ماذا تغيّر ليعود الشابي إلى صف خصمه حركة النهضة

تونس - أثارت تصريحات لرئيس الهيئة السياسية لحزب "الأمل" التونسي أحمد نجيب الشابي، والتي وصف فيها حركة النهضة الإسلامية بأنها "ديمقراطية"، وأنها "أهم رقم يُدافع عن عودة الديمقراطية" جدلا واسعا في الساحة التونسية خاصة بعد تصريحات سابقة للشابي وصفت بالنارية اعتبر فيها الحركة بأنها "خطر على الديمقراطية" وأنها "تمثل طائفة عقائدية عابرة للبلدان".
وتساءلت أوساط سياسية تونسية عن سبب عودة الدفء بين الشابي وحركة النهضة، وخاصة بعد زيارة مقرها ولقاء رئيسها راشد الغنوشي بعد خلاف كبير بسبب تخلّي النهضة عن ترشيح الشابي، حليفها التاريخي، للرئاسة في 2012 وتفضيلها المنصف المرزوقي عليه، خاصة بعد أن أطلقت عليه ذبابها الإلكتروني في حملات مستمرة لتقزيمه والاستهانة بتاريخه.
لا أحد توقع عودة الدفء بهذه السهولة ودون اعتذار من النهضة يرد الاعتبار للشابي الذي تعرض إلى حملات تقزيم
وأشارت هذه الأوساط إلى أنه لا أحد كان يتوقع عودة الدفء بهذه السهولة ودون اعتذار من حركة النهضة يرد الاعتبار للشابي الذي كانت له أفضال عليها في عهد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي خاصة حين فتح أمام بعض قيادييها صحيفة حزبه “الموقف” للتعبير عن مواقفها ونشر أخبار قياداتها الهاربة إلى الخارج أو تلك التي كانت في السجون.
وكان الشابي أكد في حوار مع "العرب" في سبتمبر 2020 بأن "حركة النهضة ستكون الخصم السياسي الأول لنا.. فهذه الحركة تمثل طائفة عقائدية عابرة للبلدان ولم تبد سوى رغبة في التمدد داخل الدولة وتحويلها إلى أداة لتنفيذ مخططاتها، وبالتالي هي تمثل خطرا على الديمقراطية".
وأضاف ‘‘النهضة سنناهضها بالوسائل السلمية ومن خلال المؤسسات وبتعبئة الرأي العام، والنهضة في الواقع لا تمثل حتى 10 في المئة من الجسم الانتخابي التونسي؛ النهضة قوة ضعيفة وهي تستمد قوتها من تشتت خصومها وضعف إقبال التونسيين”.
وشدد الشابي على أنه ‘‘لا يحق للنهضاويين الاستفادة من تشتت خصومهم من أجل السيطرة على الدولة.. وأكرر نحن ليس لدينا أيّ نية لإبرام أيّ اتفاق أو تفاهم مع النهضة‘‘.
وعزا مراقبون استدارة نجيب الشابي باتجاه النهضة إلى أن الرجل، وبالرغم من وزنه التاريخي كمعارض منذ حكم الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، إلا أنه لم يجد الحظوة التي يستحقها في المشهد السياسي خاصة بعد أن سيطرت عليه أسماء غير معروفة ولا تمتلك أيّ تاريخ سياسي أو نضالي.
واعتبر المراقبون أن الشابي ربما يعتقد أن حركة النهضة تعيش حالة من العزلة وأن وقوفه إلى جانبها في هذه اللحظة الصعبة سيجعلها تعيد حساباتها تجاهه وتتحالف معه مستقبلا في السرّاء كما تحالف معها في الضراء. لكنهم حذروا من أن الشابي سيقطع بهذه الخطوة فرصة بناء علاقة متوازنة مع قوى سياسية واجتماعية ذات وزن تعتبر أن النهضة هي سبب الأزمة العميقة التي تعيشها تونس، كما أنه سيضع نفسه وكأنه يقف في وجه التغيير السياسي الذي يجري الإعداد له لتجاوز مخلفات السنوات العشر السابقة.
وأعلن الثلاثاء عضو المكتب السياسي لحزب التيار الشعبي وليد عباسي عن رفض الحزب لمبادرة الشابي لتشكيل جبهة للخلاص، معتبرا أن هذه المبادرة تصب في مصلحة منظومة 2019 وخاصة حركة النهضة.
ودعا عباسي في تصريح لإذاعة شمس أف أم المحلية بالقول “كل القوى الوطنية بما فيها القوى الرافضة لمسار الخامس والعشرين من جويلية (يوليو) مدعوة إلى عدم الانخراط في مبادرة الشابي لأنها تتناقض تماما مع مصلحة تونس”.
وأكد المحلل السياسي نبيل الرابحي أن “العلاقة بين النهضة والشابي قديمة – جديدة، بدأت منذ الثامن عشر من أكتوبر 2005، وتكوين جبهة سياسية ضد النظام آنذاك، ثم شهدت العلاقة تقلبات على امتداد السنوات الأخيرة، حيث شارك الشابي في انتخابات 2011، لكنه مُني بخسارة عرف بعدها أن الطرف الوحيد القادر على إنقاذه هو النهضة”.
وأضاف في تصريحات سابقة لـ”العرب” أن الشابي “خسر الكثير من شعبيته ودعمه للغنوشي هو تملّق سياسي، وأن كل من اقترب من النهضة إلا واكتوى واندثر مثل أحزاب المؤتمر من أجل الجمهورية وحركة نداء تونس وقلب تونس”.
وقالت حركة “النهضة”، في بيان، إن الشابي زار الاثنين مقرها وسط تونس العاصمة، والتقى رئيسها الغنوشي وأعضاء مكتبها التنفيذي.
وأضافت أن الشابي عرض “مبادرته من أجل تشكيل ‘جبهة للخلاص الوطني’ للخروج بتونس من أزمتها المركّبة والمتراكمة. وتفاعل مع استفسارات حركة النهضة التي سبق أن عبّرت عن تثمينها للمبادرة”.
وتابعت الحركة أن “التقارب كان واضحا في تناول أهم قضايا الوضع العام بالبلاد ومتطلباته المستوجبة للإنقاذ”.
وفي الثامن عشر من فبراير الماضي، دعا الشابي خلال تجمع لشخصيات سياسية وبرلمانية نظمته حملة “مواطنون ضد الانقلاب” (شعبية) إلى تكوين “جبهة للخلاص الوطني”.
وقال الشابي آنذاك إن “تجمع كل تونسي اليوم، مهما كان رأيه واتجاهه، مهم، فكل شيء مؤجل إلى أن يتحقق خلاص تونس من أزمتها السّياسية وتبعاتها الاقتصادية والاجتماعية”.