ماراثون انتخابات الرئاسة يبدأ مع تلميح معارض مصري منافسة السيسي

تراهن المعارضة المصرية على مناخ سياسي تعددي وديمقراطي لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة موحدة في مواجهة الرئيس الحالي عبدالفتاح السياسي الذي لم يعلن بعد عن ترشحه لولاية ثالثة. وتأمل المعارضة أن تكون الانتخابات المقبلة مغايرة لما شاب سابقتها.
القاهرة - أحدث تلميح المعارض المصري أحمد الطنطاوي خوضه انتخابات الرئاسة المقبلة وتقديم نفسه كبديل مدني، تقدمًا على مستوى رؤية المعارضة التي طرحت مؤخرا الإعداد للمشاركة في انتخابات الرئاسة المقبلة بمرشح مدني قوي، وهو ما عبّر عن وجود تحركات تنوي المعارضة القيام قريبا.
وأشار الطنطاوي المقيم في لبنان منذ حوالي عام لعودته إلى مصر في مايو المقبل، الأمر الذي فهمته دوائر سياسية على أن العد التنازلي لانتخابات الرئاسة سيبدأ مع هذه العودة، ورشحته هذه الدوائر لخوض هذا الماراثون منتصف العام المقبل.
وأعلن الرئيس السابق لحزب تيار الكرامة المعارض أحمد الطنطاوي الأربعاء عن عودته من بيروت إلى القاهرة في السادس من مايو المقبل، ملمّحاً إلى عزمه الترشح لانتخابات الرئاسة كممثل لما يُعرف بـ”التيار المدني الديمقراطي”.
ويأتي ذلك متناغمًا مع عودة معارض آخر من بيروت أيضا وهو ممدوح حمزة الشهر الماضي، بعد ثلاث سنوات ونصف السنة قضاها خارج البلاد مع تأكيد أطراف معارضة تلقيها وعودا بالسماح لها بممارسة نشاطها السياسي من الداخل بالمزيد من الحرية.
وتحاول قوى معارضة توظيف التفاؤل بشأن فتح المجال العام عقب فوز الصحافي المعارض خالد البلشي في انتخابات نقابة الصحافيين على مرشح الحكومة.
ولدى بعض المراقبين تقديرات بأن انتخابات الرئاسة المقبلة المتوقع أن يخوضها الرئيس عبدالفتاح السيسي للمرة الثالثة لن تكون مثل سابقتيها، وأنّ توالي الإفراجات والاستجابة لجزء من مطالب الحركة المدنية قد يسمح بمنافسة يسعى الطنطاوي للاستفادة منها بعد أن حصد مكاسب سياسية عقب إعلان انسحابه من الحوار الوطني المتعثر حيث بدت رؤيته صائبة في نظر من لم يعوّلوا على هذا الحوار.
وخسر الطنطاوي مقعده في مجلس النواب في الانتخابات السابقة وبعدها حصد منصب رئيس حزب تيار الكرامة الذي يضم عددا من الشخصيات السياسية المعروفة، بينهم المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي.
وقال القيادي بالحركة المدنية أحمد بهاءالدين شعبان إن الوضع السياسي الراهن يستلزم وجود معركة انتخابية قوية ومؤثرة ستلفت انتباه الجماهير وتدفعها للمشاركة دون الاعتماد على الطرق التقليدية في الحشد التي لا تصب في صالح الدولة، ما يبعث رسائل تؤكد تطوير الحياة السياسية التي وصلت إلى وضع انسداد ينذر بالخطر.
وأوضح في تصريح لـ"العرب" أن خطوة الطنطاوي تحظى بترحيب كبير في دوائر المعارضة، والأمر لا يقتصر على شخصه باعتباره قياديًا في الحركة المدنية، لكنّ هناك ترحيبا بأيّ مرشح يحرك المجال العام، شريطة أن يكون جادًا ولديه ما يقدمه للشعب ويمتلك من الكفاءة والخبرة والمعرفة التي تدفعه ليكون إضافة مهمة إلى المنافسة الانتخابية وليس مجرد "كومبارس" يؤدي دوراً مرسومًا له.
