ليبيا تفتح أبواب الاستثمار في النفط أمام الشركات الخاصة

طرابلس – فتحت السلطات الليبية الباب أمام الشركات المحلية الخاصة للاستثمار في الحقول النفطية لزيادة الإنتاج، وذلك للمرة الأولى في تاريخ البلاد التي ظلت تعتمد في إنتاج النفط فقط على الشركات الحكومية والعالمية.
وقالت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط الحكومية التي تدير كامل القطاع إنه في إطار إستراتيجيتها “لزيادة إنتاج النفط وتطوير الحقول الهامشية المكتشفة غير المطورة أقر مجلس الإدارة دعوة القطاع الخاص الليبي إلى الاستثمار في الحقول الهامشية (غير الرئيسية)”.
والحقول النفطية “الهامشية المكتشفة وغير المطورة” هي الحقول الصغيرة التي تم اكتشاف وجود النفط فيها وتنتج قليلا، إلا أنها تحتاج إلى عمليات تطوير لزيادة طاقتها الإنتاجية، بينما لم تذكر المؤسسة تفاصيل عنها أو عن مواقعها وأسمائها.
وطالب مجلس إدارة المؤسسة في بيان الأحد الماضي “بالالتزام بالإعلان عن إجراء مناقصة لطلب العروض الاستثمارية بحيث تراعى فيها معايير الشفافية وتكافؤ الفرص وإحالة العروض بعد المفاضلة وتقييمها فنيًا إلى المؤسسة الوطنية لاعتمادها”.
وتعليقا على هذا القرار قال الخبير الاقتصادي الليبي عبدالجليل علي الزليطني إنها “المرة الأولى التي يفتح فيها الباب أمام الشركات النفطية الخاصة للمشاركة في إنتاج النفط في البلاد”.
وذكر الزليطني للأناضول أن “ما كان عليه الحال سابقا هو مشاركة الشركات الليبية الخاصة في أعمال الحفر والمناولة والتموين والنقل والأمور اللوجستية الأخرى فقط، لكنها اليوم ستشارك في إنتاج النفط والغاز وهو تحول كبير في سياسات قطاع النفط الليبي”.
وأشار إلى أن فتح الباب لمشاركة القطاع الخاص الليبي في إنتاج النفط والغاز سوف يعود بالفائدة على الشركات الدولية الصغيرة أيضا ولن يكون هناك احتكار لشركات الطاقة الدولية العملاقة.
وفسر ذلك بالقول إن “الشركات النفطية الليبية لا تملك حاليا إمكانيات تؤهلها لإنتاج النفط، لذلك سوف تستعين بشركات دولية، وتكون العقود بالباطن، أي بين الشركة المحلية الخاصة ومؤسسة النفط الليبية من جهة وبين الشركة المحلية والشركة الدولية من جهة أخرى”.
وتأتي الخطوة الجديدة من مؤسسة النفط الليبية ضمن خطوات أخرى اتخذتها في أوقات سابقة لزيادة الإنتاج، وذلك ضمن رؤية أعلنت عنها للمرة الأولى في إسطنبول في 3 فبراير الماضي خلال ملتقى “دعم قطاع النفط والغاز” الذي نظمته هناك.
وتسعى ليبيا المعفاة من قرار منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) القاضي بخفض الإنتاج للوصول بطاقتها الإنتاجية من الخام إلى 1.3 مليون برميل يومياً بنهاية العام الجاري مقابل 1.2 مليون برميل حاليا.
وسبق أن أكد فرحات بن قدارة رئيس مجلس إدارة المؤسسة أن الهدف هو زيادة كميات الإنتاج إلى مليوني برميل يومياً في غضون خمس سنوات.
96
في المئة نسبة مساهمة قطاع النفط في الصادرات، وما يصل إلى نحو 98 في المئة من إيرادات خزينة الدولة
وسيكون تحقيق الهدف رهينا بتوقف عمليات إغلاق الحقول الرئيسية بين الفينة والأخرى والاتفاق بين الفرقاء على إنهاء جعل القطاع كوسيلة ابتزاز لتحقيق المكاسب بين السياسيين.
وكان إنتاج البلاد 1.6 مليون برميل يوميا قبل اندلاع الحرب في 2011، والتي نالت من قطاع النفط وأدت إلى هبوط الإنتاج إلى 100 ألف برميل يوميا في فترة من الفترات.
ويمثل النفط القوة الدافعة للاقتصاد الليبي حيث يشكل قرابة 96 في المئة من الصادرات، وما يصل إلى نحو 98 في المئة من إيرادات خزينة الدولة. وتمتلك ليبيا أكبر احتياطيات هيدروكربونية في قارة أفريقيا.
وتمكنت ليبيا من تحقيق إيرادات نفطية بنهاية العام الماضي هي الأكبر منذ ست سنوات رغم الاضطرابات التي شهدها القطاع سواء تعلقت بشلل الإنتاج أو تلك المتعلقة بالتصدير إلى الأسواق العالمية بسبب الخلافات وإغلاق الحقول.
وذكر مصرف ليبيا المركزي في بيان نشره في وقت سابق هذا العام أن “الإيرادات النفطية ارتفعت إلى 105.5 مليار دينار (22 مليار دولار) في عام 2022 من 103.4 مليار دينار (21.57 مليار دولار) في عام 2021”.
وعلى مدار سنوات قبل الحرب ارتكز قطاع النفط في البلاد على التعاون مع شركات نفطية عملاقة من ثلاث دول هي الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، وفي 2005 أصدرت السلطات عطاءات لإدخال شركات جديدة للاستثمار في هذا المجال.