ماذا يحدث عندما تمنع النساء والفتيات من الإجهاض؟

النساء يتجهن إلى عمليات إجهاض غير آمنة والمهمّشات هن الأكثر تضررا.
الأربعاء 2022/06/01
منع الإجهاض عواقبه وخيمة

يحذّر المدافعون عن حقوق الإجهاض من العواقب المدمرة المحتملة لحرمان النساء منه، وعادة ما تدفع النساء الفقيرات والمهمّشات حياتهن ثمنا لعمليات الإجهاض غير الآمنة في عدد من البلدان التي تمنعه وتفرض عقوبات تصل حد السجن. ولا تسمح بعض البلدان بالإجهاض إلا عندما تكون صحة المرأة في خطر أو في حالات الاغتصاب أو سفاح القربى.

نيروبي/بوغوتا - علمت ربة المنزل الكينية أنها حامل في سبتمبر الماضي، وعلمت أيضا أن إنجاب الطفل أمر غير وارد.

وكانت المرأة البالغة من العمر 27 عاما ضحية للعنف المنزلي لسنوات، حيث كان زوجها يضربها بشكل روتيني، ويحرمها من المال لإطعام أطفالها الثلاثة، ويخونها مع نساء أخريات. وقالت إحدى صديقاتها المقربات لمؤسسة تومسون رويترز، إن آن التي غيرنا اسمها لحماية هوية أطفالها لم ترغب في إنجاب طفل آخر في عالم العنف والفقر الذي تعيش فيه.

ولكن في بلد يُقيّد فيه القانون بشدة الوصول إلى الإجهاض، مع وصم من يخضع لهذا الإجراء، أُجبرت آن على الحصول سرا على حبوب الإجهاض من صيدلي غير مسجل. وماتت بعد أيام.

25 مليون عملية إجهاض غير آمنة تحدث كل عام، ما يؤدي إلى وفاة حوالي 39 ألف امرأة وفتاة

وقالت إحدى صديقات آن التي تعيش أيضا في كوروجوتشو في شمال شرق نيروبي، طلبت عدم ذكر اسمها، “سمعت الصراخ قادما من منزلها في منتصف الليل ووجدتها ملقاة على الأرض تنزف. أخذناها إلى المستشفى، لكن الطابور كان طويلا وتوفيت بينما كنا ننتظر”.

مع استعداد المحكمة العليا الأميركية لإلغاء “حكم رو ضد وايد” التاريخي القاضي بإضفاء الشرعية على الإجهاض في جميع أنحاء البلاد، يحذر المدافعون عن حقوق الإجهاض من أفريقيا إلى أميركا اللاتينية من العواقب المدمّرة المحتملة.

ويقولون إن المحكمة ذات الأغلبية المحافظة يجب أن تنظر في تأثير تدابير مكافحة الإجهاض على مستوى العالم، من الوفيات مثل وفاة آن في كينيا وسجن النساء خطأ بسبب الإجهاض في السلفادور إلى اضطهاد المدافعين عن حقوق الإجهاض في بولندا.

وقالت إيفلين أوبوندو المديرة الإقليمية الأولى لأفريقيا في مركز الحقوق الإنجابية، “رسالتي إلى قضاة المحكمة العليا الأميركية هي أنهم لن يوقفوا الإجهاض أبدا. لقد أجرت النساء العمليات وسيخضعن للإجهاض دائما بغض النظر عن القانون. إن ما سيفعله إلغاء القانون هو إنهاء الإجهاض الآمن. وستتجه النساء إلى عمليات الإجهاض غير الآمنة مثل تلك التي يعرضها الدجالون في العيادات الخلفية وسيكون الفقراء والمهمشون هم الأكثر تضررا”.

ولطالما سعى المحافظون المسيحيون والعديد من المسؤولين الجمهوريين لقلب قضية رو ضد ويد، وقد أقرت العديد من الولايات التي يقودها الجمهوريون قيودا مختلفة على الإجهاض في تحدّ لسابقة رو في السنوات الأخيرة.

ويُحظر الإجهاض في 26 دولة بما في ذلك السلفادور وهندوراس ومصر ومدغشقر والفلبين، وفقا لمركز الحقوق الإنجابية. وتقول المنظمة إن 50 دولة أخرى لا تسمح بالإجهاض إلا عندما تكون صحة المرأة في خطر أو في حالات الاغتصاب أو سفاح القربى.

ويوجد في أكثر من ثلاثة أرباع البلدان نوع من العقوبات القانونية المتعلقة بالإجهاض، والتي يمكن أن تشمل أحكاما بالسجن لفترات طويلة أو غرامات باهظة للأشخاص الذين يخضعون للإجراء أو يساعدون فيه.

ويقول خبراء الصحة إن مثل هذه القيود تدفع النساء والفتيات إلى اتخاذ تدابير يائسة لإنهاء حالات الحمل غير المخطط لها من استخدام شماعات المعاطف أو شرب مواد التبييض إلى زيارة عيادات غير قانونية يديرها أشخاص غير مدرّبين.

