ماذا أعد العراق لإدماج أبناء اللبنانيين الفارين من الحرب في مؤسساته التربوية

الإسراع بإظهار التضامن مع اللبنانيين حتمته ضرورة امتصاص غضب الفصائل الشيعية العراقية ذات الصلة بحزب الله.
الخميس 2024/10/03
المدرسة جاهزة.. مرحبا بالأشقاء

بغداد - لقي قرار الحكومة العراقية باستيعاب أبناء العوائل اللبنانية التي حلّت بالعراق فرارا من الحرب بين إسرائيل وحزب الله بادئ الأمر موجة من الاستحسان والثناء بسبب الطبيعة الإنسانية للقرار قبل أن يثير موجة من التساؤلات بشأن الإمكانيات الحقيقية لتطبيق القرار بالنظر إلى الحالة المزرية لقطاع التعليم في البلد والنقص الفادح في كوادره وبناه التحتية من مدارس وغيرها.

ووجه وزير التربية والتعليم العراقي محمد عبداللطيف قبل أيام بإصدار ضوابط وتعليمات عاجلة لاحتضان الطلبة الوافدين من لبنان تجنبا لحرمانهم من الدراسة. وأشار إلى أن ذلك يأتي "ضمن بادرة إنسانية وطنية عاجلة ودعما للطلبة اللبنانيين وتنفيذا لتوجيهات رئيس الوزراء بتسهيل شؤون النازحين".

وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد وجّه السبت الماضي وزارة الداخلية بتسهيل منح وثائق سفر سريعة للبنانيين، وذلك تعبيرا عن مساندتهم في ظل الهجمات الإسرائيلية على المناطق اللبنانية.

وفي خضم النقاش بشأن تفاصيل التنفيذ العملي للقرار الحكومي، واجهت وزارة التربية العراقية حادثة وصفت بـ”المخجلة”، إذ تعلّقت بالكشف عن الظروف المزرية التي يزاول فيها تلاميذ إحدى المدارس في محافظة كربلاء تعليمهم.

وأصدرت الوزارة، الأربعاء، بيانا توضيحيا بشأن مدرسة ابتدائية في كربلاء إثر انتشار مقطع مصور أظهر اكتظاظا شديدا للطلبة داخل فصل دراسي وتجاوز عددهم بكثير عدد المقاعد المخصصة لهم ما اضطر الكثيرين منهم للجلوس على الأرض.

وقال المتحدث باسم الوزارة كريم السيد في البيان إنّ المدير العام لتربية كربلاء زار مدرسة بركات الزهراء الابتدائيّة بعد الفيديو الذي انتشر الثلاثاء والذي ظهر فيه وضع مأساوي للتلاميذ. وأضاف أن المدرسة تقع في منطقة نائية بالصحراء. لكنّه شكّك في صحة الفيديو قائلا إنّه “اتضح أن التلاميذ يدرسون بشعبتين مختلفتين وتم جمعهم في شعبة واحدة خلال التصوير، والحقيقة أن هذا الاكتظاظ غير موجود في الشعبتين”.

لكنّه استدرك بأنّ مديرية التعليم اتخذت إجراءات إداريّة للوقوف على احتياجات المدرسة وإضافة فصل جديد لها وإدراج المنطقة ضمن المشاريع القادمة لبناء المدارس، معترفا بأن البلاد تعاني من نقص فادح في البنى التحتية التعليمية “حيث تعمل الحكومة ووزارة التربية على التقليل من حدّة تحدّي نقص الأبنية المدرسيّة”.

كريم السيد: الحكومة ووزارة التربية تعملان على التقليل من حدّة تحدّي نقص الأبنية المدرسيّة
كريم السيد: الحكومة ووزارة التربية تعملان على التقليل من حدّة تحدّي نقص الأبنية المدرسيّة

وبالنظر إلى هذه الأزمة القائمة منذ سنوات طويلة وبطء الحكومات العراقية المتعاقبة منذ سنة 2003 في معالجتها رغم المطالبات الكثيرة والمتكررة بذلك، رأت دوائر إعلامية وسياسية أن قرار استيعاب أبناء اللبنانيين في المدارس العراقية جاء متسرّعا وخضع لاعتبارات سياسية دعائية بالأساس، وقد حتّم الاستعجالُ في إصداره القفزَ على تفاصيل تطبيقه على أرض الواقع.

ومنذ تفجّر الأحداث الدامية في لبنان والمتمثّلة في الحرب الإسرائيلية على مناطق الجنوب حيث يتمركز حزب الله، حرصت السلطات العراقية على إظهار أكبر قدر من التضامن والتعاطف مع اللبنانيين سعيا لامتصاص غضب الفصائل الشيعية العراقية الذي تتقاسم مع الحزب المذكور انتماءه الطائفي الشيعي وكذلك انتماءه لـ”محور المقاومة” الذي تقوده إيران.

ولا ترغب حكومة السوداني في دخول تلك الفصائل الحرب ضدّ إسرائيل تجنّبا للعواقب الوخيمة التي سيواجهها العراق سياسيا وأمنيا واقتصاديا جرّاء ذلك. ومع تسهيل الحكومة العراقية إجراءات دخول اللبنانيين إلى البلاد، وفي حال تدفّقت أعداد كبيرة منهم، فإنّ السلطات ستكون إزاء ورطة حقيقية تتمثل في استحالة تنفيذ قرارها بشأن تدريس جميع أبنائهم في مؤسسات التعليم العراقية.

وعلى هذه الخلفية بدأ التفكير في سيناريوهات إيواء اللاجئين واستيعاب أبنائهم بالمدارس. وقالت مصادر عراقية إنّ لجنة التربية في مجلس محافظة بغداد اقترحت استخدام المخيمات والمجمعات التي كانت في السابق أماكن لنزوح العراقيين أثناء حرب داعش كمدارس للتلاميذ والطلبة اللبنانيين.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن عضو اللجنة مثنى ثائر العزاوي قوله إنّ “المجلس اقترح أن تكون المخيمات والمجمعات التي كانت تؤوي النازحين العراقيين مدارس مؤقتة للطلبة والتلاميذ اللبنانيين”، مرجعا ذلك إلى ما تشهده المدارس العراقية من اكتظاظ كبير وإلى اختلاف مستوى الدراسة والمواد الدراسية في لبنان جذريا عمّا هو موجود في العراق.

3