ماذا بعد فشل المسار الدستوري الليبي في القاهرة؟

انتهت اجتماعات القاهرة المتعلقة بالمسار الدستوري في ليبيا من حيث بدأت، حيث فشل وفدا مجلس النواب والدولة في التوصل إلى تفاهمات حول النقاط الخلافية التي تهم أساسا شروط الترشح لرئاسة ليبيا، ما يثير تساؤلات حول مصير العملية السياسية، خاصة أنه سيتم انتهاء العمل بخارطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي، وسط تحركات لأسامة الجويلي، المدير السابق لإدارة الاستخبارات العسكرية، قد تقود إلى تجدد الاقتتال في العاصمة طرابلس.
القاهرة- يطرح الفشل الذريع الذي انتهت به محادثات المسار الدستوري الليبي في العاصمة المصرية القاهرة، تساؤلات عن التطورات التي قد تحملها الأيام المقبلة لليبيا، خاصة في ظل التحركات العسكرية المتصاعدة غربي البلاد، بعد تشبث رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها بالبقاء في منصبه، رغم سحب الثقة منه من قبل البرلمان في مرحلة أولى، والتصويت لصالح خلافته بوزير الداخلية السابق فتحي باشاغا في مرحلة ثانية.
وأقرت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني ويليامز بفشل جلسات المحادثات الدستورية في التوصل إلى تفاهمات بين وفدي البرلمان والمجلس الأعلى للدولة، التي بحثت النقاط الخلافية في مسودة الدستور، وهو ما وضعها في موقف محرج وفقا لأوساط سياسية ليبية، دفعها إلى دعوة رئيسي البرلمان ومجلس الدولة إلى عقد اجتماع.
وقال عضو مجلس النواب (البرلمان) عمار الأبلق الاثنين إن رئيسي مجلسي النواب والدولة عقيلة صالح وخالد المشري لن يقدما شيئا جديدا، وإن دعوتهما إلى الاجتماع لإنهاء النقاط العالقة هي محاولة لإخراج المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز من الإحراج، بعد فشلها في ترتيب اللقاء السابق.

