مؤتمر دولي يناقش في مسقط اتجاهات مستقبل الاستثمار السياحي

ركز المستثمرون والخبراء خلال مؤتمر سياحي تحتضنه سلطنة عمان على سبل الخروج بحلول فعالة للنهوض بمجال الاستثمار في هذه الصناعة بشكل أكبر خلال المرحلة المقبلة بالمنطقة العربية، وجعل القطاع أكثر إسهاما في مسار التنمية على نحو مستدام.
مسقط - تسعى العديد من الدول إلى تفعيل خططها المتعلقة بتحفيز اقتصاداتها، متسلحة بمبادرات متنوعة تشمل قطاعات في مقدمتها السياحة والترفيه والصناعة والنقل والخدمات اللوجستية والخدمات المالية والتكنولوجيا.
ولكن صناعة السياحة تبرز كأحد أضلاع الخطط مع تعويل الحكومات على جذب المزيد من الاستثمارات لهذا القطاع الداعم لصناعة الترفيه، والذي تشير التقديرات إلى أنه يسهم بقدر كبير في الناتج المحلي الإجمالي في حال تم تطويره على النحو الأمثل.
ويعد التمويل المستدام والاستثمار في مشاريع القطاع أحد العوامل الرئيسية التي تساعد في تحقيق الأهداف، خاصة مع ابتعاد العالم عن فترة الإغلاق الاقتصادي جراء أزمة كورونا، التي أثرت كثيرا على أنشطة هذا القطاع المهم.
وتطرق المشاركون في مؤتمر الاستثمار في السياحة، الذي نظّمته وزارة السياحة العمانية الخميس، في العاصمة مسقط بعنوان “الاستثمار في السياحة: فرص وتحديات التمويل المستدام” إلى التحديات والفرص التي تساعد على تمويل القطاع بشكل مستدام.
وتهدف مناقشات مسؤولي دول اللجنة الإقليمية للشرق الأوسط لمنظمة السياحة العالمية وعدد من الخبراء بالقطاع وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية إلى تعزيز الوعي بأهمية توجيه التمويل نحو مشاريع سياحية تسهم في النمو الاقتصادي والاجتماعي بطرق مستدامة.
وتبادل المشاركون في المؤتمر الآراء حول سبل تحسين الإدارة والتخطيط المالي وتعزيز القدرات واستعراض الفرص والتحديات لتحقيق استدامة التمويل للقطاع السياحي والتنويع في مصادر التمويل في هذا القطاع.
واعتبر وزير السياحة العماني سالم المحروقي المؤتمر فرصة لبحث أدوات لسلاسل السياحة وأنشطتها المتنوعة لتبنّي نماذج تمويلية واستثمارية وشراكات بين الحكومات والقطاع الخاص والمؤسسات المالية المحلية والإقليمية والدولية والمنظمات غير الحكومية.
ونقلت وكالة الأنباء العمانية الرسمية عن المحروقي قوله في افتتاح المؤتمر إن “التمويل المستدام يُعد إحدى أهم الركائز الأساسية لنمو السياحة، وهو عامل يمكن أن يحدث فارقا كبيرا في تطوير القطاع لتحقيق أهداف التنمية الشاملة التي تستهدفها دول المنطقة”.
وأشار إلى أن الأولوية في هذه المرحلة هي تناول ومعالجة التحديات التي تواجه قطاع السياحة بحلول وممكنات تكاملية على المستوى الإقليمي لتعزيز مكانة المنطقة في خارطة السياحة العالمية.
وأوضح المحروقي أن منطقة الشرق الأوسط أصبحت منافسا ومركز جذب للسياحة الدولية من حيث قيادة مسار انتعاش القطاع عالميا، الأمر الذي يفتح آفاقا أرحب لتعزيز نموه باستناده على العديد من المرتكزات بعدما استقطبت المنطقة استثمارات داخلية وخارجية بارزة.
