ليبيا تعلن حالة القوة القاهرة في حقل الشرارة

طرابلس - أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، الأربعاء، "حالة القوة القاهرة" في حقل الشرارة النفطي (جنوب غرب)، أكبر الحقول المنتجة في البلاد وذلك اعتبارا من اليوم 7 أغسطس الجاري)، وذلك بعد مرور أقل من 5 أيام على إغلاق حقل الشرارة النفطي من قبل محتجين.
والقوة القاهرة"، هي إجراء يعفي طرفي التعاقد من أي التزامات قانونية أو مالية تترتب على عدم الوفاء بالتعاقدات النفطية الدولية بسبب حدوث ظروف طارئة خارجة عن إرادة الطرف المصدر.
وقالت المؤسسة في بيانها، إن "إنتاج النفط الخام بحقل الشرارة يمر حاليا بظروف ستؤثر على عمليات إنتاج النفط الخام وتوقفها وتوقف عمليات تصدير النفط الخام في ميناء الزاوية النفطي".
وأضافت "بناء على أحكام القوة القاهرة في القانون المدني الليبي، تعتبر المؤسسة الوطنية للنفط هذه الظروف خارجة عن سيطرتها ولا يمكن منعها مما يستدعي إعلان القوة القاهرة اعتبارا من 7 أغسطس 2024 ".
وأكدت أن "حالة القوة القاهرة لن تنطبق على عمليات تحميل وتفريغ الإنتاج النفطي (النفط المخزن مسبقا)".
وكانت تقارير إعلامية، قد نسبت إغلاق الحقل السبت الماضي، إلى "حراك فزان" المدني الذي يطالب بما يعتبرها حقوق المواطنين في جنوبي ليبيا، حيث هدد مرارا بغلق الحقل الواقع في نطاقه الجغرافي فيما أكدت ذلك مؤسسة النفط الليبية عبر بيان الثلاثاء.
ودون نفي صلته بالأمر، أعلن رئيس الحراك بشير الشيخ عبر مقطع صور، فجر الأحد، أن الحقل أُغلق بأوامر من صدام حفتر رئيس أركان القوات البرية في الجيش الوطني الليبي، بقيادة والده المشير خليفة حفتر. ولم يتوفر على الفور تعقيب من صدام.
والأحد، أدانت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، "أي محاولة تهدف إلى تعطيل شريان اقتصادي مهم كحقل الشرارة"، معتبرة ذلك "محاولات جديدة للابتزاز السياسي".
وأوضحت أن الحقل "يمثل حوالي 40 بالمئة من إنتاج النفط في البلاد وحصة إنتاج ليبيا بالحقل 88 بالمئة، وحصة المشغل الأجنبي 12 بالمئة (شركات رپسول الإسپانية وتوتال الفرنسية وأو.إم.في النمساوية وإكوينور النرويجية)".
وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الحقل للإغلاق، حيث أقفلت مجموعات من المتظاهرين حقل الشرارة مطلع العام الجاري، مطالبين بتحسين ظروفهم المعيشية، وبناء مصفاة في الجنوب، وصيانة الطرق المتهالكة، ووضع حد لنقص الوقود في جنوب ليبيا.
وتعاني مناطق الجنوب من التهميش الدائم رغم أن بها منابع النفط والغاز والماء وهي ثرية بالمعادن النفيسة، وهناك صراع إقليمي ودولي على بسط النفوذ على ثرواتها الطبيعية ومواقعها الإستراتيجية المهمة كبوابة للصحراء الكبرى ووسط أفريقيا.
ويشكو الجنوب من النشاط الواقع لشبكات تهريب البشر والبضائع، وخاصة تهريب الوقود الذي تجاوز سعره في إقليم فزان 50 ضعفا للسعر الرسمي، علما وأن ليبيا تدعم المحروقات بمختلف أنواعها، حيث يباع لتر البنزين المدعم بسعر 0.15 دينار (0.031 دولار)، ويعد الأرخص في العالم، لكن المناطق النائية تعاني ظاهرة التهريب التي تتسبب في تسرب الوقود إلى دول الجوار أو السوق السوداء.
وجرّاء إغلاق حقل الشرارة النفطي، من المتوقع أن تخسر ليبيا يوميا حوالي ثلث إنتاجها من النفط، كما سيتكبد الاقتصاد الليبي خسائر مالية يومية، إذ ينتج هذا الحقل أكثر من 300 ألف برميل يوميا، هو أحد أكبر مناطق الإنتاج في البلاد. واستهدف على نحو متكرر لأسباب سياسية متنوعة ومطالب من قبل محتجين محليين.
ويقع الحقل في حوض مرزوق في جنوب شرق ليبيا وتديره المؤسسة الوطنية الليبية للنفط عبر شركة أكاكوس مع شركات ريبسول الإسبانية وتوتال الفرنسية وأو.إم.في النمساوية وإكوينور النرويجية.
وتخشى أوساط حكومية من أن يكون إغلاق حقل الشرارة منطلقا لأزمة جديدة تطال مناطق إنتاج النفط في جنوب البلاد ووسطها، لاسيما في ظل استمرار الصراع السياسي بين الفرقاء الأساسيين وفشل المجتمع الدولي في ممارسة ضغوطه للتوصل إلى تحديد موعد لتنظيم الانتخابات.
وحاليا توجد في ليبيا حكومتان إحداهما حكومة الدبيبة ومقرها العاصمة طرابلس وتدير منها غرب البلاد بالكامل، أما الثانية حكومة أسامة حماد وكلفها مجلس النواب ومقرها بمدينة بنغازي وتدير شرق البلاد بالكامل ومدن في الجنوب.
وهذا الوضع عمَق أزمة سياسية يأمل الليبيون حلها عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية تحول دون إجرائها خلافات بشأن قوانينها والجهة التنفيذية التي ستشرف عليها.
وتعتمد ليبيا على إيرادات النفط في دخلها الأساسي بنسبة تزيد عن 95 في المئة، يذهب أكثرها إلى رواتب الموظفين ودعم المحروقات والسلع والخدمات الأساسية.
وشهد قطاع النفط في ليبيا، منذ انهيار نظام الزعيم الراحل معمر القذافي، إغلاقات عدة كان أبرزها إغلاق العام الماضي الذي بدأ في أبريل واستمر أكثر من شهر كامل عندما قام أشخاص من الجنوب بإيقاف إنتاج وتصدير النفط بهدف الضغط على حكومة الدبيبة لتسليم السلطة لرئيس الحكومة فتحي باشاغا المعين آنذاك من البرلمان في فبراير 2022.
وتكبدت ليبيا حينها خسائر قدرت بـ60 مليون دولار يوميا جراء تواصل الإغلاقات، أي ما يقارب ضياع نحو 600 ألف برميل من الإنتاج النفطي يوميا، بحسب تصريحات سابقة لوزير النفط الليبي، في وقت عرفت أسعار النفط انتعاشا غير مسبوق، ولم يخف خبراء النفط بالبلد تخوفهم من الدخول في أزمة طاقة بخاصة أن الدول الأوروبية تعتمد على الإمدادات النفطية الليبية التي كان البلد يطمح إلى رفعها إلى أكثر من 1.20 مليون برميل يوميا (الإنتاج اليومي للنفط قبل إغلاق حقلي الشرارة والفيل).