وأشار إلى أن الطنطاوي يملك كاريزما مقبولة وأفكاراً للإصلاح السياسي جيدة للغاية، لكن الحركة المدنية لم تحسم بعد موقفها من تأييده كمرشح وحيد أم سيكون هناك مرشحون آخرون، فالباب ما زال مفتوحًا لمن يمتلك القدرات التي تؤهل للمنافسة ويساهم في إضفاء قيمة ضرورية على البيئة العامة.
ومع أن فرصة أيّ مرشح للمعارضة في منافسة السيسي ضئيلة، إلا أنه من المهم العودة إلى إجراء انتخابات نزيهة وديمقراطية تمثل عودة للممارسة السياسية الصحيحة، وتحقيق السيسي الفوز بنسبة 60 في المئة أفضل من تكرار النسب السابقة.
ورأى شعبان في تصريحه لـ”العرب” أن إجراء انتخابات حرة ونزيهة يتوقف على الإرادة السياسية للسلطة الحاكمة، وفي المقابل ثمة دوائر عديدة مقتنعة بأن المصلحة العامة تقتضي تغيير آليات العمل عن المرتين السابقتين.
وحسب التعديلات الدستورية التي أقرّها مجلس النواب في 2019، تنتهي الفترة الرئاسية الحالية للرئيس عبدالفتاح السيسي في عام 2024، ويحق له الترشح لفترة رئاسية ثالثة مدتها 6 سنوات، لكنه لم يعلن موقفه من الترشح رسميا حتى الآن.
واستقبلت دوائر قريبة من الحكومة خطوة الطنطاوي بحالة من التشكيك في نواياه، وقال عضو مجلس النواب مصطفى بكري في تغريدة على توتير إن إبلاغ الطنطاوي المواطنين بموعد وصول طائرته إلى مطار القاهرة يشي بأنه ارتكب شيئا مخالفًا يعاقب عليه القانون ويتخوف من وجود قضية ويأخذ احتياطاته بإبلاغ الرأي العام بموعد وصوله، واعتبر أن الحديث عن الترشح لانتخابات الرئاسة سابق لأوانه.
واعتاد المعارض المصري أحمد الطنطاوي أن يوجه انتقادات لاذعة للنظام الحاكم ويحيط نفسه بقدر من الغموض جراء مواقفه التي تأتي أكثر حدة ممن حوله من المعارضين، وكانت مواقفه الصارمة من الحوار الوطني بادرة لإحداث انقسام في الحركة المدنية التي رأت ضرورة المشاركة في الحوار.
ويُنظر إليه من جانب أقطاب محسوبة على تنظيم الإخوان على أنه مجرد "كومبارس" ولن يحقق مكاسب أو يمثل منافسا قويا للسيسي حال خوضه الانتخابات المقبلة.
وأكد عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي (معارض) إيهاب منصور أن الطنطاوي لم يتشاور مع الحركة المدنية قبل الإعلان عن عودته وأن فكرة النقاش بشأن تحديد مرشحين كممثلين عن الحركة المدنية لم تأخذ مسارها الجدي بسبب الانغماس في الإعداد للحوار الوطني وتذليل العقبات التي قادت إلى تأخر انطلاقه بجانب التفكير في حل الأزمة الاقتصادية الطاحنة.
ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن انتخابات الرئاسة في مصر تعاني مشكلات موروثة منذ سنوات طويلة، وعلى مدار حكم الأنظمة المتعاقبة، وكانت أشبه باقتراعات شكلية وتشهد عادة تزويرا لإرادة الناخبين.
لكن الوضع سوف يكون مختلفا مع وجود انتخابات تحمل مؤشرات النزاهة، وإن حملت بعض التجاوزات، وهو ما تستهدف المعارضة التعامل معه للوصول إلى انتخابات حرة بنسبة 100 في المئة بما يؤدي إلى الإصلاح السياسي المنشود.
وذكر إيهاب منصور لـ"العرب" أن فكرة وصول شخص معارض على رأس نقابة مهنية مثل الصحافيين ليس جديدا، ويصعب التعامل معه على أنه انفراجة حقيقية كما أن رؤية البعض للمشهد المصري بصورة قاتمة ليست في محلها، وهناك عوامل إيجابية تشير إلى إمكانية خوض انتخابات رئاسية نزيهة مع الانفتاح التدريجي الحالي.