"ليست مهنتكِ".. الصحافة لا تزال مهنة الذكور في الدول العربية

الصحافيات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يواجهن مضايقات إضافية تعرقل جهودهن.
الأربعاء 2023/03/08
بعض التشويه مقصود

لندن - قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن الصحافيات في كل من اليمن وتونس والأراضي الفلسطينية ينفردن بمواجهة اعتداءات ومضايقات على خلفية عملهن الصحافي، دونا عن زملائهن الذكور.

وذكر المرصد في تقرير جديد أطلقه الثلاثاء بعنوان “ليست مهنتكِ” بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، أن إلى جانب الانتهاكات والمتاعب المترتبة على العمل في مهنة الصحافة، والتي يواجهها الصحافيون بشكل عام، فإن الصحافيات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يواجهن مضايقات إضافية تعرقل جهودهن وتحول دون أدائهن لعملهن بشكل طبيعي، وتدفعهن في الكثير من الأحيان إلى التخلي عن مهنة الصحافة.

و عادة ما تمارس المضايقات ضد الصحافيات لسبب رئيس، وهو كونهن نساء.

وخلال العامين الماضيين، كان واحد من كل عشرة صحافيين يعتقلون في اليمن امرأة. ورغم انخفاض عدد الصحافيات اللواتي يجري اعتقالهن مقارنة بعدد الصحافيين الذكور، إلا أن في الحقيقة لا يعدّ منخفضا، كون أعداد الصحافيات المسجلات في اليمن يعد أقل بكثير من الصحافيين، حيث يبلغ عدد الصحافيات المسجلات والمنضمات إلى نقابة الصحافيين اليمنيين نحو 170 من أصل 1500 صحافي، أي بنسبة 11 في المئة فقط من إجمالي عدد الصحافيين المنتسبين للنقابة، فضلا عن الفرص المحدودة المقدمة لهن والرقابة الذاتية المضاعفة التي يواجهنها بسبب الضغوطات الثقافية والمجتمعية.

الصحافيات اليمنيات يتعرضن إلى الوصم والتشهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي

ومن أبرز الانتهاكات التي تتعرض لها الصحافيات في اليمن هي القيود والعوائق التي حدت من حرية المرأة، بما في ذلك الحق في التنقل والعمل، حيث أصدرت جماعة الحوثي، قرارا رسميا يمنع حركة المرأة دون مرافق ذكر “محرم”، وتبنت جميع أطراف النزاع هذا القرار. بناء على ذلك، عزفت الغالبية العظمى من المؤسسات الصحافية في اليمن عن توظيف أو التعامل مع الصحافيات، وعمدت إلى الاعتماد على الصحافيين الذكور.

وتتعرض الصحافيات اليمنيات إلى الوصم والتشهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي تستخدم كسلاح لمحاربتهن من قبل جميع أطراف النزاع تقريبا في حالة انتقادهم.

وتعددت خلال السنوات الأخيرة حملات التشهير والإساءة إلى سمعة الصحافيات، والشتم والتلاعب بصورهن في حالات عدة، الأمر الذي دفعهن إلى مواجهة معركة جديدة، وهي نظرة المجتمع لهن ونبذهن اجتماعيا وإخبارهن بأن “الصحافة ليست مهنتكِ” بحسب صحافيات، إلى جانب الضغوطات العائلية المترتبة على ذلك. نتيجة لذلك، اضطرت العديد من الصحافيات اليمنيات إلى إغلاق صفحاتهن على مواقع التواصل الاجتماعي والتزام الصمت، لتجنب التعرض لمضايقات أو اعتداءات، فيما عمدت بعضهن إلى التخلي عن العمل الصحافي وامتهان مجالات أخرى، وفضل البعض الآخر منهن الهجرة لحماية أنفسهن وعائلاتهن.

أما في تونس، فتستخدم السلطات أحد أكثر الجوانب حساسية لدى المرأة في المجتمع، وهي الوصم وتشويه السمعة. فقد شابت عمل الصحافيات بعد الإعلان عن التدابير الاستثنائية صعوبات كثيرة، كالتشويه المقصود لسمعتهن المهنية والاجتماعية ووصمهن بأسوأ الأوصاف التي تحض على النبذ الاجتماعي.

جزء كبير من المجتمع الفلسطيني يعتقد أن مهنة الصحافة لا تناسب المرأة

وطالت حملة التشويه صحافيات تناولن الأحداث السياسية المحلية بشكل مغاير لوجهة النظر الرسمية.

أما في الأراضي الفلسطينية، فيواجه الصحافيون أشكالا مختلفة من العنف والترهيب التي يمارسها الجيش والسلطات الإسرائيلية، ويعتقد جزء كبير من المجتمع الفلسطيني أن مهنة الصحافة لا تناسب المرأة. فطبيعة الانتهاكات التي يواجهها الصحافيون، والتي تشمل الاعتداءات بالضرب والاعتقالات التعسفية الدورية والتحقيق والابتزاز والمساومة على السفر وجمع الشمل مع عائلاتهم، تدفع شريحة كبيرة من المجتمعات، خاصة في المناطق الهشة، إلى الاعتقاد بأن الصحافة مهنة للذكور فقط.

وتعتبر الكثير من العائلات الفلسطينية أن لدى استدعاء صحافية للتحقيق أو اعتقالها ومضايقتها على خلفية عملها الصحافي، فإن ذلك يعد أحيانا وصمة وعيبا لا يمس الصحافية وحسب، بل يقدح بعائلتها بأكملها.

وفي حالات أخرى، تعتقل السلطات الإسرائيلية بعض الصحافيات أو تفرض عليهن قيودا متعلقة بالمنع من السفر أو التنقل، دون أن يتم إعلامهن بسبب المنع أو الاعتقال، وتعد قضيتهن “ملفا سريّا” بحسب المخابرات الإسرائيلية. يواجه الصحافيون عادة هذه الادعاءات من خلال الإجراءات القانونية، لكن تلك الاتهامات تعد موضوعا حساسا إذا ما تعلق الأمر بالنساء. لذلك، فإن العديد من الصحافيات قد يواجهن ضغوطات من عائلاتهن أو أزواجهن للتخلي عن مهنة الصحافة أو التوقف عن التطرق إلى مواضيع حساسة تجنبا للملاحقات.

وذكر التقرير أن النساء رغم كونهن يشكلن نسبة مرتفعة من إجمالي عدد الصحافيين العاملين في الأراضي الفلسطينية، إلا أن ذلك لا يعد مؤشرا على تكافؤ الفرص في ما يتعلق بالعمل الصحافي. فطبيعة الوضع على الأرض تدفع بعض الجهات الصحافية والإعلامية إلى الاعتقاد بأن العمل مع الصحافيين الذكور في مناطق النزاع أسهل وأكثر مرونة.

5