ليبيا تسعى إلى زيادة قدرات إنتاج الوقود الأحفوري رغم التحديات

مؤسسة النفط تعتزم حفر 121 بئرا استكشافية جديدة خلال 2024.
الخميس 2024/06/13
إعادة تعديل البوصلة ضرورية

يحث الليبيون خطاهم نحو النهوض بقطاع الوقود الأحفوري عبر الاستثمار الأمثل للموارد بعد سنوات من الارتباك والتلكؤ في إدارة هذه الصناعة المهمة، وهو ما من شأنه تعظيم العوائد ومن ثم ضخها في دروب الاقتصاد المتعطش للنمو رغم التحديات التمويلية وتلك المتعلقة بالأمن والاستقرار.

طرابلس - أعلنت السلطات الليبية الثلاثاء الماضي أن مؤسسة النفط الحكومية تعتزم حفر عشرات الآبار لاستكشاف النفط والغاز هذا العام، ضمن خططها لزيادة الإنتاج إلى مليوني برميل يوميا.

ويرى محللون أن تحقيق البلد لأهدافه واستعادة القطاع لزخمه سيتطلبان المزيد من الاستقرار السياسي وتهيئة كافة الظروف وخاصة في ما يتعلق بمناخ الأعمال.

وتواجه صناعة النفط أساسا تحديات كثيرة يتعلق جزء منها بتوفير التمويلات اللازمة بعدما دخلت خلال سنوات الحرب في متاهة المشاكل والابتزاز، ما جعلها تتخبط في أزمات لا حصر لها.

وقالت المؤسسة في بيان إنها “تواصل خلال 2024 سلسلة من العمليات الهامة في القطاع”، وإنها “تعكف على خطة لحفر 121 بئرا جديدة لاستكشاف واستغلال الموارد الطبيعية”.

كما تجري “صيانة لنحو 1335 بئرا أخرى لضمان استدامة إنتاج النفط”، حسب البيان. ولم تذكر المؤسسة أماكن الآبار التي تعتزم حفرها أو التكاليف التقديرية.

وفي سبتمبر 2022، أعلنت وزارة النفط أن 40 في المئة من المواقع المحتمل ظهور النفط فيها “تقع في نطاق المساحات التي سيتم فيها تفعيل اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين ليبيا وتركيا”.

ويأتي إعلان المؤسسة بعد يومين على تأكيد رئيسها فرحات بن قدارة عزم المؤسسة “زيادة الإنتاج إلى مليوني برميل يوميا بنهاية العام القادم على أن تكون الزيادة تدريجية”.

فرحات بن قدارة: نعمل على عودة شركات الطاقة العالمية إلى البلاد
فرحات بن قدارة: نعمل على عودة شركات الطاقة العالمية إلى البلاد

وقال بن قدارة، خلال اجتماع مع رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة، الأحد الماضي “إن المؤسسة تعمل مع وزارة النفط والغاز على عودة الشركات العالمية في مجال النفط للعمل في ليبيا، والمساهمة في المشاريع والخطط المعتمدة لزيادة الإنتاج”.

وشدد الدبيبة بدوره على ضرورة توحيد جهود كل مؤسسات الدولة لزيادة الإنتاج وتطوير أداء الشركات التابعة، والإفصاح عن كافة المشروعات ومختلف البيانات.

كما وجه بضرورة دعم القطاع الخاص الليبي المتخصص في هذا المجال، مع العمل على إدخاله كمساند مع عدد من الشركات الأجنبية ودعم هذه الشراكات للرفع من كفاءة الكوادر المحلية.

ويحتاج تطوير القطاع إلى استثمارات كبيرة، وبما أن البلد يمر بأزمة نتيجة سوء إدارة الموارد المالية والانقسامات الحاصلة في تسيير الدولة، فإن ليبيا تراهن على جذب الشركات الأجنبية للمشاركة في تنمية صناعة النفط والغاز.

وقبل الحرب في 2011 ارتكزت صناعة النفط الليبية على التعاون مع شركات طاقة أميركية وبريطانية وإيطالية وألمانية، وفي 2005 أصدرت السلطات عطاءات لإدخال شركات جديدة للاستثمار في هذا المجال.

ويعتبر قطاع الوقود الأحفوري المصدر الرئيسي للدخل في ليبيا، غير أن القطاع عانى خلال السنوات الماضية جراء تعرض الحقول والموانئ النفطية إلى هجمات مسلحة، بالإضافة إلى إغلاقها أكثر من مرة من قبل محتجين.