11.4
في المئة المساهمة السنوية للسياحة في الناتج الإجمالي لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
كما شدد على أهمية بناء قدرات المنطقة لتبني وتنفيذ السياسات والممارسات الداعمة للمحتوى المحلي لتعظيم هذا القطاع المتنامي، لاسيما في مجال المشاركة المجتمعية ودعم المنتجات وتوفير فرص العمل بما يضمن تعزيز النمو الشامل وتحقيق التكامل.
وشكلت الأزمة الصحية المنجرة عن تفشي وباء كورونا صدمة كبيرة للأوساط السياحية بالبلدان العربية في ظل تباين مواقف حكومات المنطقة من إمكانية إنقاذها، بعد أن تراكمت المشكلات على القطاع بشكل غير مسبوق وبددت فرص تعافيها سريعا.
ولكنها اليوم تحاول نفض غبار عامين من الأزمة حيث تظهر المؤشرات الرسمية في دول مثل الأردن وتونس إلى جانب دول خليجية كالإمارات والسعودية أن السياحة بدأت في استعادة عافيتها بشكل تدريجي.
وتعمل الحكومات على اعتماد وتنفيذ خطط لتنويع خدمات ومنتجات القطاع خاصة مع وجود برامج لتنفيذ مشاريع استثمارية ضخمة ستتطلب حين يتم إنجازها في غضون سنوات قليلة الآلاف من الموظفين والعمال، الأمر الذي يدعم سوق العمل ويحفز السياحة بشكل أكبر.
وقبل الوباء، استثمر العرب في السياحة أكثر من 300 مليار دولار، ولكن الدول باستثناء تلك التي تواجه أزمات سياسية عميقة أو حروبا، تتسلح بخطط الإصلاح والتنويع لجذب رؤوس الأموال من الخارج مع تسليم القطاع الخاص جزءا من عملية تنمية القطاع.
وترى نتاليا بايونا، المديرة التنفيذية لمنظمة السياحة العالمية، أهمية كبيرة في رسم الاتجاهات السياحية وممارسات الاستثمار المستدام والسياسات الداعمة للمبادرات مع أهمية استكشاف النمو السياحي في آفاق وفرص الاستثمار السياحي العالمي.
وأكدت في كلمتها على التأثير المتنامي لمنطقة الشرق الأوسط على الاستثمارات السياحية العالمية، خاصة مع الدور الذي تقوم به دول المنطقة في تطور المشهد السياحي العالمي.
وقالت إن من المهم “بذل المزيد من الجهود التشاركية بين مختلف الجهات والقطاعات للتوصل إلى قطاع سياحي ناجح ومستدام”.
وتوقعت المنظمة في تقاريرها السابقة أن يزور المنطقة العربية بحلول عام 2030 ما يزيد عن نحو 225 مليون سائح مع زيادة زخم البرامج الخاصة بالسياحة، ولاسيما من ناحية رصد الأموال اللازمة في الميزانيات السنوية وتعزيز البنية التحتية للقطاع.
وقالت بسمة الميمان، المديرة الإقليمية للشرق الأوسط بالمنظمة، إن “السياحة تبرز كقطاع إستراتيجي يوفر فرصا للعمل ويساعد في زيادة الإيرادات والنمو المستدام، في وقت تشهد فيه المنطقة تحولا كبيرا بالقطاع، تدعمه جهود التنويع الاقتصادي”.
وأشارت في كلمتها إلى أن منطقة الشرق الأوسط قادت حركة انتعاش هذه الصناعة خلال العام الماضي، حيث بلغت نسبة نمو السياحة الوافدة بها 122 في المئة أي نحو 87.1 مليون سائح دولي مقارنة بعام 2019.
وتظهر تقديرات صندوق النقد العربي أن معدل المساهمة السنوية لقطاع السياحة، الذي يمثل مصدرا مهما للنقد الأجنبي، يبلغ حوالي 11.4 في المئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.