مؤتمر عربي يناقش في مسقط آفاق صناعة التأمين

تركيز كبير على حشد الاهتمام باستكشاف فرص تطويع الذكاء الاصطناعي في أعمال القطاع.
الاثنين 2024/02/19
من هنا المدخل الجديد إلى المستقبل

تتجه أنظار المهتمين بصناعة التأمين إلى سلطنة عمان التي تستضيف حاليا نسخة جديدة من المؤتمر العربي للقطاع، وسط توقعات ببلورة مجموعة من الإجراءات التي تنهض بهذا المجال الحيوي مع استكشاف فرص تطويع الذكاء الاصطناعي في نشاط القطاع.

مسقط- يركز قطاع التأمين في المنطقة العربية خلال مؤتمر تحتضنه العاصمة العمانية مسقط بداية من الاثنين على سبل الخروج بحلول فعالة للنهوض بهذا المجال، كي يكون مواكبا لطفرة التكنولوجيا وتوسيع الخدمات التي يقدمها مع تحسين جودتها.

وتواجه دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحديات في طريق تحسين وتطوير وتعزيز كفاءة صناعة التأمين لكي تتماشى مع برامج الإصلاح التي تتبعها معظم حكومات المنطقة ولتواكب تنوع الأخطار التي بدأت تتكاثر في السنوات الماضية، ما يوفر منافسة أكبر.

وتتزايد قناعة الخبراء بأن حكومات المنطقة أمام معركة مفصلية للإسراع في تعديل أوتار سوق التأمين، التي صارت أحد القطاعات المهمة في مسار تنشيط المجالات الاقتصادية الإنتاجية والحفاظ على الثروات وممتلكات الأفراد مع التوسع في الرقمنة. وتتيح التقنيات الحديثة فرصا كبيرة تتمثل في تسهيل الوصول إلى الخدمات التأمينية وتطوير النظم الداخلية وخدمات ومنتجات جديدة.

القطاع في المنطقة يضم نحو 600 شركة وجميعها تزخر بإمكانيات نمو كبيرة
القطاع في المنطقة يضم نحو 600 شركة وجميعها تزخر بإمكانيات نمو كبيرة

ويتطلع المشاركون في المؤتمر الإقليمي الرابع والثلاثين للاتحاد العام العربي للتأمين إلى تجسيد شعار دورة هذا العام “من أجل صناعة تأمين عربية أكثر استدامة وشمولية: كيف يمكن للشركات العربية الانخراط في ثورة الذكاء الاصطناعي”.

ويعد هذا الحدث، الذي تنظمه الجمعية العُمانية للتأمين بالتعاون مع الاتحاد العام العربي للتأمين ويقام كل عامين، ملتقى دوريا لممثلي صنّاع سياسات التأمين وشركات وسماسرة التأمين وإعادة التأمين العربية والعالمية.

ويناقش المؤتمر على مدى ثلاثة أيام تطورات الصناعة التأمينية والفرص والتحديات في الأسواق العربية والقضايا المرتبطة بإدارة المخاطر والابتكار والتطورات التكنولوجية والتحول الرقمي والموارد الطبيعية وتجربة المتعاملين وحوكمة القطاع.

وتنعقد على هامش المؤتمر اجتماعات ولقاءات تشاورية بين شركات التأمين ومعيدي التأمين من مختلف البلدان العربية والأجنبية لتعزيز التعاون بما يمهد لقيام أعمال مشتركة وصفقات تجارية.

وأوضح ناصر البوسعيدي رئيس مجلس إدارة جمعية التأمين العُمانية أن أهمية الدورة الحالية تبرز من المحور الأساسي المطروح كشعار للمؤتمر والمتمثل في الاستثمار في ثورة الذكاء الاصطناعي من أجل استدامة الصناعة التأمينية العربية.

ونقلت وكالة الأنباء العمانية الرسمية عن البوسعيدي قوله إن “هدفنا تحفيز شركات التأمين نحو تعزيز قدراتها بالكفاءة اللازمة للمنافسة في سوق التأمين وإعادة التأمين باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لمواكبة المتغيرات”.

44

مليار دولار حجم معاملات القطاع سنويا بحسب إحصائيات صندوق النقد العربي

وأضاف “نريد من القطاع تحقيق السبق في التجديد لاستيعاب المخاطر بما يعزز قدرة الشركات على الاحتفاظ بالأقساط التأمينية في اقتصادات الدول العربية”.

