"لَوْزِيعَة" مسرحية تمزج لذة الكوميديا بمرارة السخرية والعبث

الرباط - قد ينتشي الصحافي بجنس كتابة آخر غير اليومي الإخباري الروتيني، فيلجأ إلى باحة الأدب والفكر في القصة أو الرواية في الشعر أو النقد، لكن المغربي الحسين الشعبي، الصحافي ورئيس تحرير عدد من الصحف المغربية، أبى إلا أن يجرب، وللمرة الثانية، في الكتابة للمسرح المغربي بمسرحية “لَوْزِيعة” بعد مسرحيته “الساروت”.
وعن منشورات مسرح أنوار سوس، صدرت له مسرحيته الجديدة “لوزيعة”، التي دُعيت “العرب” إلى حفل توقيعها، بمناسبة الدورة الخامسة والعشرين للمعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء، بحضور ثلة من رواد المسرح المغربي والممثلين والنقاد والمهتمين، تتقدمهم الفنانة ووزيرة الثقافة السابقة ثريا جبران، ورائد المسرح الفردي المغربي الفنان عبدالحق الزوالي.
وحسب رأي كاتبها، فإن مسرحية “لوزيعة” نص ضد الاستبداد واستغلال المستضعفين؛ يؤكد الشعبي في تصريح لـ”العرب” بمناسبة توقيعها برواق وزارة الثقافة بمناسبة انعقاد فعاليات معرض الدار البيضاء الدولي للنشر والكتاب المختتمة فعالياته آخر الأسبوع الماضي، أنها محاولة إبداعية، تواجه السطو على حقوق الفلاحين والقرويين.
تحكي المسرحية عن وصول إعانة من الخارج؛ عبارة عن أكياس من السماد الكيمياوي، إلى إحدى القرى، ونتج عن ذلك صراع شديد بين رموز الفساد وبين ذوي الحقوق من الفقراء والمساكين في تلك القرية المستفيدة من عملية “لوزيعة”، ومعناها في اللسان الدارج المغربي “عملية التوزيع”، وتتطور المشكلة في النص المسرحي بشكل ساخر ضمن صيرورة عبثية تشد انتباه واهتمام جمهور المتلقين.
وفي تقديمه لمُؤَلَّف المسرحية ومُؤلفها، يزكي الدكتور مسعود بوحسين، في تقديمه لنص مسرحية “لوزيعة”، ما قاله عنها كاتبها، واصفا إياها بأنها امتداد لذات الخط الإبداعي الذي دأب عليه مؤلفها الحسين الشعبي في كتاباته الصحافية، حيث ينتصر للمعنى والموقف، إلى درجة أن بعض النقاد صنفوا أعماله في مجال المسرح ضمن خانة “المسرح السياسي”، مشددا على الحاجة اليوم إلى مسرح يسائل الواقع.
فالكاتب المسرحي الحسين الشعبي يأبى إلا أن يواصل إصراره على كتابة مسرحية تمزج بين العمق الفني والالتزام بالعديد من القضايا السياسية والاجتماعية، يعلق الدكتور بوحسين وهو يقدم المسرحية، مشددا على أن -بعد مسرحية “الساروت” التي تجاوب معها عشاق أبي الفنون نصا وعرضا- الحسين الشعبي يعود من خلالها ليفتح مدوّنته للقارئ من خلال “لوزيعة” مظهرا جانبا آخر من السخرية الاجتماعية الممزوجة بعمق الوعي السياسي، متخذا من قصة الكاتب التركي عزيز نسين “السماد الكيمياوي”، ومتنا وخلفية حكائية لمسرحية كوميدية تسخر من كل انتهازية وحذلقة وجشع، وفساد ومحسوبية وبيروقراطية، كل ذلك في قالب فني يتسم بالكثير من جدية الطرح وبالغ السخرية من واقع هوامش الأرياف وما تعيشه من عبث.
إن نص مسرحية “لوزيعة”، الذي صمم غلاف مُؤلَّفها الفنان ناصر جبريل، اعتبرت لدى العديد من الحاضرين المتدخلين في نقاش تقديمها بالمعرض الدولي للكتاب، مسرحية ببنية متكاثفة تصاعدا نحو نهاية عبثية وغير متوقعة، تمنح القارئ لذة الكوميديا الممزوجة بمرارة السخرية والعبث، نظير بنيات مسرحيات كوميدية تنتهي بدلالة عنوان مسرحية شكسبير الشهيرة “جعجعة بلا طحين”؛ أي أن كل تلك المساعي المبذولة من الطامعين والطامحين تنتهي في آخر المطاف إلى نتيجة عبثية.