعداد قائمات إضافية في إطار العقوبات الحالية المفروضة على أعمال الحفر التي تقوم بها تركيا في شرق المتوسط بناء على طلب من قبرص.
وتتصاعد الأصوات المنادية بوقف إطلاق النار في ليبيا والسير في طريق الحل السياسي، من أجل تجنيب هذا البلد المزيد من الخسائر البشرية والمادية وإنهاء حالة الفوضى التي يغرق فيها بسبب انفلات الميليشيات، لكن تركيا لا تصغي إلى تلك الأصوات بل وترد عليها بإرسال المزيد من العتاد العسكري إلى ليبيا لاسيما خلال الأيام الأخيرة مع تصاعد وتيرة تحشيدها على حدود سرت التي أرسلت إليها تعزيزات عسكرية من أسلحة مختلفة ومرتزقة.
وتشترط أنقرة من أجل القبول بتوقيع أي اتفاق لوقف إطلاق النار انسحاب الجيش الليبي بقيادة حفتر من مواقع مهمة، فهو العقبة الكبرى أمام كل مشاريعها في ليبيا، لتخلو لها الساحة وترسخ موطئ قدم دائم في هذا البلد ومنه في منطقة شمال أفريقيا الواقعة على الحدود الجنوبية لأوروبا وبوابة العبور لعمق القارة الأفريقية.
لكن انسحاب حفتر من الملف الليبي أو انسحاب قواته من المواقع الموجودة بها هدف صعب المنال وحلم يستحيل أن يتحقق بالنسبة لتركيا، فهو لاعب رئيسي في أي جهود أو مباحثات للتوصل إلى حل للصراع في ليبيا ولا يمكن تحقيق أي اتفاق تهدئة أو سلام دائم دون أن يكون الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر طرفا أساسيا فيه.
والأربعاء، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين “توصلنا للتو إلى اتفاق مع روسيا على العمل في سبيل وقف لإطلاق النار في ليبيا يكون مستداما ويُعتد به”.
وأضاف أن أي اتفاق يجب أن يستند إلى عودة لما وصفها بأنها خطوط الجبهة في ليبيا عام 2015 مما يستدعي انسحاب الجيش الليبي بقيادة حفتر من مدينة سرت المطلة على البحر المتوسط والتي تعد بوابة العبور إلى حقول النفط في الشرق وكذلك انسحابها من الجفرة، وهي قاعدة جوية بالقرب من وسط ليبيا.
وتأتي تصريحات الرئيس الفرنسي في وقت يشهد توترا في العلاقات بين باريس وأنقرة العضوين في حلف شمال الأطلسي واتهامات متكررة من باريس لأنقرة بسبب دورها في ليبيا.
لكن تركيا حاولت التقليل من أهمية تصريحات ماكرون. وقال إبراهيم كالين، كبير مستشاري الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مؤتمر لمؤسسة بحثية في بروكسل الخميس، “استخدام لغة التهديد بالعقوبات لن يحقق شيئا هنا ولن يكون له أي أثر على سيادة تركيا أو عزمها على تحقيق مصالحها الوطنية” وهو ما يشير إلى أن أنقرة ماضية في مكابرتها وعنادها وعبثها وهي الصفات التي أغرقتها في مستنقع الفوضى الليبية الذي يصعب الخروج منه بغنائم مثلما تتصور تركيا.