مؤتمر دولي في دبي يناقش آفاق تطوير أعمال المناطق الحرة

ستتحول دبي إلى وجهة للشركات والمسؤولين والخبراء وأصحاب المصلحة بداية من الاثنين لمناقشة اتجاهات نشاط المناطق التجارية الحرة في العالم وآفاقها، في ظل وضع عالمي متقلب، بفعل تنامي التوترات الإقليمية والدولية والممزوجة بتغيرات المناخ.
دبي - يركز المستثمرون والحكومات خلال نسخة جديدة من مؤتمر دولي تحتضنه دبي على سبل الخروج بحلول فعالة للنهوض بقطاع المناطق التجارية الحرة خلال المرحلة المقبلة، بما يخدم هذه الصناعة أولا، ويعظم مساهمتها في الاقتصاد العالمي.
وفي ظل وضع قاتم يبدو أن الشركات تتوخى الحذر مع زيادة الظروف غير المواتية على مستوى العالم، خاصة وأنه لا مفر من مواصلة جهود الدول في حلحلة القضايا التي يمكن أن تعيق نمو المناطق الحرة، بما في ذلك تلك المنتشرة في الشرق الأوسط.
وتستضيف الإمارة المؤتمر السنوي العاشر للمنظمة العالمية للمناطق الحرة (دبليو.أف.زد.أو) على مدار ثلاثة أيام لمعالجة الأولويات الرئيسية في القطاع متسلحين بشعار “المناطق الاقتصادية والهياكل الاقتصادية العالمية المتغيرة: استكشاف آفاق جديدة للاستثمار”.
ويؤكد موضوع هذا العام على أهمية التكيف مع المشهد الاقتصادي المتغير. ومن خلال استكشاف فرص الاستثمار الجديدة، يهدف المشاركون إلى ضمان بقاء المناطق الاقتصادية محورية في تسهيل تدفقات التجارة والاستثمار العالمية.
ويجمع الحدث ممثلي المناطق الاقتصادية حول العالم، ويسلط الضوء على دورها في دعم الاقتصادات والتبادل التجاري، باعتبارها تساهم بشكل كبير في زيادة فرص التجارة ودفع عجلة التحول الرقمي، كما تجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة.
ومن المتوقع أن يشارك في المؤتمر الذي تستضيفه دبي للعام الثاني تواليا، ممثلون من أكثر من مئة دولة، وأن يحضره أكثر من ألفين من قادة الأعمال ومسؤولي المناطق الحرة على المستوى العالمي والإقليمي.
وعشية انطلاق الحدث، أكد محمد الزرعوني رئيس المنظمة العالمية للمناطق الحرة التزام دبي بتطوير المنظومة العالمية للمناطق الاقتصادية. وقال إن استضافة دبي لهذا المؤتمر “يعكس حرص الإمارة على المساهمة الفعالة في تطوير المنظومة العالمية للمناطق الاقتصادية باعتبارها العمود الفقري للتجارة الدولية في عصرنا الحالي”.
وتعد المناطق الحرة أدوات سياسية واقتصادية واسعة الاستخدام، وخاصة في البلدان الناشئة والنامية، بهدف توفير ظروف استثمارية جذابة للشركات، وبالتالي تعويض نقاط الضعف في بيئة الأعمال المحلية.
وتنامى دورها بعدما زاد عددها في ظل العولمة خلال العقود الثلاثة الأخيرة، في حين كانت لعقود خلت، موجودة بشكل محدود جدا. والآن، يوجد قرابة 3 آلاف منطقة حرة منتشرة في 150 بلدا، وهي تضم 3 ملايين شركة، ونحو 100 مليون وظيفة مباشرة، بحسب ما تشير إلى ذلك بيانات دبليو.أف.زد.أو.
وهذه النوعية من المشاريع هي عبارة عن أراض تدار وفق قوانين خاصة وقوانين داخلية، وهي مستثناة من القوانين التي تحكم الدولة التي تنتمي إليها ومعفاة من الرسوم الجمركية وتتمتع بالحرية الكاملة في التدفقات الداخلية والخارجية من السلع.
كما أنها أماكن يتوفر فيها مناخ أكثر ملاءمة لزيادة أحجام التجارة والتصدير لبعض النشاطات التجارية والصناعية، مقارنة بالأجزاء الأخرى في دوما ما، ويمكن تخزين البضائع فيها وإعادة تغليفها.