عمار الأبلق: عقيلة صالح وخالد المشري لن يقدما شيئا جديدا
وأضاف الأبلق في تصريحات بثتها وسائل إعلام محلية أن ”ويليامز تريد تقديم شيء إلى مجلس الأمن الدولي يضاف إلى سيرتها الذاتية خلال عملها في ليبيا”، لافتا إلى أن الأخيرة تماهت مع التعديل الدستوري الثاني عشر الذي أصدره النواب.
وأشار الأبلق إلى أن فشل مباحثات القاهرة كان متوقعا منذ بداية انطلاق الاجتماعات، حيث استهدف من خلاله المجلسان كسب المزيد من الوقت بغية التمديد ونسف مشروع الدستور المنجز من الهيئة التأسيسية المنتخبة.
وكانت البعثة الأممية قد قالت في بيان إن ”اللجنة المشتركة أحرزت الكثير من التوافق على المواد الخلافية في مسودة الدستور الليبي”.
واستدركت “لكن الخلافات ظلت قائمة بشأن التدابير المنظمة للمرحلة الانتقالية المؤدية إلى الانتخابات”.
ودعت المستشارة الخاصة للأمين العام بشأن ليبيا رئاسة المجلسين إلى الاجتماع خلال عشرة أيام في مكان يتم الاتفاق عليه، لتجاوز ما وصفته بـ”النقاط العالقة”، في إشارة على ما يبدو إلى شروط الترشح للرئاسة وغيرها من النقاط.
وكان المتحدث باسم البرلمان الليبي عبدالله بليحق قد أكد أن النقاط الخلافية التي تم بحثها في محادثات القاهرة، تتمثل في شروط الترشح للرئاسة.
ولم تتضح بعدُ الرؤية الخاصة بمستقبل المسودة، بعد تعديلها من قبل لجنة المسار الدستوري، حيث يرغب مجلس الدولة في استخدامها كقاعدة انتخابية لدورة انتخابية واحدة، فيما يتجه مجلس النواب نحو عرضها للاستفتاء.
وأكدت ويليامز، التي فشلت على مدار السنوات الماضية في تحقيق اختراق حقيقي في جدار الأزمة الليبية، أن الأمم المتحدة ستظل “ملتزمة بدعمها لجميع الجهود الليبية لإنهاء المراحل الانتقالية المطولة، وانعدام الاستقرار الذي أصاب البلاد، وذلك عبر انتخابات وطنية شاملة وشفافة في أقرب تاريخ ممكن، وتلبية تطلعات ما يقارب ثلاثة ملايين ليبي ممن سجلوا للتصويت”.
ويأتي ذلك في وقت يسود فيه الترقب لما ستحمله التطورات في ليبيا خلال الساعات المقبلة، حيث ستكون البلاد غدا (الثاني والعشرين من يونيو) على موعد مع انتهاء العمل بخارطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي بتونس – جنيف، وسط استمرار الأزمة بين باشاغا والدبيبة، وهي أزمة قد تفجر الوضع من جديد، خاصة في ظل تحركات المدير السابق لإدارة الاستخبارات العسكرية أسامة الجويلي.
◙ المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا تقر بفشل جلسات المحادثات الدستورية في التوصل إلى تفاهمات بين وفدي البرلمان والمجلس الأعلى للدولة
وتفجرت الأزمة بين الدبيبة والجويلي حينما قام رئيس حكومة الوحدة الوطنية في السابع عشر من مايو الجاري بإقالة الأخير من منصب مدير إدارة الاستخبارات العسكرية، على خلفية دوره في دخول باشاغا إلى العاصمة طرابلس، والذي أدّى إلى اندلاع اشتباكات مسلّحة سارع على إثرها الأخير إلى الانسحاب.
ونقل موقع “الساعة 24” المحلي في ليبيا عن مصادره أن الجويلي عقد اجتماعا الاثنين في مقر اللواء الرابع جنوبي طرابلس، ما دفع رئيس الأركان في المنطقة الغربية اللواء أسامة الحداد إلى عقد اجتماع مع عدد من القيادات العسكرية، بحسب نفس المصدر.
وما يزيد من المخاوف من تجدد الاقتتال في ليبيا، إعلان عدد من منتسبي وزارة الداخلية في حكومة الدبيبة عن انشقاقهم ودعمهم لحكومة الاستقرار الوطني المنبثقة عن البرلمان.
ورد وزير الداخلية في حكومة الدبيبة خالد مازن على هذه الخطوة بسخرية، معتبرا أن بعضهم من “المرضى النفسيين”.
وقال مازن خلال اجتماع مع مديري أمن طرابلس والمنطقة الغربية إن “هؤلاء أمس لا يمثلون شيئا ومن بينهم من لدينا أوراق تثبت أنه مريض نفسيا.. و95 في المئة من الأشخاص الذين اجتمعوا السبت ليسوا من وزارة الداخلية عدا 5 أو 6 ضباط عندهم محضر والذين فيهم من عنده مجلس أو هو مفصول أصلا”.
وعلّقت عضو مجلس النواب السيدة اليعقوبي على تصريحات مازن بالقول إنها خطيرة، وستلقي بظلالها على أمن الليبيين.
وأضافت اليعقوبي في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر أن “هذه التصريحات تعني أن وزارته من الممكن أن تمارس الإرهاب والقمع والقتل، فتوظيف مرضى نفسيين يؤاخذ عليك يا خالد لا عليهم، وتحية إجلال لجميع أفراد وزارة الداخلية، وعليهم رفع قضية عاجلة على هذه الادعاءات الباطلة”.

◙ مخاوف من تجدد الاقتتال في ليبيا