وتحدث على الصعيد العالمي أكثر من 25 مليون عملية إجهاض غير آمنة كل عام، مما يؤدي إلى وفاة حوالي 39 ألف امرأة وفتاة ودخول الملايين إلى المستشفيات بسبب المضاعفات، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. وقال التقرير إن معظم هذه الوفيات بين النساء الفقيرات اللاتي يعشن في البلدان منخفضة الدخل مع أكثر من 60 في المئة منهن في أفريقيا و30 في المئة في آسيا.

وفي كينيا، حيث يُسمح بالإجهاض فقط عندما تكون صحة المرأة أو حياتها معرضة للخطر وفي حالات الاغتصاب، تموت أكثر من 2500 امرأة وفتاة سنويا في عمليات إجهاض غير آمنة، وهو ما يصل إلى سبع وفيات كل يوم، وفقا لمركز الحقوق الإنجابية.

وأظهرت دراسة لوزارة الصحة أن ما يقرب من نصف مليون عملية إجهاض (معظمها غير آمنة) أجريت في كينيا في 2012. وتعاني واحدة من كل أربع نساء من مضاعفات مثل ارتفاع درجة الحرارة وتعفن الدم وفشل الأعضاء.

ووجدت الدراسة أيضا أن النساء والفتيات اللاتي يسعين للعلاج بسبب عمليات الإجهاض الفاشلة يضعن عبئا إضافيا على نظام الرعاية الصحية العامة في كينيا، بتكلفة 5 ملايين دولار إضافية.

وقالت نيللي مونياسيا المديرة التنفيذية لشبكة الصحة الإنجابية في كينيا، إن “كل الأشياء التي نراها هنا سوف يرونها في الولايات المتحدة إذا تقرر إلغاء الحكم”.

القيود تدفع النساء والفتيات إلى اتخاذ تدابير يائسة
القيود تدفع النساء والفتيات إلى اتخاذ تدابير يائسة

وفي السلفادور، حيث يُعدّ الإجهاض جريمة منذ عام 1998 في جميع الظروف حتى في حالات الاغتصاب أو سفاح القربى أو تشوهات الجنين أو عندما تكون صحة المرأة في خطر، تقبع العشرات من النساء في السجن بتهمة الإجهاض.

وفي 2008، كانت سينثيا رودريغيز حاملا في شهرها الثامن عندما ذهبت إلى المستشفى لطلب الرعاية الطارئة بعد ولادة جنين ميت. وبدلا من ذلك، قيّدوا يديها إلى سرير المستشفى، وقُبض عليها مع إدانتها بجريمة القتل العمد، وحُكم عليها بالسجن 30 عاما.

وقالت رودريغيز “إنك في حالة حداد على فقدان طفلك، ثم تُتهم بجريمة لم ترتكبها. إن الأمر صعب حقا”، مضيفة أنه تم تصنيفها على أنها “قاتلة أطفال” مما سلّط عليها عنف السجينات الأخريات. ولم يطلق سراحها إلا بعد أن قضت 11 عاما تقريبا.

كما فرضت خمس دول أخرى في أميركا اللاتينية حظرا تاما على الإجهاض، لكن السلفادور تتميز بمعدلات الإدانة وشروط السجن القاسية. ففي العقدين الماضيين، سُجنت أكثر من 180 امرأة لارتكاب جرائم متعلقة بالإجهاض، كما تقول مجموعة المواطنين لإلغاء تجريم الإجهاض غير الربحية. وقالت رودريغيز إنه “لا يجب تجريم الإجهاض. تعرف كل امرأة وضعها الخاص وما مرّت به”.

وقال نشطاء إن السياسات التي تحظر الإجهاض أو تقيّده أدت إلى ارتفاع معدلات ترك الفتيات المراهقات للمدرسة بسبب حالات الحمل غير المخطط لها.

الإجهاض يُحظر في 26 دولة بما في ذلك السلفادور وهندوراس ومصر ومدغشقر والفلبين

ومُنعت الفتيات الحوامل والأمهات الشابات من الذهاب إلى المدرسة في الماضي في بعض البلدان مثل تنزانيا وسيراليون.

ويقول المدافعون عن حقوق الإجهاض إن السياسات التي تشجع الوصم والعار وتؤدي أيضا إلى المضايقة والتمييز يمكن أن تؤثر على الآخرين أيضا، حيث تُستهدف عيادات الصحة الجنسية والإنجابية وكذلك الناشطين في مجال حقوق المرأة في العديد من البلدان من قبل الجماعات اليمينية وحتى من قبل السلطات.

وفي بولندا، حيث يُسمح بالإجهاض فقط في حالات الاغتصاب وسفاح القربى وتهديد حياة المرأة، يواجه الناشطون في مجال حقوق الإجهاض أيضا التهديدات والاضطهاد وأحكاما بالسجن تصل إلى ثلاث سنوات.

وقالت مارتا ليمبار، وهي محامية تبلغ من العمر 43 عاما وزعيمة سترايك كوبيت (إضراب نسائي) وهي حركة تعارض تشديد القيود على الإجهاض، إن احتجاجها على قانون الإجهاض في بولندا كان له ثمن شخصي باهظ.

وصرّحت “اضطررت إلى مغادرة منزلي لأن عنواني نُشر وشهدت محاولة اغتيال واحدة على الأقل”، مضيفة أنها مصابة باضطراب ما بعد الصدمة نتيجة مثل هذا الاضطهاد.

17