ليبيا تسعى لدمج الميليشيات في القوات الحكومية دون نزع السلاح

لا خطة واضحة حتى الآن لنزع سلاح الفصائل في حين تنتظر ليبيا الانتخابات المقررة بعد شهرين.
الأحد 2021/10/24
من سيضبط سلوك الميليشيات بعد دمجها في المؤسسات

طرابلس - أطلقت الحكومة الليبية السبت مشروعا وطنيا لتأهيل وإعادة دمج الشباب المنضوين تحت التشكيلات المسلحة، والراغبين في الالتحاق بمؤسسات الدولة، دون الإعلان عن خطة واضحة لجمع سلاحها قبل موعد الانتخابات المقرر في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل.

وجاء إطلاق المشروع خلال فعالية في العاصمة طرابلس، بمشاركة رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة وعدد من الوزراء والمسؤولين، وفق بيان المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة عبر صفحته على فيسبوك.

وقال الدبيبة خلال الفعالية إن "حكومته في خضم تقديم أفضل البرامج الشبابية، في ظل سعيها لتحقيق ضمان مستقبل زاهر لكل شرائح المجتمع".

وأضاف "نقوم بإدماج الشباب عبر توفير البرامج المهنية والتوظيفية التي تكفل لهم الحياة الكريمة، وتبعد عنهم شبح الانخراط في الحروب وتجعل منهم أفرادا قادرين على الاندماج والعمل وتقديم ما بجعبتهم من قدرات للمشاركة في بناء الوطن".

وتنظم المشروع وزارة العمل والتأهيل تحت شعار "بالتأهيل والعمل نساهم في عودة الحياة"، و"يستهدف الشباب المنضوين تحت التشكيلات المسلحة (الميليشيات) والراغبين في الالتحاق بمؤسسات الدولة".

ودعا الدبيبة الشباب إلى "الانطلاق نحو البناء والتعمير، ونبذ شعارات الحروب والخراب والعمل من أجل تحقيق حاضر مستقر وبناء مستقبل أفضل لأبنائنا وأحفادنا".

ويقوم المشروع على تقسيم الشباب إلى عدة فئات، بحيث يتم إلحاق الفئة الأولى بعدد من المهن والحرف، بينما يعود البعض إلى الدراسة الجامعية، على أن يتم دمج باقي الشباب داخل المؤسسات العسكرية والأمنية بعد توحيدها.

وأشار الدبيبة إلى أن "الخطة الزمنية التي نعمل عليها بإشراف وزارة العمل والتأهيل تهدف إلى رفع قدرات كافة العناصر الراغبة في الاندماج والعمل على استقطاب الجميع، وتوفير الفرص لرفع الكفاءة والتطوير العلمي والفني بتوفير كل الدورات العلمية والفنية والإلكترونية".

وشدد على أن "الوطن يستحق منا أن ندعم توجهه نحو الاستقرار والأمن والسلام، وعلينا جميعا أن نكون في الموعد لتحقيق هذه الأهداف المرجوة".

وكانت مجموعات مسلحة تشكلت خلال مرحلة الإطاحة بالزعيم الراحل معمر القذافي عام 2011، لتمثل لاحقا معضلة أمنية في ليبيا، وسط خطط حكومية لإعادة تأهيل أفرادها ودمجهم بمؤسسات الدولة، خاصة الأمنية منها.

ورغم توقيعها قبل سنة، فإن بنود الاتفاق على نزع سلاح الميليشيات لم تُنفذ على أرض الواقع، ويبقى التساؤل الملح حول مدى جدوى خطة الحكومة لدمج تلك الجماعات وكيفية جمع السلاح الذي بحوزتها، وإن كانت ستسلمه طواعية في حال انصياعها لأوامر رئيس الحكومة بصفته وزيرا للدفاع أم لا.

وأكد خبراء الأمم المتحدة في تقارير لهم امتلاك المجموعات المسلحة في ليبيا ترسانة من الأسلحة الآلية الخفيفة والمتوسطة، إلى جانب سيارات الدفع الرباعي المحملة بالرشاشات وراجمات الصواريخ متعددة الأعيرة وأعداد من الدبابات، زيادة على مدافع ميدانية محمولة، في وقت رصد الخبراء إقبال الميليشيات على تخزين العتاد العسكري.

ويرى متابعون أنه يتوجب سحب وتجميع السلاح المتوسط والثقيل المنتشر، مع ضرورة وضع قوانين صارمة بشأن حمله ومعاقبة المخالفين للقرار، قبل دمج تلك التشكيلات المسلحة في مؤسسات الدولة.

وتشكلت في ديسمبر الماضي لجنة متابعة وتنظيم القوات المساندة برئاسة وزير داخلية حكومة الوفاق السابقة فتحي باشاغا، تنفيذا لضغوط من المجتمع الدولي وبمساعدة أميركية لإيجاد إطار قانوني لحل الميليشيات وجمع سلاحها، وإعادة إدماج عناصرها ممن تتوفر فيهم الشروط الضرورية.

وفي أغسطس الماضي أطلعت اللجنة الدبيبة على برنامج عملها لاستيعاب القوات المساندة في مؤسسات الدولة، العسكرية والشرطية والمدنية، والذي لا يقتصر على منطقة دون غيرها، كما استعرضت نتائج استبيان أُجري لنحو 11 ألف شخص من الفئات المستهدفة في كل مناطق ليبيا، بهدف حصر بياناتهم.

ويؤكد مراقبون صعوبة تلك الخطوة كون الإشكالية في طبيعة انتماء الميليشيات الأيديولوجي والقبلي والجهوي، وتورط بعضها في جرائم ضد المدنيين وضد مسؤولين، مع تمكنها من الإفلات من العقاب.

وأعلنت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس عن خطتها لتأمين الانتخابات في موعدها المحدد نهاية العام 2021 الجاري.

وأوضحت الوزارة خلال استعراضها للخطة أمام رئيس حكومة الوحدة الوطنية أنها جهزت أكثر من 35 ألفا من عناصر الشرطة لتأمين الانتخابات موزعين على 25 دائرة انتخابية، مؤكدة أنها تعمل مع كل أجهزة الدولة لضمان نجاح الانتخابات.

ولسنوات عانى البلد الغني بالنفط صراعا مسلحا، بدعم من دول عربية وغربية ومرتزقة ومقاتلين أجانب. وقبل شهور شهدت ليبيا انفراجا سياسيا، ففي السادس عشر من مارس الماضي تسلمت سلطة انتقالية منتخبة تضم حكومة وحدة ومجلسا رئاسيا مهامها لقيادة البلاد إلى الانتخابات برعاية الأمم المتحدة، قبل أن تتجدد التوترات في البلاد.