وعلى مدار سنوات، شهدت البلاد صراعات سياسية ونزاعات مسلحة واحتجاجات مطالبية أوقفت العمل لفترات متفاوتة في حقول وموانئ تصدير النفط.

وعملت شركات طاقة أميركية في ليبيا، وقد استحوذت على حصص في حقول النفط في الماضي، من بينها هاليبرتون وأوكسيدنتال بتروليوم كورب وكونوكو فيليبس وماراثون أويل كورب، ولكن بعضها باع أصولا بعد الحرب.

ولدى تلك الشركات استثمارات متنوعة في مناطق تحتوي على خامات ذات جودة عالية وذلك في الشرق والمنطقة الوسطى والجنوب الغربي والشرقي، وهي تتمتع بحضور قوي رغم منافسة شديدة من شركات أوروبية وآسيوية.

وتعتبر هاليبرتون، التي تعمل في 120 بلدا، من أهم شركات الخدمات النفطية في ليبيا وتعمل مع معظم الشركات المحلية الناشطة في القطاع بسبب تخصصاتها ذات المرونة والتطور التكنولوجي.

وشاركت الشركة، التي تتخذ من هيوستن مقرا لها، في تطوير العديد من الآبار النفطية الليبية وكذلك صيانتها لتعزيز الكفاءة الإنتاجية، وهو ما انعكس على بقية القطاعات المرتبطة بالمجال النفطي حيث تعتمد على منتجات السوق المحلية في إدارة مشاريعها.

وبعد أن علقت أعمالها مع تفجر الأزمة، أعلنت الشركة في 2019 أنها ستعود إلى السوق الليبية بعد تصريح كولبي فيوزر نائب الرئيس التنفيذي، الذي أبدى تفاؤله بذلك مع تدشين فرع بمدينة بنغازي.

أما أوكسيدنتال بتروليوم، التي تنشط في التنقيب، فتعمل بحقول منتجة للخام المعروف بـ”مزيج زويتينة” عالي الجودة، وهي تستحوذ على حصة تقدر بنحو 36 في المئة في شركة الزويتينة لتنمية حقول الحكيم والفداء والصباح وحقل 103.

2

مليون برميل يوميا مستهدف خطط مؤسسة النفط الليبية من تطوير العديد من الحقول

وحاليا، يبلغ إنتاج ليبيا نحو 1.25 مليون برميل نفط يوميا. وكان الإنتاج يبلغ 1.6 مليون برميل يوميا قبل اندلاع الحرب، والتي نالت من هذه الصناعة، وأدت إلى هبوط الإنتاج إلى 100 ألف برميل يوميا في فترة من الفترات.

وتسبب تآكل البنية التحتية في بعض المنشآت وتضرر بعض الأنابيب في التقليص من إنتاج الخام للبلد، وبالتالي فإن تعطل عمليات الصيانة الدورية سيحد من الصادرات وسيجعل العائدات تقل.

وتعاني شبكة أنابيب النفط من مشاكل فنية مرتبطة بتقادم الخطوط، إلى جانب تعرض جزء منها لعمليات تخريب من جانب جماعات مسلحة خلال النزاع العسكري.

ويمثل النفط القوة الدافعة للاقتصاد الليبي حيث يشكل قرابة 96 في المئة من الصادرات، وما يصل إلى نحو 98 في المئة من إيرادات خزينة الدولة.

وتمكنت ليبيا من تحقيق إيرادات نفطية أقل بنهاية 2023 في ظل تراجع الأسعار والاضطرابات التي شهدها القطاع سواء تعلقت بشلل الإنتاج أو تلك المتعلقة بالتصدير إلى الأسواق العالمية بسبب الخلافات وإغلاق الحقول.

وأظهرت بيانات نشرها البنك المركزي في يناير الماضي أن إيرادات البلاد من مبيعات النفط بلغت 20.7 مليار دولار خلال العام الماضي.

ويقل هذا المبلغ عن 22.1 مليار دولار تم تسجيلها في 2022، الذي شهد ارتفاعات هي الأعلى على الأسعار منذ 2008، عند متوسط 98 دولارا للبرميل، مقارنة مع 81 دولارا في 2023.

وكانت الإيرادات التي حققها البلد العضو في منظمة أوبك، ويتمتع بإعفاء تخفيضات الإنتاج ضمن تحالف أوبك+ في العام 2022 هي الأعلى في ست سنوات.

11