ويحظى المؤتمر باهتمام واسع من قبل العديد من الهيئات والمؤسسات والشركات العاملة في صناعة التأمين العربية والعالمية، وبلغ عدد المسجلين أكثر من 2200 مشارك منهم أكثر من 1800 مشارك من مختلف دول العالم.

تأتي استضافة سلطنة عُمان لهذا المؤتمر الإقليمي بعد فوزها في المنافسة على استضافته في الدورة السابقة، والتي عقدت بمدينة وهران الجزائرية. ويعد تنظيم المؤتمر حدثًا استثنائيا باعتباره من أكبر المؤتمرات التي تستضيفها السلطنة من حيث حجم الحضور ونوعية المتحدثين والموضوعات المطروحة.

ويقول المسؤولون في البلد الخليجي إن ذلك يسهم في تحقيق حزمة من الأهداف، منها الترويج لقدرات وإمكانات قطاع التأمين العماني من أجل الاستمرار في استضافة أحداث بهذا الحجم مستقبلا، ما ينعكس بشكل إيجابي على إثراء الحركة الاقتصادية والنشاط السياحي.

ويلعب القطاع، الذي يحتاج إلى مواكبة الطفرة التكنولوجية بشكل أسرع، دورا هاما في تحقيق أهداف النمو الاقتصادي والتنمية في الاقتصاد العربي، بما يوفره من حماية لممتلكات الأفراد والمؤسسات والمحافظة على الثروات الوطنية.

ناصر البوسعيدي: الاستثمار في ثورة الذكاء الاصطناعي هدفنا للاستدامة
ناصر البوسعيدي: الاستثمار في ثورة الذكاء الاصطناعي هدفنا للاستدامة

وتبرز أهمية نشاط التأمين من خلال مساعدته في استقرار الأعمال وتعويض الأشخاص عن الأضرار التي تطال الممتلكات، باعتباره إحدى وسائل معالجة المخاطر عبر نقل تلك المخاطر إلى الغير.

وتجد الشركات نفسها اليوم في معضلة بسبب تزايد تهديدات الأمن الإلكتروني بفعل موجة الرقمنة وتلك المتعلقة بالتغيرات المناخية، ما يستدعي البحث عن مقاييس جديدة لمعرفة حجم المخاطر والتعويضات التي يمكن أن تساعدها في تنمية أعمالها.

وتملك المنطقة سوقا ضخمة للتأمين، وتشهد الكيانات التي تحتاج إلى إعادة التأمين محليا ودوليا زيادة في الأسعار، حيث تسعى شركات التأمين الكبيرة إلى تحقيق معدلات أعلى وأسعار أقل بشكل عام.

وبينما تشهد الشركات التي تعاني من زيادة الخسارة أو القيم ذات الأصول العالية أو التعرض لمخاطر عالية، فإن شركات أخرى لديها خبرة في إدارة المخاطر بشكل جيد وهي مستعدة لتطوير نشاطها.

وطيلة سنوات سعى قطاع التأمين العربي إلى التأكد من التغطية، ولاسيما بالنسبة إلى انقطاع الأعمال الطارئة، والاستقطاعات، وفترات انتظار انقطاع الأعمال والحد من تعرضها للخسائر الكبيرة كما مرت به أثناء الأزمة الصحية.

وعلى الرغم من أن الكثير من القطاعات في بلدان المنطقة عانت خلال العامين الماضيين جراء قيود الإغلاق، إلا أن قطاع التأمين العربي استطاع تحقيق نمو في قيمته بنهاية العام الماضي.

وشهدت المنطقة منذ 2017 نموا في أسواق التأمين على الرغم من المنافسة بين الشركات، والتي غيرت العديد من إستراتيجيات شركات التأمين، وهو ما جعلها تسعى إلى الانتقاء الجيد للمخاطر.

وتشير إحصائيات صندوق النقد العربي إلى أن القطاع نما خلال السنوات الأخيرة تزامنا مع التطورات التي تشهدها اقتصادات المنطقة العربية، حيث فاق القيمة الإجمالية لهذه السوق 44 مليار دولار بنهاية 2022، مرتفعا بنسبة 1.8 في المئة بمقارنة سنوية.

ومع ذلك تؤكد البيانات تواضع مستويات عمق التأمين في المنطقة إلى ما لا يزيد عن 1.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتباينه بين الدول العربية. وبحسب إحصائيات الاتحاد العربي للتأمين في صناعة التأمين وإعادة التأمين تضم المنطقة 600 شركة جميعها تزخر بإمكانيات كبيرة للنمو، وتتصدر الإمارات الدول العربية في نشاط القطاع.

10