ليبيا تودع الشاعر الغنائي يونس بالنيران

تزخر المكتبة المرئية والمسموعة بالإذاعات الليبية بأكثر من مئة وثلاثين عملا غنائيا بين المسموع والمرئي للشاعر والمخرج يونس بالنيران، الذي احترف الإنتاج الفني وقدم مسلسلات وأعمالا حازت نجاحا كبيرا. وبرحيل الشاعر الذي أجبر على العيش بعد 2011 قسرا بعيدا عن وطنه، يفقد الليبيون واحدا من رموز الثقافة والأغنية والفن.
ودعت ليبيا الأربعاء الشاعر الغنائي والمخرج يونس بالنيران، الذي ترك وراءه إرثا فنيا وأدبيا متميزا أثرى به المكتبة الغنائية والموسيقية في بلاده وفي منطقة المغرب العربي.
والشاعر الراحل من مواليد سبها، جنوبي البلاد، في يوليو 1966، وترعرع في المنطقة الوسطى بين بونجيم وبني وليد حيث مضارب قبيلته ورفلة.
كان الشاعر يعتز بهويته الفنية والثقافية وبوطنه ليبيا وخصوصياته ويعتبر نفسه صاحب تجربة خاصة ورؤية إبداعية مستقلة
رغم حصول بالنيران على الماجستير في القانون، إلا أنه اختار العمل في المجال الفني والتلفزيوني من خلال إدارته لشركة “النورس” للإنتاج الإعلامي والفني، حيث أنتج مسلسل “جمر السنين” الذي يروي جانبا من معاناة الليبيين أيام الاحتلال الإيطالي، وتم تصوير أحداثه بالجبل الأخضر، في إخراج للأردني فايز دعيبس، وسيناريو وحوار مصطفى السعيطي، وتمثيل عدد من الفنانين الليبيين والعرب من بينهم فتحي بدر، سعد الجازوي، محمد سالم، ياسمين، طارق الشيخي، أسامة بركة، وفاء المغربي، عبدالرحمن عبدالمولى وغيرهم.
منتج فني
كما أنتج بالنيران برنامج المنوعات الرمضاني “يعطيك الصحة” إخراج الأستاذ خالد نجم، وسلسلتين وثائقيتين عن “سبها بين الأمس واليوم” و”واحات الجفرة الخمس”، وبرنامج “سرت عاصمة الثقافة العربية” في يناير 2011، وبرنامج “درر التراث” و”تفاكيرهم” وسلسلة “هذا اللي صاير”.
وفي المجال الغنائي، تعامل الشاعر الراحل مع كبار الملحنين الليبيين، ومن بينهم نورالدين المهدي، خليفة الزليتني، محمد خميس، ناصف محمود، رمضان كازوز، الشريف محمد، محمد الصادق، نجوى محمد، سعيد الصويعي وحنان محمد. وغنى من كلماته كل من رمضان كازوز، عبير قاسم، وعد حسين، أسماء سالم، أسماء سليم، محمد الحوتي، سعيد لملوم، طارق محمد، ذكرى يونس، نجوى محمد، هنيدة علي، رمزي صوان، سامي محمود، أحمد السحيري وأيمن الزليتني.
كما كتب العديد من الأعمال، منها 65 عملا عاطفيا تغنى بها فنانون عرب من بينهم منى منت دندني من موريتانيا، خالد محبوب من الجزائر، منية عبدالعال من تونس، مريم بنمير ودنيا لطفي من المغرب.
وأخرج عملا غنائيا بعنوان “هلال العيد”، والجزء الثالث من منوعة “يعطيك الصحة”، والجلسة الغنائية التي تم تصويرها في تونس الحمامات من إنتاج شركة النورس.
صاحب تجربة
رغم حصول بالنيران على الماجستير في القانون إلا أنه اختار العمل في الإنتاج الفني إضافة إلى كتابة الشعر الغنائي
حظي بالنيران بالتكريم خلال فعاليات مهرجان الأغنية الليبية الرابع الذي نظمته هيئة الإذاعات وأقيم في مدينة هون سنة 2004 عن أغنية “الضرة” من كلماته وألحان محمد خميس، توزيع موسيقى إبراهيم عمر، وأداء عبير قاسم، وبتكريم آخر في مهرجان الرباط للأغنية العربية عن أغنية “العشرة” في العام 2005.
وقال الشاعر الراحل “تمنيت لو جمعني عمل مع القامة الفنان الليبي الراحل محمد حسن، ولكن لم يتم ذلك رغم طلبه لنصوص مني في الآونة الأخيرة فترة مرضه حين كنت قريبا منه في تونس، نظرا إلى العلاقة الطيبة التي تربطني به إلا أنني تقديرا لظروفه الصحية لم أكن مهتما للفكرة آنذاك وكان همي شفاءه أولا إلا أن إرادة الله كانت الأقوى رحمه الله”.
وأصدر بالنيران أربعة مجاميع شعرية هي “خواطر عابرة” و”شجون وطن” و”روح الوطن” و”نبضات وطن” وأغلب قصائدها وطنية تتحدث عن ليبيا وتاريخها وأمجادها، وترك وراءه عددا من المخطوطات التي تحتاج إلى من يتولى جمعها وترتيبها وإعدادها للنشر.
كان بالنيران يعتز بهويته الفنية والثقافية، ويعتبر نفسه صاحب تجربة خاصة ورؤية إبداعية مستقلة، رغم أنه تحدث في مناسبات عدة عن إعجابه بالشعراء عمر رمضان وعمر المزوغي وسليمان الترهوني وعبدالسلام زقلام وعلي الكيلاني وعبدالله منصور ومسعود القبلاوي.
وعاش الشاعر الراحل تجربة الغربة بعد أحداث العام 2011 متنقلا بين أكثر من بلد، وترجم ذلك في عدد من أغانيه من بينها “الحمام الزاجل” التي لحنها رمضان كازوز وغنتها منية عبدالعال، وقال في مقدمة نسختها المصورة إنه يهديها للشعب الليبي العظيم.