مؤتمر وطني فلسطيني للالتفاف على جهود إقناع حماس بالتخلي عن حكم غزة

حركة فتح تهاجم مؤتمر الدوحة: من يقفون خلفه مجموعات ضالة.
الاثنين 2025/02/17
رهينة الحسابات الضيقة

تشهد الساحة الفلسطينية تجاذبات حول مؤتمر وطني سيجري عقده في قطر، والذي يقول القائمون عليه إنه يهدف إلى تشكيل قيادة فلسطينية موحدة وإعادة هيكلة منظمة التحرير بما يشمل جميع القوى السياسية من ضمنها حركة حماس.

الدوحة - يثير المؤتمر الوطني الفلسطيني المقرر عقده الاثنين في العاصمة القطرية الدوحة الكثير من الجدل وسط اتهامات من حركة فتح للقائمين عليه بأنهم “مجموعات ضالة” هدفها ضرب منظمة التحرير، بما يتقاطع والأهداف الجارية لتصفية القضية الفلسطينية.

ويأتي عقد مؤتمر الدوحة في وقت تعكف فيه دول عربية في مقدمتها مصر والسعودية على بلورة تصور بديل عن الخطة المثيرة للجدل للرئيس الأميركي دونالد ترامب الرامية إلى تهجير سكان غزة.

ومن ضمن النقاط التي تجري مناقشتها عربيا هو وضع جدول زمني لإعمار القطاع المدمر، مع إقناع حركة حماس بجدوى التخلي عن حكم غزة، حتى لا يكون بقاؤها ذريعة للإدارة الأميركية والحكومة اليمينية في إسرائيل للمضي قدما في الضغط من أجل تهجير الغزيين.

في المقابل فإن ما يطرحه المؤتمر الوطني الفلسطيني الذي روجت له قطر بشكل لافت على مدار الأيام الماضية، هو تشكيل قيادة فلسطينية موحدة وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية بما يشمل جميع القوى السياسية في إشارة إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي.

روحي فتوح: أطراف إقليمية تسعى إلى فرض وصايتها على القرار الفلسطيني
روحي فتوح: أطراف إقليمية تسعى إلى فرض وصايتها على القرار الفلسطيني

ويقول مراقبون إن ما يدعو إليه القائمون على المؤتمر من شأنه خلط الأوراق الجاري العمل عليها من قبل مصر والسعودية ودول عربية أخرى، وتشتيت الرؤى وهذا يخدم بشكل غير مباشر الموقف الإسرائيلي، ليس فقط في غزة وإنما في الضفة الغربية أيضا.

ويوضح المراقبون أن إعادة بناء منظمة التحرير بما يشمل حركة حماس، مثلما يطالب القائمون على مبادرة المؤتمر الوطني، سيعني بالضرورة نهاية المنظمة، فالولايات المتحدة لن تقبل بالأمر، فيما سيوظف اليمين المتطرف الإسرائيلي ذلك من أجل ضرب الجهة الوحيدة التي يعترف بها المجتمع الدولي كممثل للشعب الفلسطيني.

وترفض الإدارة الأميركية بشدة أن يكون هناك أي دور لحماس في حكم غزة. وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد، إن حركة حماس يجب ألا تظل القوة الحاكمة في قطاع غزة.

وأضاف روبيو “طالما ظلت (حماس) قائمة كقوة يمكنها الحكم أو الإدارة أو قوة يمكنها التهديد باستخدام العنف، يصبح السلام مستحيلا”، مشددا على أنه يجب القضاء على حماس.

وهاجمت اللجنة المركزية لحركة “فتح” الأطراف التي تقف خلف عقد المؤتمر الوطني الفلسطيني وقالت “إن الدعوات لعقد مؤتمر في إحدى عواصم المنطقة بحجة إصلاح المنظمة، تتقاطع في هذه المرحلة المصيرية مع مخطط تصفية القضية الفلسطينية، ودعوات التهجير والضم وإزاحة حل الدولتين عن جدول الأعمال الدولي.”

وأضافت اللجنة المركزية في بيان، أن “من يقفون وراء هذه المحاولات المشبوهة عملوا على مدار السنوات الماضية على تعميق الانقسامات وتمزيق وحدة الصف الفلسطيني، وتخريب النخب الفلسطينية والعربية، وإن محاولاتهم اليوم وفي هذا التوقيت العصيب على الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية وعلى المشروع الوطني، ما هي إلا خدمة لنتنياهو وحكومته المتطرفة التي تعمل ليلا ونهارا لتقويض قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.”

