"مؤتمر الشارقة للرسوم المتحركة" يدعو إلى تعاون الثقافات

أبرز رموز فن الأنيميشن يكشفون أسرار أعمالهم لجمهور المؤتمر.
الثلاثاء 2024/05/07
الرسوم المتحركة فن عابر للثقافات

جمعت الدورة الثانية من “مؤتمر الشارقة للرسوم المتحركة” الذي عقد في “مركز إكسبو الشارقة” كبريات شركات إنتاج صناعة المحتوى الإبداعي والترفيهي في العالم وأهم مبدعي فن الأنيميشن بالغ الأهمية، ليكون الحدث الأبرز في المنطقة الذي يتناول هذا الفن من جوانب مختلفة بحضور أبرز رواده ومحبيه والمولعين به.

الشارقة- قدم “مؤتمر الشارقة للرسوم المتحركة” مجموعة واسعة ومتنوعة من الندوات والخطابات والعروض وورش العمل والمعارض، التي تتناول صناعة الرسوم المتحركة من مختلف جوانبها، وسلطت الضوء على دورها التثقيفي والتوعوي وأثرها في بناء ثقافة الأجيال وترسيخ القيم الإيجابية والتنموية، وفي تعزيز الابتكار والإبداع في مختلف نواحي الحياة.

ومثّل الحدث الذي استمر من الأول إلى الخامس من مايو الجاري فرصة لكشف العديد من النواحي المتعلقة بهذا الفن، بحضور أهم مبدعيه العالميين.

تعاون ثقافي

ناقش متخصصون في مجال إنتاج الرسوم المتحركة، المكانة التي يحظى بها القطاع في منطقة الشرق الأوسط، ودور التعاون بين الثقافات في تطوير هذا الفن وفتح آفاق مستقبلية له.

بوكس

جاء ذلك خلال جلسة، ضمن فعاليات “مؤتمر الشارقة للرسوم المتحركة” الذي نظمته هيئة الشارقة للكتاب في “مركز إكسبو الشارقة” واختتم الأحد، ضمت كلا من لوكا ميلانو، المدير في هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيطالية “راي”، وبينوا دي ساباتينو، المدير التنفيذي لشركة بانيجاي، وشين شيرو إينوي، مستشار الإنتاج في كادوكاوا اليابانية المتخصصة بالإنتاج، وكامل عويس، مدير الأعمال والمحتوى في سبيس تون، وأوليفييه دومونت، رئيس شركة هاسبيرو للترفيه.

وقدم شين إينوي، عرضا حول شركة كادوكاوا اليابانية للإنتاج استعرض فيه أشهر شخصيات الرسوم المتحركة التي تنتجها الشركة، وقال إن الشركة تضع مسألة الشراكة والتعاون الدولي ضمن أجندتها الرئيسة لإنتاج محتوى هادف موجه للأطفال.

وقال كامل عويس، إن قناة سبيس تون، ليست منصة تلفزيونية فحسب بل تتواجد بقوة عبر المنصات الرقمية وتحاول دمج المحتوى الاجتماعي في الرسوم المتحركة وتعزيزه، بغرض التعليم والترفيه.

وأضاف “انطلاقا من وجودنا في دولة الإمارات نسعى دائما إلى التعاون مع العديد من الشركات المحلية والدولية لضمان استمرارية الإنتاج، وقمنا بالفعل بجلب العديد من أفلام الرسوم المتحركة من الشرق والغرب مع الحرص على تعديلها لتناسب ثقافة المنطقة”.

وأشار لوكا ميلانو، إلى أن الخدمة الرسمية التلفزيونية في إيطاليا تمتلك خبرة طويلة تزيد عن 70 عاما، وهو ما شكل حافزا كبيرا لتعزيز التعاون مع شركات إنتاج من أنحاء العالم كافة وتحديدا من الشرق الأوسط، بهدف منح الأطفال في إيطاليا محتوى هادفا يجلب ثقافات متنوعة ويعرّفهم على العالم.

وقال أوليفييه دومونت إن التعاون بين الثقافات المختلفة في مجال إنتاج الرسوم المتحركة هو مفتاح التطوير الرئيسي لهذا القطاع ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط بل في العالم ككل.

وأكد بينوا دي ساباتينو أن عملية الإنتاج مرحلة طويلة جدا وأنه لا بد من العمل المستدام لتطوير قدرات الإنتاج والتسويق والتوزيع في مختلف أنحاء العالم من خلال الشراكات والتعاون.

تجارب فريدة

استمع الرسامون وفنانو تحريك الصور و”الأنيميشن” من جمهور الدورة الثانية من مؤتمر الشارقة للرسوم المتحركة، إلى قصة الفنان ساندرو كليوزو، أحد أبرز أساطير تصميم شخصيات الرسوم المتحركة، خلال جلسة حوارية، أدارتها رائدة الأعمال ومنتجة الرسوم المتحركة مونيا آرام، بعنوان “من جنوب الحدود إلى ديزني وخارجها”، استضافها المهرجان في يومه الختامي.

وروى الفنان البرازيلي، قصة سفره من مسقط رأسه في مدينة ساو باولو إلى أيرلندا، مؤكدا أهمية العزيمة والإصرار وعدم الاستسلام قائلا “قررت السفر في هذه الرحلة للعمل في أستوديو بأيرلندا، ودفعت تكاليف السفر بنفسي من مالي الخاص، ولم أكن أتحدث اللغة الإنجليزية بشكل جيد، ولم يعرف العاملون في الأستوديو بقدومي، وعندما وصلت إلى الأستوديو، طلبوا مني العودة إلى بلدي وإرسال سيرتي الفنية إليهم”.

