مؤشرات حذرة ترسم ملامح تعافي الاقتصاد العالمي

واشنطن - رسمت إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة آفاقا حذرة لتعافي الاقتصاد العالمي خلال العام الجاري، بالنظر إلى استمرار المنغصات التي لا تزال تؤثر على مسار النمو في مختلف المناطق.
وتوقع تقرير الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه لعام 2025 الصادر عن الأمم المتحدة الخميس استقرار النمو الاقتصادي العالمي عند 2.8 في المئة خلال العام الجاري، دون تغيير عن العام السابق.
وذكر معدو التقرير أن “توقعات النمو الإيجابية ولكن الأبطأ إلى حد ما للصين والولايات المتحدة” ستستكمل بالتعافي المتواضع في الاتحاد الأوروبي واليابان وبريطانيا والأداء القوي في بعض الاقتصادات النامية الكبيرة، ولاسيما الهند وإندونيسيا.
وأشاروا إلى أن على الرغم من التوسع المستمر، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بوتيرة أبطأ من متوسط العقد الذي سبق تفشي الوباء والبالغ 3.2 في المئة.
2.8
في المئة نسبة النمو هذا العام وهي نفس نسبة العام الماضي، بحسب توقعات الأمم المتحدة
وقالوا في تقريرهم “يعكس هذا الأداء الضعيف التحديات الهيكلية المستمرة مثل ضعف الاستثمار، وتباطؤ نمو الإنتاجية، ومستويات الديون المرتفعة، والضغوط الديموغرافية.”
وبحسب الترجيحات، سيتباطأ نمو الولايات المتحدة من 2.8 في المئة العام الماضي إلى 1.9 في المئة خلال عام 2025 مع ضعف سوق العمل وتباطؤ إنفاق المستهلك.
وفي حين كان النمو في الصين يقدر بنحو 4.9 في المئة لعام 2024 فمن المتوقع أن يبلغ 4.8 في المئة هذا العام مع تعويض الاستثمارات في القطاع العام والأداء القوي للصادرات جزئيا عن ضعف نمو الاستهلاك وضعف قطاع العقارات المستمر.
في المقابل ستتعافى أوروبا بشكل متواضع مع زيادة النمو من 0.9 في المئة بنهاية العام الماضي إلى 1.3 في المئة خلال عام 2025، “بدعم من تخفيف التضخم وأسواق العمل المرنة”، وفقا للتقرير.
ومن المتوقع أن تظل منطقة جنوب آسيا أسرع منطقة نموا في العالم، حيث من المتوقع أن يتوسع الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي بنسبة 5.7 في المئة هذا العام و6 في المئة سنة 2026، بدعم من الأداء القوي للهند والتعافي الاقتصادي في بوتان ونيبال وباكستان وسريلانكا.
وتشير الاحتمالات إلى أن النمو ينتعش في الهند، أكبر اقتصاد في جنوب آسيا، بنسبة 6.6 في المئة هذا العام على أن يبلغ 6.8 في المئة بنهاية العام المقبل، مدفوعا بالاستهلاك والاستثمار الخاص القوي.
أوروبا ستتعافى بشكل متواضع مع زيادة النمو من 0.9 في المئة بنهاية العام الماضي إلى 1.3 في المئة خلال عام 2025
ويعتقد معدو تقرير الأمم المتحدة أن تخفض البنوك المركزية الكبرى أسعار الفائدة بشكل أكبر خلال هذا العام مع تخفيف الضغوط التضخمية.
وفي خضم ذلك، من المتوقع أن ينخفض التضخم العالمي من 4 في المئة مسجلة العام الماضي إلى 3.4 في المئة في عام 2025، مما يوفر بعض الراحة للأسر والشركات.
ويدعو خبراء الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات جريئة متعددة الأطراف لمعالجة الأزمات المترابطة، بما في ذلك الديون وعدم المساواة وتغير المناخ.
وأضاف التقرير أن “التيسير النقدي وحده لن يكون كافيا لتنشيط النمو العالمي أو معالجة التفاوتات متزايدة الاتساع”.
وكان صندوق النقد الدولي قد حذر في أكتوبر الماضي من أن الحروب والتوترات التجارية والديون المرتفعة والنمو المنخفض مخاطر تهدد بإطالة أمد فترة اقتصادية باهتة، وتقلص موارد الدول للحد من الفقر ومواجهة تغير المناخ.
وأشارت المديرة العامة للصندوق كريستالينا جورجييفا في خطاب ألقته آنذاك في واشنطن إلى أن ارتفاع أسعار المستهلكين عالميا، والصراعات في الشرق الأوسط وأوروبا، وآفاق النمو المتوسطة التي تُعتبر “أبعد ما تكون عن المستوى الجيد بما يكفي”، هي أسباب لتوخي الحذر، رغم توقع هبوط اقتصادي سلس.
وفي الوقت نفسه، أكدت أن المخاوف المتعلقة بالأمن القومي تدفع بعض القوى الكبرى في العالم إلى اتباع سياسات صناعية حمائية تركز على الشأن المحلي، فيما يُعد انتقادا ضمنيا للتنافس الجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين.
وحتى قبل فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية بأسابيع كان الصندوق قلقا من الحمائية التجارية. وقالت جورجييفا إن تصاعد الحواجز التجارية “يشبه صب الماء البارد على اقتصاد عالمي فاتر بالفعل.”
وتأتي هذه النزاعات “في وقت تشير فيه توقعاتنا إلى عوامل مختلطة من النمو المنخفض والديون المرتفعة، ما ينذر بمستقبل قاس”، بحسب مديرة صندوق النقد.