وحذرت اللجنة المركزية من الانجرار وراء هذه المحاولات، مؤكدة أنها على ثقة أن الشعب الفلسطيني سيفشل أي محاولة تستهدف الاطاحة بأحد أهم مكتسباته، والمتمثل بالاعتراف العربي والدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل وحيد  للشعب الفلسطيني في جميع المحافل الدولية، مشيرة أن ثمن هذا الإنجاز الوطني كان من دم الشعب الفلسطيني وتضحياته، وأنها لن تسمح بالمس به أو القفز عنه خصوصا في هذه اللحظة التاريخية المصرية، التي يسعى فيها البعض إلى إعادة عقارب الزمن إلى الوراء وتحويل الشعب الفلسطيني إلى مجموعة من البشر لا هوية له ولا حقوق وطنية مشروعة معترف بها.

وشددت اللجنة المركزية أن “فتح” لن تسمح لمجموعات ضالة من النيل من إرادة وعزيمة الشعب الفلسطيني وإصراراه على مواصلة النضال على درب الحرية والاستقلال، درب الشهداء والأسرى الأبطال، مشيرة أن كافة المحاولات التي تستهدف منظمة التحرير الفلسطينية والقيادة الشرعية للشعب الفلسطيني مصيرها مزبلة التاريخ.

من جهته أصدر رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح بيانا أعلن فيه عن رفضه “أي محاولة لتجاوز منظمة التحرير أو إنشاء أطر بديلة خارج إطارها الشرعي، خاصة عندما تأتي هذه المحاولات مدعومة من أطراف إقليمية تسعى إلى فرض وصايتها على القرار الوطني الفلسطيني، وتعمل على تفريغه من مضمونه.”

 وقال البيان إن “إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية حق مشروع وواجب وطني، لكنه يجب أن يتم من داخل المنظمة، عبر الأطر الشرعية المتمثلة في المجلس الوطني والمجلس المركزي، وبما يعزّز وحدتها ومكانتها كمظلّة جامعة لكل الفلسطينيين”. واعتبر فتوح أن “تحالفات مشبوهة تسعى للقفز على الإرادة الوطنية، والتنكّر لتضحيات الشهداء ومعاناة الأسرى،” وهذا “نهج مرفوض جملة وتفصيلًا.”

من ضمن النقاط التي تجري مناقشتها عربيا هو وضع جدول زمني لإعمار القطاع المدمر، مع إقناع حركة حماس بجدوى التخلي عن حكم غزة

وفي رد على بيانات التشكيك قال القائمون على المؤتمر “إن الهدف الأساس والوطني للمؤتمر وآلاف المجتمعين والمنضوين تحت رايته هو الدفاع عن منظمة التحرير وجوهرها ودورها وشرعية تمثيلها وإعادة الاعتبار لمكانتها ودورها الكفاحي، واستعادة المجلس الوطني الفلسطيني، وإنهاء التهميش الذي آلت إليه هذه المؤسسات الوطنية، التي بذل الشعب الفلسطيني الغالي والنفيس من أجل تأسيسها والدفاع عن شرعيتها.”

ورفض البيان، “لغة التخوين التي وردت في بعض هذه البيانات في هذه اللحظة التاريخية الخطيرة من الإبادة ومؤامرات التهجير والضم والتهويد التي تُحاك ضد شعبنا.” وأكّد أنه لن ينزلق إلى أية مهاترات أو بيانات واتهاماتٍ لا تليق بالمؤسّسات الوطنية، التي يدّعي كتّاب هذه البيانات أنهم ينطقون باسمها، سواء كانت حركة فتح التاريخية الوطنية، أو منظمة التحرير، أو المجلس الوطني الفلسطيني.”

وبعيدا عن النبش في النوايا، والدوافع لعقد المؤتمر الوطني فإن ما يجري من سجالات بشأنه سيعمق بالتأكيد الانقسامات والتشرذم الحاصل على الساحة الفلسطينية في الوقت الذي تبذل فيه دول عربية جهودا كبيرا من أجل التصدي لخطط تهجير الغزيين وما لذلك من ضربة قاصمة لخيار حل الدولتين.

وخلال استقباله لرئيس المؤتمر اليهودي العالمي دونالد لاودر، أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن إقامة دولة فلسطينية هي “الضمانة الوحيدة” لسلام دائم في الشرق الاوسط.

وبحسب بيان للرئاسة المصرية، فقد شدد الرئيس المصري على “أهمية البدء في إعادة إعمار قطاع غزة، مع ضرورة عدم تهجير سكانه من أراضيهم،” مشيرا إلى أن “مصر تعد خطة متكاملة في هذا الشأن.”

وأورد بيان الرئاسة المصرية أن لاودر الذي يزور القاهرة، أكد أنه “يتطلع إلى المقترح المصري/العربي بشأن غزة، مشددا على أن السلام هو الأمل ويتعين تحقيقه من خلال حل الدولتين.”

2