مؤشرات إيجابية تُظهر تنامي قدرات القطاع السياحي العُماني

تؤكد الدلائل الإيجابية على أن القطاع السياحي العماني بدأ يُظهر قدرة أكبر على الفاعلية والنمو مع تمسك المشرفين عليه بمعاضدة جهود الحكومة في التنمية، رغم أن زيادة تنشيطه لا تزال تحتاج إلى بذل المزيد من الجهد لكي تحقق هذه الصناعة أهدافها.
مسقط - تلقت سلطنة عمان دفعة جديدة في سياق خططها لتطوير صناعة السياحة كأحد ركائز إستراتيجيتها طويلة المدى، والتي تؤسس لبناء اقتصاد متنوع غير معتمد على ما يتم تحصيله من عوائد النفط والغاز.
ورفعت فيتش للأبحاث الاقتصادية توقعاتها الإيجابية لانتعاش السياحة في البلد الخليجي خلال العام الجاري مع ترجيح خبراء الوكالة نموا أقوى للقطاع خلال فترة التوقعات متوسطة المدى.
وكشف تقرير دولي صادر عن شركة بي.أم.أي التابعة للوكالة أن نشاط السياحة في عُمان خلال العام الماضي كان أقوى من المتوقع مع استمرار التوقعات الإيجابية للعام الجاري.
وذكرت وكالة الأنباء العمانية الرسمية أنه تم رصد تقرير السياحة في عُمان من خلال مصادر الوكالة التي تتضمن التقييم المستقل، وتوقعات الإنفاق بالقطاع ومؤشرات وصول المسافرين ومغادرتهم وفق وسيلة النقل وسبب السفر والمنشأ والوجهة وسوق الإقامة.
وأشارت بي.أم.أي إلى أنه من المقدر أن يبلغ إجمالي عدد زوار البلاد هذا العام نحو 3.5 مليون سائح، بزيادة نسبتها 20.8 في المئة بمقارنة سنوية.
كما أنَّ النمو السنوي المتوقع على المدى المتوسط خلال الفترة بين 2023 و2027 يبلغ 7.4 في المئة مع استمرار الطلب على السياحة الترفيهية والتجارية، ودعم الانتعاش الاقتصادي وزيادة أسعار النفط للاستثمارات بالقطاع السياحي.
وأظهر الطلب العالمي على قطاع السفر تسارعا في النمو في الفترة الماضية مع عودة حركة النقل الجوي بشكل ملحوظ عقب تخفيف قيود الإغلاق التي فُرضت لتطويق وباء كورونا، ورغم ارتفاع التكاليف بالنسبة إلى الشركات والمستهلكين.
وينظر المسؤولون العمانيون إلى 2023 على أنه عام استرجاع حركة السفر إلى وتيرتها المعتادة كما كانت قبل الأزمة الصحية وربما تجاوز أرقام سنة 2019.
ومع ذلك تواجه صناعة السياحة في عُمان منافسة من دول المنطقة، مثل الإمارات والسعودية، حيث عزز أكبر اقتصاد عربي أشكال السياحة الأخرى غير الدينية، بضخ استثمارات فوق 50 مليار دولار منذ 2016، لتحقيق “رؤية 2030”.
واتجه البلد، وهو الأضعف اقتصاديا بين جيرانه الخليجيين، منذ سنوات لتنويع اقتصاده، مركزا على السياحة كبديل واعد لقطاع الطاقة الذي شكل في الأعوام التي سبقت ظهور الوباء 86 في المئة من إيرادات الدولة فيما ارتد تراجع أسعار النفط سلبيا على الموازنة.
ويتوقع خبراء بي.أم.أي أن تكون منطقة الشرق الأوسط أكبر مستقبل للسياح خلال هذا العام، حيث سيبلغ عدد القادمين من المنطقة 1.5 مليون زائر.
وسيتبع ذلك منطقة آسيا والمحيط الهادئ بأكثر من 606.3 ألف سائح وأوروبا بحوالي 320.6 ألف سائح، وسيصل عدد القادمين من أفريقيا إلى 72 ألفا، ومن الشمال ستكون أميركا مصدرًا لأكثر من 72.8 ألف زائر.
3.5
مليون سائح يتوقع أن يزوروا البلاد هذا العام بنمو نسبته 20 في المئة بمقارنة سنوية
وترى بي.أم.أي أن السياحة العمانية ستحقق مكاسب ثابتة حتى 2027 وما بعده، حيث سيتم دعم الآفاق بعيدة المدى من خلال توجهات التنويع الاقتصادي ومستهدفات “رؤية 2040” استنادًا للجهود التي تبذلها الحكومة.
وتمضي مسقط في تنفيذ خطة التنمية السياحية الشاملة التي تم اعتمادها لتنمية القطاع، من خلال برامج الحوكمة والإدارة وبناء القدرات وبرامج التخطيط والاستثمار والتنافسية، ولزيادة المحتوى المحلي.
وتشهد السياحة العمانية تحولات كبيرة من شأنها أن ترتقي بالقطاع نحو آفاق أوسع وأرحب لتعزيز البنية الأساسية السياحية عبر جذب رؤوس الأموال الأجنبية وإيجاد فرص استثمارية سياحية متكاملة مع القطاع الخاص وتعزيز فرص الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وتؤكد الحكومة أن الحوافز، التي تم الإعلان عنها طيلة الفترة الماضية في ظل الإصلاحات الاقتصادية، أسهمت في التخفيف من حدة تأثيرات الأزمة الصحية على القطاع والعاملين فيه.
وتبذل وزارة السياحة منذ فترة جهودا كبيرة بالتعاون مع الجهات المختصة من القطاعين الحكومي والخاص لتطوير وجهات سياحية مربحة ومستدامة من أجل تحقيق النمو الاقتصادي.
وتدعم الوزارة قطاع السياحة عبر الاستثمارات في البنية الأساسية وكذلك العديد من نقاط القوة المتمثلة في تنفيذ خطة شاملة لجذب المزيد من الزوار ليصل إلى 11 مليون زائر سنويا بحلول عام 2040.

