مؤتمر للإعلام في إسطنبول.. حدود الرد التركي على إسرائيل

أنقرة تمد الإسرائيليين ببضائعها وتهتف ضد الحرب في غزة.
الاثنين 2024/02/26
دعم قضية الفلسطينيين بمسابقة صور!

إسطنبول- بالغت تركيا في إظهار تعاطفها المعنوي مع الفلسطينيين دون أن تتخذ خطوة واحدة تحول بها تحركاتها الدعائية إلى عمل ملموس يعود بالفائدة على من يعانون من القصف يوميا في قطاع غزة.

ووجد النظام التركي في مؤتمر استضافته إسطنبول لوزراء إعلام الدول الإسلامية فرصة لتعزيز موقفه الزاعق من ممارسات الجيش الإسرائيلي، مع أن أنقرة كانت قد رفعت من مستوى صادراتها إلى إسرائيل بعد اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر الماضي.

ودعا وزراء إعلام الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي الأحد بقية دول العالم إلى الاعتراف بدولة فلسطين على أساس حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ووقف الحرب المدمرة المتواصلة على غزة.

أيمن الرقب: المواقف الشعبوية لن تخفف معاناة الفلسطينيين
أيمن الرقب: المواقف الشعبوية لن تخفف معاناة الفلسطينيين

وأكد البيان الختامي الصادر عن اجتماع استثنائي لوزراء الإعلام في دول المنظمة أن حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين هو السبيل الوحيد لضمان السلام والأمن في المنطقة بشكل دائم وشامل وثابت.

وهو تصور شددت عليه دول عربية عديدة، وأيدته قوى كبرى، لكنه لا يجد مساندة سياسية تجبر إسرائيل على انتهاجه، ولم تقدم أنقرة رؤية محددة للوصول إلى ذلك أو تشارك في محادثات جادة بشأنه، لا من قريب ولا من بعيد، مكتفية بصوت يرتفع من حين إلى آخر لعلّ بعض الفلسطينيين يطربون له.

ومنذ بدء الحرب في أكتوبر الماضي لم يتوقف المسؤولون الأتراك، وفي مقدمتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن إدانة الحرب الإسرائيلية على عزة والتعهد بمساعدة الفلسطينيين دون أن يترجم ذلك إلى موقف واضح.

وكان أردوغان قال في كلمة ألقاها أمام تجمع جماهيري في ولاية بالكسير غربي تركيا الجمعة إن بلاده ستستخدم كل الوسائل المتاحة لوقف الظلم في قطاع غزة والمضايقات بمدينة القدس، مضيفا “من يدعي أن هذه القضية لا علاقة لنا بها فهو إما لا يعلم ما يحصل في العالم أو يعمل لمصلحة الآخرين”.

وبدت الصياغة التي حاكها بيان وزراء الإعلام منسجمة مع المواقف التركية الهادفة إلى إبراء الذمة والمداراة على علاقاتها الخفية مع إسرائيل، فصادراتها في مجال السلع والخضروات لم تتوقف، وقامت بتعويضها عن النقص الناجم عن تعرض جماعة الحوثي في اليمن إلى سفن متجهة نحو إسرائيل من جنوب البحر الأحمر.

وأظهرت بيانات رسمية من وزارة الزراعة الإسرائيلية، نشرت الأسبوع الماضي، قائمة تضم عددا من الدول التي استمرت في تصدير الخضروات والفواكه إلى إسرائيل بعد حرب السابع من أكتوبر الماضي على رأسها تركيا والأردن.

وارتفعت الصادرات التركية إلى إسرائيل بنسبة 35 في المئة خلال فترة الحرب الإسرائيلية على غزة، ووفقًا لبيانات وزارة التجارة في تركيا بلغت الصادرات التركية إلى إسرائيل 319.5 مليون دولار في نوفمبر، وارتفعت في الشهر الثاني من الحرب على غزة بنسبة 34.8 في المئة خلال ديسمبر إلى 430.6 مليون دولار.

وبالرغم من أن النظام التركي أعلن عن انفتاحه على دول ناصبها العداء بسبب دعمه لجماعة الإخوان التي تراجعت على قائمة أولوياته الإقليمية حاليا، فإن خطابه الشعبوي يوحي باحتفاظه بميْل إلى القوى الإسلامية ويرسل إلى الجناح المؤيد لها داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم مؤشرات على أنه مازال قابضا على جمر الإخوان، مستفيدا من المأساة الإنسانية التي تعرضت لها شريحة كبيرة من فلسطينيي غزة.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس أيمن الرقب لـ”العرب” إن “الخطب الرنانة التي يطلقها بعض القادة في المنطقة لن تنقذ الفلسطينيين، وإذا كان هذا صعبا بحكم تشابك المصالح، فعلى الأقل يكون هناك اتساق بين ما هو معلن وما يجري في الخفاء، فعندما احتاجت إسرائيل شحنات إضافية من الفواكه والخضروات جاءتها من تركيا”.

وأضاف الرقب أن المواقف الشعبوية لن تخفف معاناة الفلسطينيين، وإذا أراد النظام التركي دعمهم فعليه أن يتبنى موقفا متقدما على الأرض يؤكد به قوة الروابط بين الشعبين، فقد “هرمنا من المتاجرة السياسية بالقضية الفلسطينية”، بالإضافة إلى تفكيك علاقاته الاقتصادية مع إسرائيل في زمن لا يجد فيه سكان غزة قوت يومهم.

وأكد لـ”العرب” أن “بعض وسائل الإعلام التركية ومنصات التواصل الاجتماعي تتبنى الرواية الفلسطينية في الحرب، وهو أمر جيد وبحاجة إلى أن يكون الفعل السياسي متسقا مع ذلك كي يصبح هناك مردود كبير يصب في صالح القضية الفلسطينية”.

وأشاد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه خلال اجتماع وزراء الإعلام بدور تركيا الرائد في مساندة الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة.

وكانت القمة العربية – الإسلامية التي عقدت بالرياض في الحادي عشر من نوفمبر الماضي قد قررت إنشاء وحدة رصد إعلامي في الأمانة العامة للمنظمة لتوثيق وفضح الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية، لا أحد يعرف ماذا حققت، وإلى من ذهب التوثيق.

وعُقد الاجتماع الاستثنائي لوزراء إعلام دول منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول لبحث الاعتداءات الإسرائيلية على الصحافيين في الأراضي الفلسطينية وممارساتها بشأن ما تردد حول تضليل الرأي العام العالمي، وحضره وزراء الإعلام بدول المنظمة، ورؤساء المؤسسات المسؤولة عن الإعلام في الدول الإسلامية.

1