مؤشرات قوية على خفض جديد في قيمة الجنيه المصري

وكالات التصنيف الائتماني تُبدي نظرة متشائمة حيال مصر، مع عدم اليقين بشأن مرونة سعر الصرف وضعف احتياطاتها من العملة الأجنبية.
الاثنين 2023/05/22
شحّ العملة الأجنبية

القاهرة – استند العديد من المحللين على تقييمات صندوق النقد ووكالات التصنيف والعقود الآجلة والدولرة والذهب في كونها تحمل دلائل قوية على أن صناع القرار النقدي في مصر يتجهون إلى خفض جديد في قيمة العملة المحلية.

ويأخذ الحديث عن سعر الجنيه أمام الدولار وانعكاسه على تفاقم التضخم الحيز الأكبر في اهتمامات المواطنين مع تثبيت قيمة العملة المحلية بالتعاملات الرسمية رغم تأرجحها في السوق الموازية على خلفية شح العملات الأجنبية.

ومنذ مارس العام الماضي فقد الجنيه أكثر من نصف قيمته أمام العملة الأميركية وما زالت توقعات المتداولين وبنوك الاستثمار العالمية تميل إلى خفض جديد في سعره والذي سيكون الرابع منذ اندلاع الحرب في شرق أوروبا في فبراير 2022.

مجموعة هيرميس: تبرز إشارات مختلفة تؤكد انتشار عمليات الدولرة
مجموعة هيرميس: تبرز إشارات مختلفة تؤكد انتشار عمليات الدولرة

وظل سعر الصرف ثابتا في السوق الرسمية منذ أكثر من شهرين عند 30.95 جنيه لكل دولار، لكن الفجوة مع السوق الموازية التي تصل أحيانا إلى 25 في المئة، تزيد من احتمال خفض جديد وحاد للعملة المحلية.

ويثير هذا الاستقرار بالسعر الرسمي، الذي يؤكد أن العملة المصرية ما تزال مدارة بشكل كبير، جدلا حول تطبيق أحد شروط الاتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن تحول القاهرة إلى سياسة سعر الصرف المرن.

وأبرمت القاهرة مع صندوق النقد اتفاقا للحصول على قرض قيمته 3 مليارات دولار في ديسمبر الماضي، وهو مقسم على تسع شرائح حتى سبتمبر 2026 على أن تكون هناك مراجعة مرتين كل عام، أقربها بحلول يونيو المقبل.

وحصلت البلاد أواخر العام الماضي على الشريحة الأولى بقيمة 347 مليون دولار، لكنَّ الشريحة الثانية وقيمتها 354 مليونا تتوقف على مراجعة الصندوق، وعلى رأسها اعتماد سعر صرف مرن للجنيه، وتخارج الدولة تدريجياً من الاقتصاد عبر الخصخصة.

وفي حين أن السعر العالمي لغرام الذهب عيار 24 يناهز 64 دولارا في المتوسط، فإن سعره بالسوق المحلية بحدود 2600 جنيه، وفق الشعبة العامة للذهب باتحاد الغرف التجارية المصرية.

وهذا يعني احتساب الدولار عند 40.4 جنيه، مقابل متوسط يبلغ 30.9 جنيه لدى البنك المركزي المصري.

وتسعى الحكومة لضبط هذه السوق عبر إجراءات تسهم بزيادة المعروض من الذهب، وآخرها قرار الإعفاء من الضريبة الجمركية على الذهب الذي يرد إلى البلاد بصحبة الوافدين من الخارج لمدة ستة أشهر.

أما في سوق العقود الآجلة غير القابلة للتسليم، فإنَّ عقد الجنيه لأجل 12 شهرا يُتداول عند 43 جنيهاً للدولار، في إشارة إلى مزيد من الضغوط السلبية، وتوقُّعات بحدوث خفض حاد بقيمة العملة المصرية.

غير أنه في الفترة الأخيرة تقلّصت رهانات المتداولين على تنفيذ هذا الخفض قبل حلول نهاية السنة المالية الحالية في يونيو المقبل.

وجاء ذلك مع تعافي العقود الآجلة لأجل شهر إلى 31.85 جنيه للدولار، في تحسن ملحوظ عن المستوى القياسي عند 35.3 جنيه لكل دولار أواخر أبريل الماضي.

40.4

جنيه مقابل الدولار فيما بلغ متوسط 30.9 جنيه لدى البنك المركزي المصري

وفي خضم ذلك تبرز إشارات مختلفة تؤكد انتشار عمليات الدولرة أي عمليات التسعير بالدولار، كما هو الحال مع لبنان هذه الفترة عبر قطاعات الاقتصاد كافة، سواء من جانب الشركات أو الأفراد، وفق تقرير صادر عن المجموعة المالية هيرميس.

وترجّح هيرميس ألاّ توفر مبيعات الأصول المرتقبة في مصر السيولة الكافية لتعزيز التحول إلى نظام سعر صرف مرن، لذلك ستبقى هناك حاجة على الأرجح إلى مصادر إضافية من العملات الأجنبية.

وصارت وكالات التصنيف الائتماني تُبدي نظرة متشائمة حيال مصر، مع عدم اليقين بشأن مرونة سعر الصرف وضعف احتياطاتها من العملة الأجنبية.

ووضعت موديز مؤخرا التصنيف السيادي لمصر قيد المراجعة بهدف الخفض، بعد أن خفّضته في فبراير إلى بي 3 وهي درجة غير استثمارية.

كما خفّضت فيتش قبل أيام تصنيف مصر الائتماني طويل الأجل إلى بي بدلا من بي+ مع نظرة مستقبلية سلبية، فضلاً عن الإشارة إلى مخاطر تدهور الثقة حال تأخر الانتقال إلى سياسة سعر صرف مرن، مما قد يؤخر تنفيذ برنامج صندوق النقد.

وكذلك عدلت ستاندرد آند بورز نظرتها المستقبلية بالنسبة إلى مصر في أبريل من مستقرة إلى سلبية، وأبقت على تصنيف الديون طويلة الأجل بالعملة الأجنبية عند مستوى بي أي أعلى 7 درجات من مستوى التخلف عن السداد.

واللافت أن ستاندرد آند بورز أشارت إلى أنَّ تأخير الإصلاحات الهيكلية ما زال يضغط على قيمة الجنيه الذي شهد عمليات خفض كبرى منذ بداية الألفية، الأولى عام 2003، والثانية عام 2016 عندما قفز الدولار إلى 19 جنيها من تسعة جنيهات سابقا.

10