مؤشرات على إعادة تكليف ميقاتي بتشكيل الحكومة الجديدة

مع فقدان حزب الله وحلفائه للأكثرية البرلمانية، وهو ما يعقد استكمال انتخاب المؤسسات الدستورية (رئيسي الحكومة والجمهورية)، برز سيناريو إعادة تعويم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. ويسعى حزب الله من خلال هذه الخطة إلى تفادي شلل سياسي مرتقب.
بيروت - تترقب الأوساط السياسية في لبنان تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها الرئيس ميشال عون لتسمية المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، وسط أجواء باتت تؤشر بوضوح على حسم التوجه نحو إعادة تكليف الرئيس نجيب ميقاتي الذي يحظى بأكثرية نيابية تتجاوز الـ65 نائبا، وقد تصل إلى السبعين من دون التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والكتائب وقوى التغيير.
وقالت مصادر مطلعة إن الرئيس عون يعكف على التحضير لهذه الاستشارات، التي يتوقع أن يدعو إليها ببيان يصدر عن رئاسة الجمهورية ويتضمن برنامج الاستشارات.
وأضافت المصادر أن الدعوة ستعلن الأسبوع المقبل، لكن موعد الاستشارات قد يتأخر إلى مطلع الأسبوع الذي يليه، كاشفة أن من بين الأسباب لتأخير الموعد وعدم إنجاز الترتيبات اللازمة لبرنامج الاستشارات، هو عدم حسم نواب قوى التغيير موقفهم في خصوص الانضواء في كتلة واحدة أو اثنتين أو ثلاث، أو ربما تفضيل معظمهم أن يدرجوا في الجدول منفردين.
وحسب المصادر، فإن نواب التغيير لم يحسموا أمرهم بعدُ، لكنهم في صدد اتخاذ الموقف النهائي في اليومين المقبلين.
تسمية ميقاتي يدعمها ثنائي حركة أمل وحزب الله، واللقاء الديمقراطي وعدد من النواب المستقلين ونواب الطاشناق
وأوضحت أن ميقاتي هو الأوفر حظا على صعيد الأسماء المرشحة لرئاسة الحكومة، بل يكاد يكون المرشح الأقوى من دون منافسة مؤثرة، خصوصا أن الأسماء المتداولة الأخرى غير محسومة حتى الآن، وإن كان هناك سعي من قبل كتل نيابية لتسمية مرشح موحد لها.
وتتجه “القوات اللبنانية”، وبعض النواب الحلفاء، إلى تسمية مرشح لها، بينما يسعى التغييريون إلى الاتفاق على اسم موحد لهم، وكذلك يحاول التيار الوطني الحر أن يأخذ خيارا آخر غير خيار ميقاتي، بعد أن أكد رفضه لأي شروط مسبقة، وبدد آمال رئيس التيار جبران باسيل في فرض شروط تحسن موقعه في الحكومة الجديدة.
وعلى ضفة المعارضة غير المتوافقة فيما بينها، لا يبدو أنّ خيار التوافق على ميقاتي أو غيره سيلقى آذانا صاغية، فبالنسبة إلى حزب القوات اللبنانية مثلا، فإنّ “استنساخ” الحكومة الحاليّة لن يحقّق أبدا التغيير الذي طلبه الناس في صناديق الاقتراع، ولو أضيفت إلى الحكومة مثلا شخصيات جديدة تمثّل القوى الأخرى التي أفرزتها الانتخابات النيابية.
ويؤكد حزب القوات اللبنانية أنه لا يزال على موقفه من حكومات التوافق الوطني، التي يفضّل تسميتها بـ”حكومات التكاذب الوطني”، والتي ثبُت بالممارسة أنّها “أسوأ النماذج” الحكومية على الإطلاق، ما يعني أنّها لا يمكن أن تكون الخيار المناسب في مرحلة “إدارة أزمة” كالتي يواجهها لبنان.
ولذلك يرمي المحسوبون على القوات الكرة في ملعب نواب التغيير، فإما أن يكونوا على قدر الثقة التي منحهم إياها الشعب، وإما أن يكرروا “خطيئة” انتخاب رئيس لجنة النواب ونائبه.
ويدعم تسمية ميقاتي ثنائي حركة أمل وحزب الله، واللقاء الديمقراطي واللقاء الوطني المستقل، وعدد ملحوظ من النواب المستقلين أو الذين فازوا خارج إطار ترشيح تيار المستقبل، ونواب الطاشناق.
وقالت أوساط سياسية إن الرئيس اللبناني قد عبّر خلال لقاءات مع عدد من زواره في قصر بعبدا عن عدم ممانعته فكرة تجديد الثقة في حكومة ميقاتي، ما لم يتعارض ذلك مع الدستور.
وقال ميقاتي في وقت سابق إنه لا يسعى إلى رئاسة الوزراء، مؤكدا ترحيبه في حال الاتجاه لعدم تكليفه بتشكيل الحكومة، وذلك في إطار رده على ما تردد عن وجود توافق بهذا الشأن.
وبعد أن أفرزت نتائج الانتخابات النيابية عن عدم وجود أكثرية نيابية، بدأ البحث بالتوازي في خيارات أخرى في حال تعذر تشكيل حكومة جديدة في وقت سريع.
ويطرح حزب الله بقوة تعويم حكومة تصريف الأعمال عبر تجديد الثقة بها أمام مجلس النواب الجديد، كي تستعيد فعاليتها للمرحلة المقبلة من الولاية الرئاسية، لتعود إلى تصريف الأعمال بعدئذ، حكومية كانت أم رئاسية في حال تعذر انتخاب رئيس للجمهورية.
وتؤكد المصادر أن الأسباب الموجبة لهذا الطرح، أن الفترة المتبقية من عمر الولاية الرئاسية قد تضيع في الاستشارات والمشاورات والمحاصصات، دون التوصل إلى حكومة جديدة لن يتجاوز عمرها في السلطة فترة الأربعة أشهر.
وبعملية التعويم هذه، تستمر هيمنة الثنائي الشيعي على الحكومة، بعيدا عن التغييريين، كما استمرت على مجلس النواب من خلال عدم توحد النواب الجدد على موقف واحد من نيابة رئاسة المجلس على الأقل، ما أفضى إلى احتفاظ حزب الله وحركة أمل بالسيطرة على المطبخ التشريعي.
وإذا ما بقيت المواقف على حالها، لا تستبعد المصادر أن تأتي الحكومة الجديدة مشابهة للحكومة الحالية مع بعض التعديلات في توزيع الحقائب، إلى جانب تغيير في الأسماء أو معظمها.
ويقول مراقبون إن حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة ميقاتي بدأت مسارا يجب أن يُستكمل، وقد يكون من المجدي أن تستكمله بنفسها تفاديا لأيّ تضييع للوقت، فضلا عن كونها نجحت إلى حدّ بعيد في الحصول على مظلّة إقليمية ودولية، واستطاعت “كسب ودّ” الدول الشقيقة والصديقة، رغم كلّ الأزمات التي عصفت بالعلاقات في المرحلة الماضية.
ولفتت مصادر سياسية إلى معلومات تفيد مؤخرا بأن باريس التي تبدي رضاها على أداء ميقاتي وحكومته بنسبة جيدة، قد تعمل على توفير الدعم الخارجي له من أجل تأليف الحكومة الجديدة، فإذا ما توافر القرار الدولي والإقليمي فإن تأليف الحكومة لن يكون صعبا أو مستعصيا.