ليبيا تفرض صرف العملات الكترونيا لوقف تدهور الدينار

قرار المصرف المركزي يهدف لمكافحة السوق السوداء، ومساع لمعالجة شح السيولة وتشوهات الاقتصاد المشلول.
الجمعة 2018/11/02
طوابير للظفر بالبطاقة الإلكترونية

فرض مصرف ليبيا المركزي على المواطنين التعامل بالبطاقات الإلكترونية للحصول على العملة الصعبة لمواجهة ضغوط شح السيولة والتشوهات المتزايدة في الاقتصاد الليبي نتيجة اتساع الفجوة بين السعر الرسمي للدينار وأسعار السوق السوداء.

طرابلس - اصطف ليبيون في المصارف هذا الأسبوع ليحصلوا على بطاقات إلكترونية أصدرها مصرف ليبيا المركزي وجعلها إلزامية للحصول على العملات الأجنبية في إطار جهود محاربة السوق السوداء.

ويأتي هذا القرار ضمن سلسلة إجراءات للبنك المركزي، للدولة العضو في منظمة أوبك، بهدف المساعدة في الحد من تأثير تجار السوق السوداء على سعر العملة الأجنبية.

ورضخت الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس لضغوط شح السيولة والتشوهات المتزايدة في الاقتصاد المحلي نتيجة اتساع الفجوة بين السعر الرسمي للدينار وأسعار السوق السوداء.

وأعلنت السلطات في سبتمبر الماضي، عن خفض غير مباشر لسعر الدينار من خلال فرض ضريبة كبيرة على تعاملات النقد الأجنبي.

وتعيد الخطوة تقييم سعر الدينار أمام الدولار في مثل هذه المعاملات إلى نحو 3.9 مقارنة بالسعر الرسمي الذي يبلغ نحو 1.4 دينار للدولار، بينما يبلغ السعر في السوق السوداء 6.33 دينار.

وبموجب الإجراء الجديد للمركزي، يمكن للزبائن، الذين لهم الحق في حيازة هذه البطاقات التقدم لشراء الدولار إلكترونيا بدلا من تبادل الأوراق المالية نقدا.

6.33 دينار سعر صرف الدولار في السوق السوداء في ليبيا بينما يبلغ السعر الرسمي 1.4 دينار للدولار

وبالنسبة لعملاء البنوك الحاليين الراغبين في شراء عملات أجنبية يمكنهم التقدم بطلبات للحصول على هذه البطاقات التي تمكنهم من الحصول على مبلغ يصل إلى عشرة آلاف دولار سنويا.

وقال علي السويحلي، مساعد مدير إدارات فروع منطقة مصراتة بالمصرف التجاري الوطني، إن “هذه الإجراءات سوف تسهم في تنظيم إجراءات معاملات بالعملات الأجنبية”.

وأضاف “هي حقيقة خطوة في اتجاه الإصلاح، باعتبار أنها تخفض من قيمة سعر الدولار في السوق الموازية”.

وأوضح أن التجار ومن يدرسون في الخارج ومن يتلقون علاجا في الخارج سيستفيدون من هذه الإجراءات.

وأشار السويحلي إلى أن هذه الخطوة ستكون في الصالح العام كما أنها ستحد من غلاء الأسعار، باعتبار أن التجار وفئات مختلفة من المجتمع ستستفيدون منها.

ويقول البعض إن الخطوة لن تكون واضحة حاليا، لكن نتائجها ستظهر مع مرور الوقت في الفترة القريبة، حينما تبدأ أسعار السلع والخدمات في الانخفاض. ومع ذلك تبدو هذه الآلية معقدة للغاية بالنسبة للبعض الآخر.

وحث متسوق في سوق بطرابلس، يدعى مسعود العائب، السلطات على إيجاد وسائل أخرى يحصل عن طريقها الناس على العملات الصعبة نقدا.

وقال العائب “مبلغ 10 آلاف دولار له تأثير كبير في حياة المواطن. ومع الآلية الجديدة ستزيد الأمور صعوبة، لذلك يجب إعادة النظر فيها وتكون الطريقة أكثر سهولة، يعني تصرف ‏المخصصات من البنك مباشرة أو تمنح نقدا”.

مصرف ليبيا المركزي: القرار سيحد من تأثير تجار السوق السوداء على أسعار العملات الأجنبية
مصرف ليبيا المركزي: القرار سيحد من تأثير تجار السوق السوداء على أسعار العملات الأجنبية

ويختزل النقص الحاد في السيولة جبل الأزمات والتحديات الكبيرة التي يواجهها الاقتصاد الليبي في ظل تراجع عوائد البلاد النفطية رغم الإجراءات التي يقوم بها مصرف ليبيا المركزي للحيلولة دون استفحال الأزمة في النظام المصرفي.

وفاقمت الخلافات المستمرة بين السلطات المالية في شرق ليبيا وغربها أزمات الليبيين، الذين تراجعت قدرتهم الشرائية في ظل تدهور الدينار وارتفاع معدلات التضخم والبطالة، وهي حالة من الإحباط تقترب من الانفجار لتقاطع الأجندات التي تحرك النظام المصرفي.

ويأمل المسؤولون أن يسد القرار الجديد الفجوة مع السوق السوداء المهيمنة، وهي مصدر للفساد حيث تحقق فصائل مسلحة، تحصل على الدولار بالسعر الرسمي، أرباحا ضخمة من خلال عمليات احتيال على الواردات.

ويحقق المهربون، الذين يرتبطون غالبا بالجماعات المسلحة، مكاسب ضخمة من خلال شحن البنزين إلى تونس ومالطا حيث يُباع بأسعار تجزئة أعلى بكثير. ويجري تهريب القمح المستورد إلى تشاد والنيجر المجاورتين من ناحية الجنوب.

وأصبح معدل سعر صرف السوق السوداء والإصلاحات الاقتصادية قضايا ملحة في أواخر أغسطس الماضي، بعد أن اشتبكت فصائل مسلحة للوصول إلى أموال الدولة.

وتشير التقديرات إلى أن 72 مليار دولار من احتياطات المركزي بالعملة الصعبة تبخرت خلال الأعوام السبعة الماضية، بعدما كانت عند مستوى 130 مليار دولار قبل الأزمة.

وتلقى الاقتصاد الليبي ضربات شديدة من تراجع صادرات النفط بحوالي 80 بالمئة عن مستويات ما قبل الإطاحة بمعمر القذافي، حين كانت تصل إلى 1.6 مليون برميل يوميا في عام 2010.

واتسعت تداعيات الأزمة حين تقلصت العوائد أكثر نتيجة تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية منذ منتصف عام 2014، رغم تعافيها بسبب اتفاق خفض الإنتاج بين منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجين خارجها.

ويقول اقتصاديون ليبيون إن امتصاص الأزمة الاقتصادية يتطلب وقتا لأن العائدات الناجمة عن صادرات النفط ستستغرق وقتا قبل أن تتمكن من جديد من تغطية النفقات العامة الهائلة.

11