ماجدولين الإدريسي.. فنانة تتنقل بسلاسة بين الكوميديا والدراما

الرباط- برزت ماجدولين الإدريسي بصفتها فنانة مغربية صنعت مسيرتها الفنية بنفسها، حيث بدأت من الصفر لتصبح واحدة من الأسماء المحبوبة لدى الشعب المغربي، واشتهرت بعفويتها وأسلوبها المباشر الذي يجمع بين الفكاهة والصراحة والوضوح، وجعلها قريبة من قلوب الجمهور.
تتميز الإدريسي بحبها الكبير للأدوار التي تقدمها، سواء في الدراما أو الكوميديا، وتدافع عنها بقوة، مظهرة شغفا واضحا في كل عمل تشارك فيه، وهذا ما عزز مكانتها فنانة أصيلة تعبر عن هموم وأحلام المغاربة.
شخصيات محبوبة
ماجدولين الإدريسي واحدة من الأسماء البارزة في الساحة الفنية المغربية، استطاعت أن تحجز لنفسها مكانة متميزة في السينما والتلفزيون بفضل موهبتها العفوية وتعدد أدوارها، وتمتد مسيرتها الفنية لأكثر من 23 عاما، إذ قدمت خلالها أعمالا ناجحة تراوحت بين السينما والدراما والكوميديا.

◄ الممثلة تحمل على كتفيها ثقل الصراع الداخلي لشخصيتها، وتنقله إلينا بسلاسة تجعلنا نشعر بكل تفاصيل معاناتها
تتميز الممثلة بكفاءة مهنية تجعلها تتقمص الشخصيات التي تختارها بحرفية، إذ تلعب أدوارا قوية مثل شخصيتها “حورية” في مسلسل “جرح قديم”، الذي عرض في رمضان 2025، إذ قدمت دورا دراميا صعبا يتناول قضايا اجتماعية مثل العنف ضد المرأة، ونجحت في تقديم أداء مؤثر لم نعتد عليه معها، كما تبرع في الأدوار الكوميدية، فهي شكلت ثنائيا ناجحا مع الفنان عزيز داداس في عدة أعمال، آخرها الفيلم السينمائي “روتيني” للمخرج لطفي آيت الجاوي، و”على الهامش” للمخرجة جيهان البحار.
وشهدت مسيرة ماجدولين الإدريسي حضورا قويا في السينما المغربية، عندما شاركت في أفلام حققت نجاحا شعبيا، من بينها فيلم “ضاضوس” للمخرج عبدالواحد مجاهد، وفيلم “البطل” الذي يسافر حاليا في الوطن العربي وأوروبا من إنتاج رضوان وإخراج عمر لطفي، كما عملت في أفلام أخرى بارزة مثل “البنية” و”الوحش” و”أكس شمكار”، لتؤكد تنوع تجربتها وإسهامها في تطوير السينما المغربية، بينما تتمتع بشغف كبير بالكوميديا والدراما.
في الكوميديا، تعتمد الممثلة على الانسجام مع شركائها في العمل لإضحاك الجمهور، بينما تجد في الدراما فرصة للغوص في أعماق الشخصيات وتقديم أداء عاطفي بعفوية وشعبية، وهذا التوازن جعلها قادرة على جذب الجمهور المغربي بمختلف أذواقه.
القوة والهشاشة
تطمح ماجدولين الإدريسي إلى تجسيد شخصيات تاريخية في السينما، لنساء خلدن أسماءهن في التاريخ المغربي لتضيف بذلك بعدا جديدا لمسيرتها، وهو ما ستقدمه في عمل سينمائي قادم مع المخرجة هدى بن يمينة، وهو ما يبرز استمرارها في استكشاف آفاق جديدة في عالم الفن، ومع تواضعها الفني، لا تمانع في لعب أدوار ثانوية إذا كانت تخدم العمل.