وتقوم المناطق الحرة بدور محوري في التجارة العالمية، إذ يمر عبرها أكثر من ثلث التجارة العالمية، وتدعم اقتصادات الدول من خلال تعزيز المعاملات التجارية وتعزيز التحول الرقمي الشامل، كما تعد حيوية لجذب الاستثمارات الأجنبية ودعم المجالات المختلفة.
ووفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإن المناطق الحرة مسؤولة عن صادرات بقيمة 3.5 تريليون دولار على الأقل سنويا، أي ما يعادل حوالي 20 في المئة من التجارة العالمية في السلع.
◙ 3.5 تريليون دولار صادرات سنوية من المناطق الحرة، أي 20 في المئة من التجارة العالمية
ومع سعي الشركات إلى توسيع قدراتها في مجال النقل الداخلي والخارجي، تستفيد العديد منها بشكل متزايد من قدرة مناطق التجارة الحرة على تقديم فوائد كبيرة.
ويمكن لأي من المستوردين أو المصدرين، بما في ذلك تجار التجزئة والشركات المصنعة المتوسطة والكبيرة، مواجهة تكاليف الرسوم الجمركية والضرائب، وتحسين السرعة في الأسواق العالمية والقدرة التنافسية، والحد من المواجهات مع اللوائح البيروقراطية.
وبالإضافة إلى التأجيلات والإعفاءات الجمركية، توفر شركات سلسلة التوريد المال بطرق أخرى عديدة أيضا، حتى في ظل التوترات نتيجة اضطراب سلاسل التوريد بفعل الأزمات الجيوسياسة والحروب وانتشار الأوبئة وغيرها.
ومن خلال استخدام مناطق التجارة الحرة بشكل إستراتيجي، يمكن للشركات تحسين سلاسل التوريد الخاصة بها، وتبسيط الخدمات اللوجستية والسيطرة على مخزونها، والحد من المتاعب التنظيمية.
ويقول الخبراء إن الأهم من ذلك كله هو قدرتها على الاستفادة من الإعفاءات الضريبية غير المتاحة للشركات العاملة خارج مناطق التجارة الحرة، من بين أمور أخرى.
أرقام عن القطاع
- 100 مليون وظيفة مباشرة توفرها المناطق الحرة
- 3 ملايين شركة متنوعة الاختصاصات تضمها المناطق
- 3 آلاف منطقة حرة حول العالم منتشرة في 150 بلدا
وعلى الرغم من أن مناطق التجارة الحرة غالبا ما يُنظر إليها على أنها فعالة من حيث التكلفة فقط للشركات الكبيرة، إلا أن الحقيقة هي أن أي شركة تقريبا تشارك في أنشطة الاستيراد والتصدير يمكنها العثور على فرص للتوفير من خلال تشغيل منطقة التجارة الحرة.
ومع أنه ليس من الضروري أن تكون لأي بلد منطقة تجارة حرة قبل تبني إستراتيجية إدارة عالمية أوسع، إلا أنها غالبا ما تكون نقطة البداية في رحلة إدارة التجارة العالمية.
وتضم المنظمة العالمية للمناطق الحرة 1606 عضو من 142 دولة، وتتمتع بتمثيل واسع من خلال 12 مكتبا إقليميا حول العالم و42 نقطة اتصال، بحسب المعلومات المنشورة على منصتها الالكترونية.
وتشهد المنظمة اعتمادا متزايدا من المناطق الاقتصادية على مساهمتها وخدماتها وشبكة الشراكات الإستراتيجية النوعية التي تربط بين أعضائها.
ويأتي مع توسع المناطق الحرة بشكل كبير من حيث العدد والحجم والأهمية وارتقاء موقعها ضمن سلسلة القيمة والأنشطة الاقتصادية، وتوسع مجالاتها لتشمل قطاعات جديدة من الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية والرعاية الصحية والتجارة الرقمية.
ويقول المختصون إن هذا الوضع يُعزز من فرص العمل ومن مساهمة المناطق الحرة في الاقتصاد العالمي بأشكال متنوعة. وركّزت المنظمة خلال العقد الأول من تأسيسها على ترسيخ دورها الإستراتيجي في تعزيز وتوسيع قاعدة أعضائها، إلى جانب تقديم خدمات نوعية متكاملة وشاملة للأعضاء.
كما حرصت على تشجيع الحوار البنّاء وتعزيز فرص التعاون مع كافة الجهات لدعم طموحات المنظمة، وذلك لتحقيق أهدافها الرامية إلى تحقيق النمو والازدهار على مستوى الاقتصاد العالمي بالاستناد على نموذج المناطق الاقتصادية.