ماذا في اللقاء السري بين ملك الأردن ورئيس إسرائيل

عمّان تستكشف فرص تجاوز خلافاتها مع تل أبيب دون رهانات كبيرة.
الاثنين 2021/09/06
توافق بين واشنطن وعمّان على حل الدولتين

كثف الأردن خلال الأشهر الأخيرة اتصالاته مع الجانب الإسرائيلي لاستكشاف سبل تذويب الخلافات ما من شأنه إحياء العلاقات الدبلوماسية المجمدة في ظل قيادة إسرائيلية جديدة أبدت انفتاحا يقطع مع سياسات سابقتها.

عمان - دفعت التغييرات الدولية والإقليمية المتسارعة الأردن إلى استكشاف فرص تجاوز خلافاته مع إسرائيل التي شهدت بدورها تغييرات سياسية داخلية، إلا أن رهان عمّان على تصويب علاقاتها مع تل أبيب يتطلب مجموعة من الضوابط يقول مراقبون إن القيادة الإسرائيلية لن تستجيب لأغلبها رغم الانفتاح الذي تبديه.

وكشفت الرئاسة الإسرائيلية أن الرئيس يتسحاق هرتسوغ قام الأحد الماضي بزيارة سرية إلى الأردن التقى خلالها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في عمّان، فيما وصف الرئيس الإسرائيلي اللقاء بالرائع.

وأوضح بيان الرئاسة أن الاجتماع تناول “قضايا العمق الاستراتيجي سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي، كما تطرق الجانبان إلى قضايا الاستيراد والزراعة والطاقة وحلول أزمة المناخ”.

وقال الرئيس الإسرائيلي خلال مقابلة مع قناة “كان”، “أجرينا محادثة رائعة في عمّان. العاهل الأردني زعيم مهم بالنسبة إلينا، وسألتقي بالعديد من القادة في المنطقة عندما يكون ذلك ممكناً”.

وأكد هرتسوغ أن “هناك رغبة في المنطقة بإضفاء لغة الحوار والتقدّم. وفي هذه الأيام نحيي الذكرى السنوية الأولى لتوقيع اتفاقيات أبراهام الهامّة التي غيّرت وجه الحوار في المنطقة”.

وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن هرتسوغ نسق رحلته إلى الأردن مع رئيس الوزراء نفتالي بينيت ووزير الخارجية يائير لابيد.

واللقاء ليس الأول من نوعه الذي يعقده العاهل الأردني بطريقة سرية مع القيادة الإسرائيلية الجديدة، إذ سبق وذكرت القناة التلفزيونية الإسرائيلية “13” مطلع يوليو أن الملك عبدالله الثاني التقى سراً أيضاً رئيس الوزراء نفتالي بينيت. ونقلت القناة حينها عن مصدر إسرائيلي قوله إن اللقاء “سادته أجواء إيجابية، وتم الاتفاق على فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية”. ولم يصدر عن مكتب بينيت تعقيب عن الخبر كما لم يؤكد الأردن الزيارة.

وأنهى هذا اللقاء سنوات من الجمود الدبلوماسي بين البلدين في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو.

محللون يستبعدون تغييرا على مستوى السياسة الإسرائيلية تجاه القدس وهي أحد أسباب تأزم العلاقات مع الأردن

وشهدت العلاقات بين الأردن وإسرائيل جفاء واضحا في عهد نتنياهو (2009 – 2021) إلى درجة دفعت العاهل الأردني إلى وصفها خلال جلسة حوارية في الولايات المتحدة بأنها “في أسوأ حالاتها”.

ودفعت انتهاكات إسرائيل المستمرة بحق المسجد الأقصى وفي القدس بشكل عام نحو المزيد من التدهور في العلاقات بين البلدين، حيث تمثل تجاوزا صريحا من تل أبيب لدور عمّان ووصايتها على المقدسات الفلسطينية.

وتشرف دائرة أوقاف القدس التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية على المسجد الأقصى بموجب القانون الدولي، حيث يعد الأردن آخر سلطة محلية مشرفة على مقدسات المدينة قبل الاحتلال الإسرائيلي.

وأدت الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة في الأراضي الفلسطينية وما رافقها من حراك أردني رسمي واحتجاجات شعبية واسعة إلى المزيد من اتساع الشرخ في العلاقات بين عمان وتل أبيب، لاسيما وأن الأخيرة تجاهلت بانتهاكاتها الدور الأردني تجاه مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى.

وفي شهر مارس الماضي توترت العلاقات بين إسرائيل والأردن على خلفية إلغاء زيارة نتنياهو للإمارات بسبب صعوبات تنسيق الرحلة إلى أبوظبي عبر المجال الجوي الأردني.

وقبل ذلك بوقت قصير ألغى ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله الثاني زيارة إلى المسجد الأقصى في القدس بسبب خلافات مع تل أبيب حول الترتيبات الأمنية.

ومع تولي بينيت رئاسة الحكومة الإسرائيلية في الثالث عشر من يونيو الماضي أبدت القيادة الإسرائيلية الجديدة مرونة أكبر من سابقتها تجاه الخلافات مع الأردن، لكن محللين يستبعدون حدوث اختراق.

ويؤكد مراقبون أن الأردن لديه مصالح أساسية في تعامله مع إسرائيل، ولا بد من احترامها (من جانب تل أبيب)، وفي مقدمتها الأماكن المقدسة ووصاية المملكة عليها وحل الدولتين.

ويشير هؤلاء إلى أن أي إجراء إسرائيلي يهدف إلى تغيير الوضع الراهن في فلسطين يؤدي إلى التأثير بشكل سلبي على العلاقة مع الأردن، وذلك يشمل الاستفزازات المستمرة من قبل المستوطنين والحكومة الإسرائيلية داخل الأراضي المقدسة، كالتهجير وبناء المستوطنات ومنع المصلين من إقامة شعائرهم، وهذا ما يمسّ بالوصاية الهاشمية.

وتوقفت مفاوضات السلام الفلسطينية – الإسرائيلية منذ أبريل 2014 لعدة أسباب بينها رفض إسرائيل إطلاق سراح معتقلين قدامى ووقف الاستيطان.

ويشير متابعون إلى أن أي جمود في حل الدولتين الذي تدعمه الولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس جو بايدن من جانب إسرائيل سيؤدي بالضرورة إلى المزيد من تأزيم العلاقة مع الأردن.

ويقول هؤلاء إن الاتصالات الأردنية – الإسرائيلية، التي نشطت الآونة الأخيرة، جزء من تكتيك دبلوماسي يخدم السياق السياسي الذي يعمل به الأردن مع الإدارة الأميركية الجديدة.

ورغم الضغوط الأميركية على إسرائيل لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين ورغبة عمّان في استعادة دورها الإقليمي والتاريخي في القضية الفلسطينية تستبعد أوساط سياسية أردنية حدوث تغير كبير على مستوى العلاقات الأردنية – الإسرائيلية خلال عهد بينيت لعدة اعتبارات أولها أن هناك أولويات أخرى لدى الحكومة الإسرائيلية الجديدة، فضلا عن كون جميع المؤشرات توحي بأنه لا تغيير على مستوى السياسة الإسرائيلية تجاه القدس وهي من الأسباب التي أدت إلى تأزم العلاقات بين الطرفين.

2