مؤشرات قوية على عودة الزخم للسياحة المغربية

أكدت أحدث المؤشرات أن القطاع السياحي في المغرب استطاع أن يعيد توازنه بشكل كبير بعدما تخطى نشاطه في 2022 مستويات ما قبل الوباء، ما يعطي التفاؤل بأن تحقق الحكومة طموحاتها باستقبال المزيد من الزوار هذا العام وتعزيز احتياطاتها النقدية.
الرباط – دخلت السياحة المغربية مرحلة جديدة من الانتعاش إثر تحقيقها قفزة كبيرة العام الماضي، ما يشي بعودة الزخم خلال 2023 في أعقاب عامين من الأزمة الصحية التي جعلت القطاع يدخل في دوامة أثقلت كاهل العاملين بالقطاع.
وأفادت مديرية الدراسات والتوقعات المالية في تقرير نشرت مقتطفات منه وكالة الأنباء المغربية الرسمية الثلاثاء بأن العوائد تجاوزت خلال سنة 2022 مستواها لما قبل الأزمة الصحية بنسبة 15.9 في المئة، بعد انخفاض بنسبة 56.4 في المئة قبل عام.
وأوضحت المديرية في نشرتها الشهرية أن العوائد ارتفعت، على أساس سنوي، بنسبة 166.1 في المئة لتصل إلى 91.3 مليار درهم (أكثر من 9 مليارات دولار) مع زيارة نحو 11 مليون سائح.
11
مليون سائح زاروا البلد العام الماضي لكنه أقل من مستوى 2019 عند 13 مليون سائح
وأشارت إلى أن وتيرة نمو الإيرادات استمرت في الارتفاع، من ربع لآخر، مقارنة بسنة 2019، لتسجل ارتفاعا بنسبة 56.4 في المئة خلال الربع الأخير من العام الماضي.
وجلبت السياحة إيرادات تجاوزت ثمانية مليارات دولار خلال عام 2019 القياسي، عندما استقبلت البلاد حينها 13 مليون سائح. لكن هذه الإيرادات هبطت إلى 3.5 مليار دولار في العام 2021.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن القطاع ساهم خلال الفترة الفاصلة بين عامي 2017 و2019 بأكثر من 24.3 مليار دولار.
وسبق أن ذكرت وزيرة السياحة المغربية فاطمة الزهراء عمور خلال تصريحات سابقة أنه خلال الشهور السبعة الأولى من العام الماضي تمكن القطاع من استعادة 90 في المئة من حجم الإيرادات الأجنبية المسجلة ما قبل الوباء.
ومن الواضح أن الأرقام تعكس أنه رغم ارتفاع أسعار تذاكر الطائرات أو حتى الرحلات البحرية، اختار السياح القادمون من مختلف أنحاء العالم مجددا وجهتهم المفضلة قبل الأزمة، ما أعطى السلطات المزيد من التفاؤل بعودة سريعة إلى خارطة السياحة العالمية.
ويحثّ العاملون في هذا القطاع الإستراتيجي للبلاد الخطى لمواجهة التغيرات والتحديات التي شهدها، مدفوعين بحزمة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لدعم السياحة وإخراجها من نفق أزمتها.
وتتطلع الحكومة إلى تفعيل خططها المتعلقة بتحفيز الاقتصاد متسلحة ببرامج ومبادرات متنوعة على المدى القصير تشمل قطاعات في مقدمتها، السياحة والصناعة والنقل والخدمات اللوجستية والخدمات المالية والتكنولوجيا.
20.5
مليون مسافر تم استقبالهم بمطارات البلاد، وهو ما يمثل استرجاعا لعدد المسافرين بنسبة 82 في المئة بمقارنة بالسنة المرجعية 2019
وتبرز السياحة كأحد أضلاع الخطة مع تعويلها على استقطاب المزيد من الاستثمارات لهذا القطاع الداعم للاقتصاد الكلي، والذي تشير التقديرات إلى أنه يساهم بنحو سبعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
وكشفت عمور نهاية الشهر الماضي أن بلادها تترقب جذب نحو 2.7 مليار دولار خلال هذا العام وحتى حلول 2026 مع توجيه حصة من رؤوس الأموال نحو المشاريع الترفيهية.