وأضاف كليوزو “عدت إليهم في اليوم التالي وحصلت على نفس الإجابة، لكنني لم أيأس وحافظت على الذهاب إليهم كل يوم، إلى أن جاء يوم شاهد فيه المدير أعمالي ووظفني مباشرة، ولهذا يتوجب عليكم المحافظة على الثبات والعزيمة، وألاّ تستسلموا، وألا تقبلوا أول إجابة تحصلون عليها، بل الإصرار والمحاولة مرة تلو الأخرى”.

وشارك كليوزو عددا من الصور والرسومات والمواقف الشيقة من مسيرته المهنية باستخدام القصص المصورة، ملهما الحضور برحلته الاستثنائية المليئة بالإنجازات في عالم الرسوم المتحركة.

وأضاف “كنت طفلا صغيرا أعيش في مدينة ساو باولو بالبرازيل، ولم يكن في هذه المدينة أستوديوهات للرسوم المتحركة، ولم يكن والداي يعرفان شيئا عن هذه المهنة، فكيف استطاع طفل صغير يعيش في حي فقير من أحياء هذه المدينة النجاح والعمل لدى شركة ديزني وغيرها من كبرى شركات إنتاج الرسوم المتحركة؟ إذا نظرت اليوم إلى الماضي، يمكنني أن أرى كم كانت هذه الرحلة كبيرة ومدهشة، وأريد استخدام قصتي لأخبركم أنكم إذا عملتم بجد، يمكنكم النجاح”.

وأشار كليوزو إلى أن رحلته انطلقت في عام 1985 عندما كان في الـ15 من عمره، حين بدأ العمل في أستوديو صغير لإنتاج الإعلانات التلفزيونية، وبعد اكتساب الخبرة في العمل الإعلاني، انتقل إلى أيرلندا للعمل لدى المخرج العالمي دون بلوث، مخرج أفلام “حكاية أميركية”، و”سر نيم”، و”أنستازيا”، وأمضى ستة أعوام في أستوديو بلوث، حيث عمل على عدد من الأفلام منها “أنستازيا”.

وتطرق كليوزو، إلى التغيرات التي شهدها عالم الرسوم المتحركة بسبب التكنولوجيا قائلا “تغيرت الأساليب والتقنيات كثيرا لأننا اليوم ننجز كل شيء رقميا، وعندما بدأت مسيرتي المهنية كان العمل يدويا، قبل عصر الإنترنت، وكنا نصور باستخدام كاميرات الأفلام السلبية، واليوم معظم جوانب عملية إنتاج الرسوم المتحركة تتم بشكل رقمي، لكن المنهج يبقى نفسه، فمنهج تطوير الشخصيات وكأنها شخصيات حقيقية حية تتحرك ولديها هوية لم يتغير، لكننا لم نعد نستخدم الأوراق والأقلام”.

◄ الحدث الذي استمر من الأول إلى الخامس من مايو الجاري، مثّل فرصة لكشف العديد من النواحي المتعلقة بهذا الفن، بحضور أهم مبدعيه العالميين

وعمل كليوزو مع شركة “دريم وركس”، و”دنكان”، إلى جانب عدد من أكبر الأستوديوهات، وتم تقدير موهبته الاستثنائية ومساهمته في صناعة الرسوم المتحركة، من خلال منحه جائزة “آني” عن الرسوم المتحركة في فيلم “عودة ماري بوبينز” من إنتاج “ديزني” عام 2018، واليوم يواصل كليوزو العمل في تحريك الصور وتصميم الشخصيات لدى أشهر أستوديوهات الرسوم المتحركة، والتي تشمل “نتفليكس” و”سوني” و”باراماونت” و”دي إن إي جي”.

كما استعرض مؤتمر الشارقة للرسوم المتحركة كواليس إنتاج كرتون الرسوم المتحركة “نانا الزنانة”، وذلك في جلسة حوارية باليوم الختامي للدورة الثانية من الحدث، بمشاركة آية حماد مدير التسويق والعلاقات العامة والرقمية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “كرتون نتوورك”، وإسلام أحمد المدير الإبداعي في “فولك كرييتف سوليوشن”.

و”نانا الزنانة” هو رسوم متحركة يعرض على قناة “كرتون نتوورك”، ويستعرض شخصية ذبابة شابة تعتبر نفسها ملكة، وتحاول أن تعيش بسلام في مملكتها دون أن يزعجها أحد، لكن في بعض الأحيان هي التي تزعج كلّ من حولها، وحقق الكرتون انتشارا عالميا واسعا على الرغم من هويته العربية.

كما استضافت الدورة الثانية من المؤتمر، ورشة عمل لأندرياس ديجا أسطورة ديزني الذي صمم أشهر الشخصيات الكرتونية، حيث كشف لزوار الحدث الثقافي الكثير من المعلومات والذكريات والتفاصيل والأسرار التقنية العميقة، عن شخصياته العبقرية.

وارتبطت شخصيات ديجا بأجيال كثيرة لأكثر من ثلاثة عقود، وشارك الفنان مع الحضور من عشرات الشباب من محبي الرسوم المتحركة والراغبين في احتراف هذه الصناعة، الكثير من المعلومات والذكريات والتفاصيل التقنية العميقة، عن شخصياته الكرتونية العبقرية.

13