ليبيا تسعى لحماية أصولها المصادرة في أفريقيا الوسطى

نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي يثير قضية عرض أصول بلاده المجمدة في مزاد علني بعد تعهد البرلمان باتخاذ إجراءات قانونية ضد عملية البيع المحتملة.
الأحد 2023/02/19
تحرك ليبي لمنع بيع أصول مصادرة

أديس أبابا – بحث نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي عبدالله اللافي مع رئيس أفريقيا الوسطى فوستن تواديرا السبت ما أثير خلال الفترة الأخيرة عن مصادرة أصول ليبيا في البلد الأخير، وسط تزايد المخاوف بشأن مصير مجمل الأصول المجمدة في الخارج، منذ إسقاط نظام الزعيم الراحل معمر القذافي.

وأثار الكشف عن مصادرة أفريقيا الوسطى أصولا ليبية وسعيها لبيعها في المزاد العلني موجة سخط واسعة في الأوساط الليبية، وسط مطالب بالمحافظة على تلك الأموال واستردادها سريعا.

الأمر الذي دفع نائب رئيس المجلس الرئاسي إلى استغلال القمة الأفريقية المنعقدة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا السبت لإثارة هذه القضية.

وبحسب بيان للمجلس الرئاسي الليبي، فقد ناقش اللافي العلاقات الثنائية بين البلدين، وملف الاستثمارات الليبية في أفريقيا الوسطى وسبل حمايتها وصونها.

ووجه الرئيس فوستن تواديرا، بحسب البيان الليبي، دعوة إلى اللافي لزيارة أفريقيا الوسطى للتباحث في هذا الملف.

وفي السابع والعشرين من يناير الماضي، أصدرت الشركة الليبية للاستثمارات الأفريقية بيانا رفضت فيه بيع أصولها في دولة أفريقيا الوسطى، دون توضيح كيفية تبلّغها بذلك.

وحمّلت الشركة مسؤولية ذلك لموظف في الشركة واتهمته "بالامتناع عن تسليم مهامّ إدارة الشركة عند انتهاء مدة إعارته، والاستيلاء على إدارتها وتوريطهم في التزامات تجاوزت فوائدها 10 ملايين دولار".

ووفق الشركة الليبية، فإنها تمتلك في أفريقيا الوسطى "فندقا 5 نجوم، وعمارتين سكنيتين، وقطعة أرض حصلت عليها ليبيا مقابل قروض منحتها للدولة الأفريقية بموجب اتفاقية موقّعة بين البلدين عام 2007".

وتتبع الشركة المؤسسة الليبية للاستثمار (حكومية قابضة)، التي تأسست عام 2006، وتضمّ 550 شركة منتشرة في أفريقيا وأوروبا وأميركا الشمالية، ويبلغ إجمالي ما تملكه نحو 67 مليار دولار أميركي.

وتعليقا على الضجة التي أحدثها ذلك الإعلان، أصدرت لجنة الاقتصاد والاستثمار بمجلس النواب الليبي بيانا رفضت فيه "مصادرة وبيع أصول ممتلكات ليبية بأفريقيا الوسطى في مزاد علني"، في حين لم تعلق السلطات في أفريقيا الوسطى على الأمر.

وتعهدت اللجنة البرلمانية في بيانها "بتحريك دعوى جنائية في حال تم استمرار الإعلان عن المزاد"، داعية حكومة أفريقيا الوسطى إلى "عدم الاعتداد بالمزاد واتخاذ الإجراءات لإيقافه فورا وحماية الاستثمارات الليبية وفقا للاتفاقيات المبرمة بين البلدين".

وقضت محكمة في العاصمة بانغي ببيع أملاك للدولة الليبية في المزاد العلني، وهي "فندق فخم" قدرت قيمته بـ45 مليون يورو، وعمارتان بهما شقق مقدرة بـ80 مليون يورو، بالإضافة إلى قطعة أرض قدرت قيمتها بـ6 ملايين يورو، وخاطبت المحكمة النائب العام ووزير العدل بأفريقيا الوسطى، لعقد المزاد العلني.

وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها الأصول الليبية المجمدة في الخارج للمخاطر، فقد سبق وأجرى النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور مباحثات مع نظيره البلجيكي في العاصمة بروكسل، مطلع فبراير الحالي، استهدفت إعادة هذه الأموال المقدرة بـ14 مليار يورو.

وقبل خمسة أعوام، تجددت المخاوف في ليبيا بشأن ما أثارته حينها صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية من أن مجلس اللوردات يقترب من إقرار تشريع لإنشاء صندوق تعويضات لأسر البريطانيين ضحايا هجمات الجيش الجمهوري الأيرلندي، من أصول الأموال الليبية المجمدة في بريطانيا، وتقدر بـ9.5 مليار إسترليني.

ومنذ سنوات تسعى الحكومات الليبية للمحافظة على أصول البلاد واسترجاع أموالها المجمدة في عدد من الدول بموجب قرار مجلس الأمن الصادر في مارس 2011، في إطار العقوبات التي فرضها على نظام معمر القذافي قبل الإطاحة به ذاك العام.

ومع عدم وجود رقم رسمي لحجم تلك الأموال، يقدر مسؤولون ليبيون قيمتها بـ200 مليار دولار موزعة على عدد كبير من الدول الأوروبية في شكل أصول ثابتة وودائع وأسهم وسندات مالية واستثمارات عينية.

وأمام تصاعد حالة الغضب السياسي حينها في ليبيا، تم إلغاء فكرة القرار، وسط دعوات محلية ودولية "إلى الإسراع بإجراء انتخابات ليبية كي يتسنى للسلطات المنتخبة المحافظة على أموال الشعب من الضياع".

ومنذ تولي حكومة الوحدة الوطنية السلطة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، وهي تجري مباحثات مع كبار المسؤولين في جزيرة مالطا حول كيفية استعادة أكثر من 80 مليون يورو من الودائع المصرفية المجمدة في بنك "فاليتا" مرتبطة بأسرة القذافي.

ويعتقد أن هذه الأموال تخص المعتصم بالله، ابن القذافي، إذ تسنى للسلطات الليبية تتبع هذه الأموال بعد عام 2012 وتوصلت إلى أن المعتصم كان يحتفظ بها في مالطا تحت اسم شركة مسجلة باسمه، وعندما قتل عقب اندلاع "ثورة 17 فبراير" عثر بحوزته على بطاقات ائتمانية صادرة عن بنك "فاليتا".

والمعتصم هو الابن الرابع للقذافي، وكان مسؤولا كبيرا بالجيش وشغل منصب مستشار الأمن القومي في ليبيا من عام 2008 حتى 2011، قبل أن يقتل في "معركة سرت" على يد مناهضين لحكم والده.