ماكرون في مالي لتحصين نفوذ تهدده روسيا

فاغنر والجدول الزمني للمرحلة الانتقالية أهم الخلافات بين باريس وباماكو.
الجمعة 2021/12/17
روسيا كابوس مزعج لفرنسا في مالي وأفريقيا

يستعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لزيارة هي الأولى من نوعها لمالي أين سيحاول ثني المجلس الانتقالي العسكري عن تفعيل اتفاقه الأمني مع مجموعة فاغنر شبه العسكرية الروسية والتي تعتبرها باريس تهديدا لنفوذها في باماكو وأفريقيا، إلا أن المرحلة الانتقالية في مالي ستكون على جدول الأعمال أيضا.

باريس - يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لأول مرة الإثنين المقبل في باماكو الرئيس الانتقالي لمالي الكولونيل أسيمي غويتا، في أجواء من التوتر الشديد بين باريس والمجلس العسكري الذي أثار تباطؤه في إعادة السلطة للمدنيين وميله للاستعانة بمرتزقة روس غضب باريس.

وفي ختام اللقاء، يحتفل الرئيس الفرنسي كما تسري العادة بعيد الميلاد مساء الاثنين وصباح الثلاثاء في قاعدة غاو (شمال شرق) مع الجنود الفرنسيين ضمن قوة برخان المناهضة للجهاديين التي تخضع لإعادة تنظيم شاملة.

وبعد تواجد في منطقة الساحل لتسع سنوات، تعهدت فرنسا في يونيو بإعادة تنظيم قواتها العسكرية من خلال ترك ثلاث من قواعدها في شمال مالي (تيساليت وكيدال وتمبكتو) لإعادة الانتشار حول غاو وميناكا عند تخوم النيجر وبوركينا فاسو.

وتنص هذه الخطة على خفض العديد من القوات من 5 آلاف حاليا إلى 2500 أو 3 آلاف بحلول عام 2023.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيسعى لثني الكولونيل غويتا عن استخدام قوات فاغنر شبه العسكرية الروسية

وكان الجنود الفرنسيون استُقبلوا بحفاوة في يناير 2013 في تمبكتو من حيث طردوا الجهاديين، وسلموا الثلاثاء قاعدتهم للقوات المالية في خطوة رمزية في عملية إعادة التشكيل الجارية.

وتريد باريس الآن تركيز مهمتها على تدريب الجيوش المحلية على أمل أن تتولى يوما ضمان أمن أراضيها.

وقالت رئاسة الأركان الفرنسية “ننتقل من منطق العمليات الخارجية إلى منطق التعاون”. لكن إن كان التعاون العسكري بين القوات الفرنسية والمالية يتواصل على ما يبدو دون أي عوائق، فإن العلاقات السياسية بين فرنسا ومالي التي يحكمها الانقلابيون منذ عام 2020، تتدهور بشكل متواصل ما قد يطرح تساؤلات حول شرعية الوجود الفرنسي الهش أصلا.

ويؤكد قائد قوة برخان الجنرال لوران ميشون “هناك نقطتان خلافيتان مع باماكو: الاتصالات مع (المجموعة الروسية شبه العسكرية) فاغنر والجدول الزمني السياسي للمرحلة الانتقالية”.

وتقترن حالة عدم الارتياح هذه بتصريحات عدائية من الحكومة المالية وحملات مناهضة للفرنسيين على مواقع التواصل الاجتماعي. ولم يتردد رئيس الوزراء شوغيل كوكالا مايغا في اتهام فرنسا بتدريب جهاديين.

ويسعى الرئيس الفرنسي لثني الكولونيل غويتا عن استخدام قوات فاغنر شبه العسكرية الروسية المعروف عنها أنها مقربة من الكرملين والمتهمة بارتكاب تجاوزات في البلدان التي تنتشر فيها مثل جمهورية أفريقيا الوسطى.

وحذرت باريس من أن انتشار عناصر من مجموعة فاغنر سيكون “غير مقبول”. وهو قلق مشترك بين واشنطن وشركاء فرنسا الأوروبيين في منطقة الساحل، تحت راية قوة تاكوبا الجديدة للتحرك العسكري الأجنبي في منطقة الساحل والصحراء.

ولا تخفي فرنسا انزعاجها مما يروّج عن اتفاق بين المجلس العسكري الحاكم في مالي ومجموعة فاغنر الروسية، وهي الخطوة التي تظهر، وفق مراقبين، أن روسيا توظف أدواتها غير المعلنة للدخول على خط منافسة النفوذ الفرنسي المتراجع في أفريقيا.

استمرار الوصاية الفرنسية رهين اللقاء
استمرار الوصاية الفرنسية رهين اللقاء

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تظهر فيها فرنسا قلقها من الدور الذي تلعبه مجموعة فاغنر، فقد سبق أن أبدت انزعاجها من الدور الذي تلعبه المجموعة في دول مثل أفريقيا الوسطى.

وحذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء من أن “قوات فاغنر المعروفة بنشاطها المزعزع للاستقرار وانتهاكات حقوق الإنسان لن تجلب السلام إلى مالي بل سوف تزعزع استقرار هذا البلد أكثر”.

وأضاف بلينكن أن “ثروات البلاد، وبينها امتيازات التعدين، يجب أن تعود بالفائدة على الشعب المالي وليس رهنها لقوات أجنبية غير خاضعة للمساءلة ولديها سجل من الإساءات إلى السكان المحليين”.

وبعد الولايات المتحدة، فرض الاتحاد الأوروبي الاثنين عقوبات على مجموعة فاغنر بالإضافة إلى ثمانية أشخاص وثلاث شركات مرتبطة بها بسبب “أعمال مزعزعة للاستقرار” ارتكبت في عدة دول أفريقية منها مالي إضافة إلى أوكرانيا. ودانت موسكو بدورها “الهستيريا” الغربية.

وحذر قائد برخان “هناك أمور لن يكون في الإمكان القيام بها إذا انتشر عناصر من فاغنر”.

أما المعضلة الثانية فهي المجلس العسكري. فبعد أن وعد بتنظيم انتخابات في فبراير في مالي، بدأ يماطل لوضع جدول زمني لفترة انتقالية، ما أثار استياء أعضاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) التي تهدد بعقوبات إضافية اعتبارا من يناير إذا لم يتم إحراز تقدم في هذه المسألة.

ولتبرير تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى، تتذرع الحكومة المالية بانعدام الأمن المستمر. لكن بالنسبة إلى باريس، كيف يمكن تبرير مواصلة تقديم مساعدة عسكرية لنظام غير شرعي، خصوصا وأن مالي على الرغم من الجهود العسكرية، لا تزال تشهد أعمالا ترتكبها جماعات مرتبطة بالقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، وعنف ميليشيات الدفاع الذاتي.

ويفترض أن يقتصر الاجتماع على لقاء منفرد بين ماكرون وغويتا. وذكر مصدر في قصر الإليزيه “نحن نعمل من أجل تحقيق أهداف الحرب ضد الإرهاب وتعزيز عملية انتقال سياسية”. وأضاف “نحن بين نقيضين ونحاول توضيح الأمور”.

5