◄ في الكوميديا، تعتمد الممثلة على الانسجام مع شركائها بينما تجد في الدراما فرصة للغوص في أعماق الشخصيات
وبرزت ماجدولين الإدريسي في أداء دورها في فيلم “أنا ماشي أنا” للمخرج هشام الجباري، حينما جسدت شخصية “الشيخة ماما”، مالكة “كابريه” وقعت في شرك “نصاب” محترف يُدعى فريد، إذ بدت قوية وشريرة في البداية، لكنها انهارت أمام خداع فريد (عزيز داداس) الذي أوهمها بالزواج، لنجدها لاحقا “ضرة” تتحالف مع زوجتيه الأخريين للانتقام منه.
نجحت الفنانة في تقمص شخصية امرأة قوية تمتلك “كابريه”، وأدهشنا كيف تحولت من امرأة قاسية إلى ضحية ثم إلى منتقمة، إذ خططت مع ضرائرها للإطاحة بفريد يوم زفافه الرابع بعد أن كشفن خداعه لنساء من أماكن مختلفة، وشاهدنا ماجدولين وهي تتألق في هذا العمل الكوميدي الاجتماعي الذي صور في مراكش، وأعجبنا كيف أضافت لمسة خاصة إلى الفيلم، وأثبتت أنها قادرة على مزج القوة بالهشاشة في قالب مضحك.
وتألقت ماجدولين الإدريسي في فيلم “لحنش” للمخرج إدريس المريني بدور ضابطة شرطة جميلة، حيث تقاسمت البطولة مع النجم المغربي عزيز داداس، الذي جسّد شخصية فريد، الشاب العاطل الذي انتحل صفة شرطي مزيف، وفي ذلك العمل الكوميدي الأسود، كُلفت الإدريسي من قبل المصالح الأمنية بمهمة حساسة تمثلت في مراقبة فريد والإيقاع به، بهدف كشف حقيقة أفعاله ومعرفة ما إذا كان يعمل بمفرده أم ضمن شبكة إجرامية. جاءت مشاركتها في الفيلم، إلى جانب نخبة من الممثلين المغاربة المتميزين، مما أبرز حضورها القوي في ذلك العمل السينمائي الذي رصد قضايا اجتماعية بأسلوب ساخر.
واشتهرت ماجدولين الإدريسي بأدائها السينمائي في فيلم “براق” للمخرج محمد مفتكر، فأبهرتنا بخفة أدائها التي تشبه رقصة فراشة، مع قوة حضور طاغية تركت بصمة لا تمحى في أذهاننا، فكانت كالضوء الذي يتسلل في ظلام الفيلم التراجيدي، وهو ما جعل أداءها محط إعجاب كل من شاهد الفيلم في تلك الفترة، فكانت تعابيرها تعبر عن وجع الأنوثة المكبوتة في مجتمع تحكمه قيم القبيلة الصارمة، مانحة الشخصية بعدا إنسانيا.
وأضافت الممثلة لمسة خاصة للفيلم، وتمكنت من الجمع بين الرقة والقوة في آن واحد، فبدت وكأنها تحمل على كتفيها ثقل الصراع الداخلي لشخصيتها، وتنقله إلينا بسلاسة تجعلنا نشعر بكل تفاصيل معاناتها، وأداؤها كان تجسيدا حيا لروح الشخصية، كنجمة لافتة في عمل سينمائي، وهذا التألق توج بحصولها على جائزة ثاني أحسن دور نسائي، إضافة إلى جائزة أحسن أداء نسائي إلى جانب السعدية لديب في المهرجان الوطني للفيلم في يناير 2010.
تنوع الأدوار
تتميز ماجدولين الإدريسي بحضور قوي في الساحة السينمائية والتلفزيونية، خاصة السينما التي تعتبرها عالما ساحرا، وتؤمن بأهمية التوازن بين الفن التجاري الذي يجذب الجمهور والأعمال ذات العمق الفني، وهو ما عبرت عنه في تجربتها مع فيلم “إكس شمكار” للمخرج محمود فريطيس، عندما لعبت دور البطولة إلى جانب رفيق بوبكر، وهذا الفيلم، يعكس واقعا مغربيا من خلال شخصية “الشمكار”، وهو عمل راهنت فيه ماجدولين على استقطاب الجمهور وإرضائه.
وشاركت الإدريسي في عدة مسلسلات مغربية بأدوار مختلفة نذكر منها دور ليلى في مسلسل “ألحان الماضي”، ودور شامة في مسلسل “2 وجوه”، ودور نوال في مسلسل “التيساع فالخاطر” وهو سيت كوم، وأدت دور سعاد في مسلسل “نصف قمر”، ودور هدى السهمي في مسلسل “صورتك بين عينيا”، وفي مسلسل “ولاد المرسى” قدمت دور خديجة، وقدمت دور صباح في مسلسل “دابا تزيان”، ودور ليلى في مسلسل “دموع وردة”.
وظهرت ماجدولين الإدريسي في فيلم “جوق العميين” للمخرج محمد مفتكر بدور فاطمة، وقدمت شخصية فاطمة خادمة لدى جارة العائلة، تتورط فاطمة في علاقات عاطفية معقدة تعكس جانبا من ديناميكيات الحياة الاجتماعية في تلك الفترة، فهي على علاقة مع الوالد الموسيقي ورأس “جوق العميين”، حيث يلتقيان سرا فوق السطوح ليتبادلا لحظات حميمة، رغم أنه متزوج ولديه أسرة، وهو ما يبرز تناقضا بين حياته العائلية المثالية الظاهرة وعالمه الخفي، وفي الوقت نفسه ترتبط فاطمة أيضا بصديق يونس، ضابط الأمن المحب للحياة والنساء.
يعكس دور فاطمة جانبا من حياة النساء في تلك الحقبة، حيث تتشابك العلاقات بالخيانة، الحب، والرغبات الشخصية، في سياق اجتماعي مشحون بالتحولات السياسية والثقافية، كما تمثل هذه الشخصية رمزا للعلاقات المحرمة أو المستترة التي قد تنفجر في أي لحظة، ولم تكن شخصيتها مركزية في القصة بقدر ما هي جزء من النسيج الاجتماعي الذي يحيط بالشخصيات الرئيسية، وساهمت في إظهار التناقضات والصراعات الداخلية للأسرة المغربية.

◄ أداء عاطفي بعفوية وشعبية