وصبّت الحكومة تركيزها خلال الأشهر الأخيرة على وضع محركات تحفز السياحة بشكل أكبر للابتعاد عن الإكراهات، التي جعلتها تدخل في خمول طيلة عامي الوباء، وسط حالة تفاؤل بين أوساط القطاع الذين يترقبون بفارغ الصبر تعويض خسائرهم.
وفي وقت يمثل فيه احتياطي العملة الصعبة تحديا للعديد من الاقتصادات العربية خاصة المستوردة للنفط والسلع الغذائية التي تشهد أسعارها تضخما متسارعا، ارتفع رصيد المغرب من النقد الأجنبي العام الماضي بأكثر من 5 في المئة إلى نحو 32 مليار دولار.
ويعود الفضل في ذلك، بشكل أساسي، إلى ثلاثي السياحة وتحويلات المغتربين والصادرات خاصةً الفوسفات والسيارات.
وتُسهم السياحة في المغرب بنحو 7.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتلعب دورا كبيرا في رفد اقتصاد البلاد بالعملة الصعبة، فضلا عن دورها المحوري بتوفير الوظائف لاسيما للشباب.
وتأخذ مساهمته بعين الاعتبار السياحة غير التقليدية والاقتصاد غير الرسمي وما يتعلق بنشاط المغتربين وأيضا الصناعة التقليدية.
ومنذ فتح الحدود في فبراير الماضي بعد التراجع الملحوظ لجائحة كورونا، بدأت السياحة المغربية تستعيد عافيتها تدريجيا، مدفوعةً أيضا بتقديم الحكومة دعما ماليا للفنادق وللشركات العاملة في القطاع بقيمة ملياري درهم.
2.7
مليار دولار من المتوقع الحصول عليهم خلال هذا العام وحتى حلول 2026 مع توجيه حصة من رؤوس الأموال نحو المشاريع الترفيهية
وساهم قدوم المغتربين في شهري يوليو وأغسطس الماضيين في دفع عجلة الاقتصاد عبر ضخ العملة الصعبة، وذلك بعد غياب دام سنتين بسبب تدابير الإغلاق الناتجة عن الوباء.
وبعد فترة الصيف المعروفة بذروة قدوم المغتربين والسياح، شهدت البلاد انتعاشا في سياحة الأعمال باستضافة عدد من المؤتمرات الدولية خصوصاً في مراكش، المدينة السياحية الأولى في المغرب، بفضل المرافق والفنادق المؤهلة لاستضافة كبرى الفعاليات.
ويُبدي عدد من وكلاء السفر تفاؤلا بآفاق القطاع خصوصا خلال الفترة الحالية التي تعرف توافدا للسياح من السوق الأوروبية، ناهيك عن ارتفاع نسبة الحجز ترقبا لموسم العطلات المقبلة وموسم الصيف.
وأظهر الطلب العالمي على قطاع السفر تسارعا في النمو خلال الأشهر الماضية مع عودة حركة النقل الجوي بشكل ملحوظ عقب تخفيف قيود الإغلاق، وذلك رغم ارتفاع التكاليف بالنسبة إلى الشركات والمستهلكين.
ووفق بيانات المكتب، استقبلت مطارات البلاد بنهاية العام الماضي حوالي 20.5 مليون مسافر، وهو ما يمثل استرجاعا لعدد المسافرين بنسبة 82 في المئة بمقارنة بالسنة المرجعية 2019.
وكانت الحركة الجوية بالبلاد قد سجلت في العام الذي سبق تفشي الوباء حركة نحو 25 مليون مسافر عبر كافة المطارات، ومع انتشار الجائحة تم إغلاق الحدود وشل حركة السياحة عبر العالم.
اقرأ أيضا: