ماكرون يؤكد سعيه لتجنب تصاعد العنف بين لبنان وإسرائيل

التدخل الفرنسي لا يعرف إن كان سيفضي إلى نتائج في ظل فشل باريس في مساع سابقة للتأثير في الملف السياسي اللبناني من بوابة موضوع الرئاسة.
الأحد 2024/04/21
تأثير محدود للدور الفرنسي

باريس - انخرط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مرّة أخرى شخصيا في الأزمة اللبنانيّة الجمعة، متعهّدا ببذل كلّ ما في وسعه “لمنع تصاعد أعمال العنف بين لبنان وإسرائيل”، وحاضًّا القادة اللبنانيّين على حلّ الأزمة المؤسّساتية التي يشهدها بلدهم. لكن لا يعرف إن كان التدخل الفرنسي سيفضي إلى نتائج في ظل فشل باريس في مساع سابقة للتأثير في الملف السياسي اللبناني من بوابة موضوع الرئاسة ومساعدة لبنان في الحصول على تمويلات من المانحين.

وكثّف ماكرون اتّصالاته، إذ استقبل في الإليزيه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وكذلك قائد الجيش اللبناني جوزيف عون. وشارك الأخير أيضًا في اجتماع في باريس مع نظيريه الفرنسي والإيطالي اللذين يُعدّ بلداهما من المساهمين الرئيسيّين في قوّة الأمم المتحدة الموقّتة في لبنان (يونيفيل). ويؤدّي الجيش دورًا حاسمًا في حفظ استقرار لبنان. ويُقيم جوزيف عون علاقات جيّدة مع معظم الأحزاب، ويُشار إليه أحيانًا على أنّه شخصيّة يمكن لها حلّ الأزمة السياسيّة في البلاد.

وتحدّث ماكرون هاتفيًّا مع رئيس مجلس النوّاب اللبناني نبيه برّي الذي يؤدّي هو أيضا دورا رئيسيا في المشهد السياسي المأزوم، فهو من يمكنه دعوة النوّاب إلى انتخاب رئيس جديد للبنان، وهو أمر لم يتمكّنوا من فعله منذ أن انتهت في الحادي والثلاثين من أكتوبر 2022 ولاية الرئيس ميشال عون (الذي لا تجمعه روابط عائليّة بجوزيف عون). وأكّد ماكرون الجمعة لميقاتي خلال استقباله في باريس، “التزام فرنسا ببذل كلّ ما في وسعها لتجنّب تصاعد أعمال العنف بين لبنان وإسرائيل”، حسب ما نقل الإليزيه.

وأضافت الرئاسة في بيان أنّ الرئيس الفرنسي الذي التقى أيضا جوزيف عون “أكّد عزمه على مواصلة تقديم الدعم الضروري للقوّات المسلّحة اللبنانيّة”. وتابعت أنّ “ماكرون يواصل التحرّك من أجل استقرار لبنان بحيث تتمّ حمايته من الأخطار المتّصلة بتصعيد التوتّرات في الشرق الأوسط. وفي هذا السياق، ذكّر بالالتزام الفرنسي في إطار قوّة الأمم المتحدة الموقّتة في لبنان (يونيفيل) وشدّد على مسؤوليّة الجميع حيالها لتتمكّن من ممارسة مسؤوليّاتها بشكل كامل”.

◙ المبادرة الفرنسية ستجد أمامها مشكلة ميدانية لا تقدر على مقاربتها، وهي التصعيد بين حزب الله وإسرائيل، وهو تصعيد إقليمي لا تأثير للبنان فيه

وأورد البيان أيضا أنّ “فرنسا ستتحرّك في هذا الاتّجاه مع جميع من هم مستعدّون للمشاركة بشكل أكبر، خصوصا شركاءها الأوروبيين، وفق ما توصّل إليه المجلس الأوروبي الطارئ” الذي عقد الأربعاء والخميس في بروكسل. كذلك، تشاور ماكرون هاتفيا مع برّي، وكرّر دعوته “المسؤولين السياسيّين إلى إيجاد حلّ للأزمة المؤسّساتية التي تضعف لبنان”.

ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في 31 أكتوبر 2022، لم يتمكّن النوّاب اللبنانيّون من التفاهم على رئيس يخلفه، في ضوء انقسام البرلمان بين جناح مؤيّد لحزب الله، الموالي لإيران، وآخر معارض له. وتتولّى حكومة تصريف الأعمال برئاسة ميقاتي إدارة شؤون البلاد وسط خشية من أن تنزلق إلى نزاع واسع النطاق بين حزب الله وإسرائيل. ويُتوقّع أن يلتقي ماكرون قريبا أفرقاء سياسيّين لبنانيّين آخرين، وقد طلب من موفده الخاصّ وزير الخارجيّة السابق جان إيف لودريان “مواصلة جهوده”.

وقال ميقاتي في بيان إنّه “شكر” لماكرون “جهوده المستمرّة بهدف وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، ودعمه للجيش (اللبناني) لتمكينه من تأدية مهمّاته”. وفي يناير، قدّمت فرنسا إلى لبنان وإسرائيل مبادرة لنزع فتيل النزاع على حدودهما المشتركة. وأفيد في باريس بأنّ ميقاتي وعد ماكرون بأن يقدّم إليه في الأيام المقبلة إجابة على مختلف نقاط المبادرة الفرنسيّة.

لكن المبادرة الفرنسية ستجد أمامها مشكلة ميدانية لا تقدر على مقاربتها، وهي التصعيد بين حزب الله وإسرائيل، وهو تصعيد إقليمي لا تأثير للبنان فيه. وأعلن حزب الله، الجمعة، استهداف تجمع جنود إسرائيليين وتجهيزات تجسسية إسرائيلية قرب حدود لبنان الجنوبية.

وقال الحزب في بيان إن مقاتليه استهدفوا “تجمعا لجنود ‏العدو الإسرائيلي في محيط موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا اللبنانيّة المحتلّة بالأسلحة ‏الصاروخية”، وحققوا “إصابة مباشرة”. وفي بيان آخر، أضاف الحزب أن مقاتليه استهدفوا “التجهيزات التجسسية في موقع بياض بليدا بالأسلحة المناسبة” وأصابوه “بشكل مباشر”.

وأعلن حزب الله، الأربعاء والخميس وحدهما، مقتل 5 من عناصره، قبل أن يعلن الجمعة، مقتل عنصر آخر، ليرتفع عدد قتلاه منذ بداية المواجهات في 8 أكتوبر الماضي إلى 280. وفي السياق، أفادت وكالة الإعلام اللبنانية الرسمية أن الطيران الحربي الإسرائيلي شن غارة على بلدة عيترون جنوبي لبنان، دون الإبلاغ فوراً عن وقوع إصابات.

كما شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارة على منطقة “المشاع” بين بلدتي المنصوري ومجدل دون في قضاء صور، ما أدى إلى تدمير أحد المنازل بشكل جزئي. بدوره، قال الجيش الإسرائيلي في بيان "رصدنا إطلاق 3 صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل الأعلى، وقصفنا بالمدفعية مصادر النيران". وأضاف "قصفنا بالطيران بنى تحتية عسكرية تابعة لحزب الله، في المنصورة وعيترون في جنوب لبنان".

و"تضامنا مع قطاع غزة" الذي يتعرض منذ 7 أكتوبر الماضي لحرب إسرائيلية مدمرة بدعم أميركي، يتبادل حزب الله وفصائل لبنانية وفلسطينية مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا متقطعا عند الحدود، أسفر عن قتلى وجرحى من الطرفين، أغلبهم في لبنان.

3