مؤتمر لقوى الحرية والتغيير يبحث العدالة الانتقالية في السودان

الخرطوم – أعلنت قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) أن الأسبوع المقبل سيشهد مؤتمرا يبحث العدالة الانتقالية في السودان، بعد أن فرغ الائتلاف من وضع تصورات لثلاث من القضايا، وذلك بهدف الإعداد للاتفاق النهائي بين الأطراف المدنية والعسكرية الموقعة على الاتفاق الإطاري.
وفي الخامس من ديسمبر الجاري، وقّعت قوى سياسية وأجسام مهنية اتفاقا إطاريا مع المكون العسكري، يتعلق بتسليم السّلطة إلى المدنيين بعد توقيع اتفاق نهائي لإطلاق فترة انتقال جديدة.
ونقل موقع "سودان تربيون" عن القيادي في الحرية والتغيير شهاب الطيب قوله إن "الائتلاف وضع تصورات لثلاث من قضايا الاتفاق النهائي التي ستبدأ بمؤتمر للعدالة الانتقالية الأسبوع المقبل".
وأوضح أن القضايا الثلاث التي فرغوا من وضع تصورات لها تتعلق بتفكيك بنية النظام السابق وأزمة الشرق والعدالة الانتقالية.
وأشار إلى عقد مؤتمر للعدالة الانتقالية الأسبوع المقبل بالتزامن مع ورشة عمل لتفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989، في الثالث من يناير المقبل.
وأفاد بأن لجنة التفكيك وإزالة التمكين التي جمدها قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في أولى قراراته بعد تنفيذه انقلابا في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021، ستقدم ورقة عمل حول تجربة نشاطها خلال ورشة العمل.
وذكر شهاب أن الحرية والتغيير تجري اتصالات مع قيادات الشرق هذه الأيام لوضع تصوراتهم حول الورشة، موضحا أن اتفاق السلام وإصلاح قطاع الأمن والدفاع لم يكتمل التصور حولهما إلى الآن.
والأحد، عقد قادة الحرية والتغيير اجتماعا مع المجلس الأعلى للإدارة الأهلية في شرق السودان، ناقش قضايا الشرق والاتفاق الإطاري وتحديات فترة الانتقال.
وأرجأ الاتفاق الإطاري الموقع بين الجيش وقوى الإعلان السياسي بقيادة الحرية والتغيير، مناقشة قضايا العدالة الانتقالية، وإصلاح المؤسسة الأمنية والعسكرية، واتفاقية السلام، وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989، إلى جانب الأوضاع في شرق البلاد، إلى المرحلة النهائية لتحصينها بإجماع أكبر.
وجاء تأجيل ملف العدالة في الاتفاق، رغم أنه أحد شعارات الثورة الثلاثة "الحرية والسلام والعدالة". وسرعان ما أعلنت لجان المقاومة القائدة للاحتجاجات في البلاد، معارضتها للاتفاق، مشيرة إلى أنه تجاهل "مطالب الثورة" كما أنه "يشرعن" بقاء قادة الانقلاب في السلطة.
ورغم وجود نظم اجتماعية في السودان قريبة من مفهوم العدالة الانتقالية، إلا أنه لم يتم تطبيقها من الدولة، على الرغم من مقتل الملايين أثناء الحروب الأهلية في البلاد.
وتتخوف أسر الضحايا من إفلات الجناة من العدالة، في ظل وجود قادة انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر من العام الماضي، كأطراف في الاتفاق الذي من المنتظر أن يحسم قضايا العدالة الانتقالية في البلاد.
وكانت منظمة "أسرة شهداء الثورة السودانية"، قد أعلنت رفضها للاتفاق الإطاري، مشيرة إلى أنه يمهد لتقديم أكباش فداء للقادة العسكريين من الجنود.
وقالت في بيان إنها ترفض قيام أي جهة بالتفاوض بالنيابة عن أصحاب المصلحة، وإنهم فقط من يقررون طريقة تحقيق العدالة لأفراد عائلاتهم الذين قتلوا خلال قمع الأجهزة الأمنية للتظاهرات منذ اندلاع الثورة السودانية في ديسمبر 2018.
وأشارت إلى أنها تلقت الشهر الماضي دعوات من المجلس المركزي للحرية والتغيير والآلية الدولية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وإيغاد، للوقوف على رؤية المنظمة حول العدالة الانتقالية، مبينة أنها أكدت تمسكها بعدم التفريط في العدالة ومحاسبة مرتكبي الجرائم والحرص على عدم الإفلات من العقاب.
وأبدت قلقها من أنباء عن ترتيبات لتتم محاكمة مجموعة من الضباط والجنود الصغار بتهم إطلاق الرصاص على المتظاهرين، على أن تستثنى في المحاكمات القيادات العليا في الجيش، بمن فيهم البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو "حميدتي"، معتبرة ذلك محاولة للإفلات من العقاب، والتضحية بصغار العسكر.
وشددت على وجوب محاكمة كل من خطط ودبر ونفذ تلك الجرائم، مضيفة أنه "لا يمكن تأسيس دولة القانون التي كان يحلم بها الضحايا، دون تحقيق العدالة، وأن الإفلات سيؤدي إلى إعادة نفس المشهد وارتكاب مجازر أخرى للأجيال المقبلة".
وبدأ الحديث عن العدالة الانتقالية منذ إطاحة الثورة الشعبية بنظام الرئيس المعزول عمر حسن البشير، بينما ظلت عائلات الضحايا تبحث عن العدالة لمئات الشهداء الذين قتلوا منذ بداية الثورة، لكن دون جدوى.
وكانت حكومة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، قد شكلت لجنة للتحقيق في فض المجلس العسكري الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، والذي كان يطالب بالحكم المدني في الثالث من يونيو 2019، وراح ضحيته المئات من القتلى والجرحى والمفقودين.
وترأس الخبير القانوني نبيل أديب اللجنة التي تشكلت في أكتوبر 2019، والتي تضمنت مهامها التحقيق في الأحداث والوقائع التي تمت فيها انتهاكات لحقوق وكرامة المواطنين بمحيط القيادة العامة للقوات المسلحة والولايات.
ومنحت صلاحيات تشمل استدعاء أي شخص أو مسؤول حكومي أو نظامي أو موظف عام بغرض الإدلاء بشهادته أو التحقيق وتحديد الأشخاص المسؤولين عن فض الاعتصام بالتحريض أو المشاركة أو الاتفاق الجنائي أو ارتكاب أي انتهاكات أخرى، إلا أنها لم تعلن أي نتائج للتحقيق حتى الآن.
وقبل الانقلاب العسكري كانت اللجنة تعلن من وقت إلى آخر عن إحراز تقدم مطرد في عملها، غير أن في أعقاب الانقلاب لا يبدو واضحا مستوى التقدم الذي أحرزته، وما إذا تعطل عملها بالكامل.
وكانت اللجنة أعلنت عقب انقلاب الجيش على الحكومة الانتقالية عن اقتحام مجموعات عسكرية لمقرها في العاصمة السودانية الخرطوم. ولجنة التحقيق في الاعتصام هي لجنة جنائية مهمتها تنحصر في توجيه الاتهامات وتقديم تقرير بذلك إلى رئيس الوزراء، بالإضافة إلى التحقيقات الجنائية والعدالة العادية.
وحاولت الحكومة الانتقالية السابقة العمل على برنامج للعدالة الانتقالية، حيث بدأ وزير العدل السابق نصرالدين عبدالباري في مشاورات من أجل إنشاء مفوضية للعدالة الانتقالية، في بلد ظل يشهد انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان طيلة تاريخه السياسي بعد الاستقلال.