وتشمل خطة الوزارة أيضا مشاريع سياحية وتراثية جديدة، مما يرفع إجمالي الاستثمارات في القطاع وفق ما أشار إليه التقرير.
وثمة العديد من المشاريع قيد التطوير حاليا إلى جانب التركيز على سياحة المغامرات، ومن المقرر الانتهاء منها بحلول عامي 2025 و2026، فضلا عن عدد من المشاريع الكبرى الأخرى.
وبالإضافة إلى الدعم الحكومي وأهداف النمو الطموحة، فإن القطاع يتعزز بمناطق الجذب الطبيعية والحياة الفطرية والإرث التاريخي والثقافي المنعكس على العديد من المواقع التراثية والقرب من الأسواق السياحية.
وتوفر البلاد تجارب مميزة منها أماكن بدرجات حرارة استثنائية خلال الصيف، مع مجموعة متنوعة من المغامرات وفرص السياحة البيئية والموانئ لاستقبال الرحلات السياحية، ومطار مسقط الدولي الذي تبلغ طاقته الاستيعابية 12 مليون مسافر سنويا.
وأشار تقرير بي.أم.أي إلى العديد من الفرص التي تعمل مسقط على استغلالها؛ ومنها مناطق الترفيه والجذب، وكذلك سياحة المغامرات التي تكتسب زخمًا متناميًا والسياحة الترفيهية والبحرية.
وإلى جانب ذلك تواصل الجهات المعنية بالسياحة إقامة علاقات جديدة واتصالات مع المزودين بخدمات العطلات من الأسواق الناشئة وكذلك الاستثمارات القوية والتركيز على المنصات الرقمية لدعم حجوزات القطاع خلال العطلات.

كما أن قطاع السفن السياحية يشهد نموا متواصلا، ما تنتج عنه فرص ذات صلة عبر قيام زوار السفن السياحية بجولات سياحية، الأمر الذي يدعم شركاء القطاع.
وبالإضافة إلى ذلك هناك فرص قائمة في الترويج السياحي بحملات متعددة الأبعاد تعمل على التسويق لسلطنة عُمان كوجهة شاطئية وجبلية وثقافية، وكذلك عدد من التدابير مثل التطوير والتوسع في التأشيرات السياحية وميزة التأشيرات الإلكترونية.
ويشير تقرير صادر عن شركة فورورد كيز الرائدة عالميًّا في مجال بيانات وتحليلات السفر، إلى أنَّ عُمان سجلت زيادة بنسبة 126.7 في المئة في الرحلات الدولية الجوية القادمة خلال النصف الأول من العام الحالي.
وجاءت هذه الزيادة من عدد من الأسواق العالمية في المنطقة وخارجها، وذلك بمعدلات إقامة ليلة واحدة كحد أدنى.