ليبيا تستعد لإعادة فتح معبر رأس جدير بعد اتفاق مشترك لتأمينه

طرابلس - تستعد السلطات الليبية لإعادة فتح معبر رأس جدير الحدودي مع تونس خلال اليومين القادمين، وذلك بعد أسبوع من إغلاقه عقب نشوب اشتباكات مسلحة بين أجهزة أمنية تابعة لوزارة الداخلية وكتائب تابعة لمدينة زوارة (أمازيغ).
ومن المتوقع أن تستأنف حركة العبور بين البلدين، بعد توصل الأطراف الليبية المتصارعة على المعبر، إلى اتفاق يقضي بتشكيل قوة عسكرية من عدة كتائب تابعة لرئاسة الأركان، وتحت إشراف المنطقة العسكرية الغربية، وبالتنسيق مع غرفة العمليات العسكرية زوارة تتولى فرض الأمن بمعبر رأس جدير وحماية السلم الاجتماعي.
وفي هذا السياق، أعلنت الغرفة العسكرية بمدينة زوارة، في بيان الخميس، أنه بعد الاتفاق والتنسيق بين الجهات المعنية، توجهت قوة عسكرية من عدة كتائب تابعة لرئاسة الأركان وتحت إشراف المنطقة العسكرية الغربية وبالتنسيق مع غرفة العمليات العسكرية زوارة، إلى منفذ رأس جدير من أجل التجهيز لإعادة افتتاحه من قبل الجهة المختصة.
وأظهرت صور متداولة وصول هذه القوة المشتركة إلى معبر رأس جدير وتمركز عناصرها وانتشارهم قرب البوابات، تمهيدا لإعادة فتحه وتأمينه وبسط النظام داخله.
وشدّد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة وهو يشغل أيضا منصب وزير الدفاع، خلال اجتماعه مع مساعد رئيس الأركان صلاح النمروش، على ضرورة أن يقتصر عمل القوة العسكرية المشتركة على بسط الأمن في معبر رأس جدير، بعيدا عن التجاذبات السياسية والقبلية، داعيا البلديات والأعيان إلى دعم سلطة الدولة في كافة المنافذ.
وطالب الدبيبة البلديات والأعيان بـ"ضرورة دعم الدولة، والوقوف معها في بسط نفوذها في المنافذ كافة دون استثناء".
ومن جهته، أوضح النمروش أن من مهام القوة العسكرية تسليم المعبر للجهات ذات الاختصاص من الأجهزة الأمنية ومساندتها لإيقاف التهريب والفوضى من الأطراف الخارجة عن القانون.
والأحد الماضي، أصدر النمروش تعليماته لسبعة ألوية عسكرية بتجهيز قوة، قوامها سرية، بكامل عتادها على وجه السرعة، على أن يوافى بتمام ذلك فور تجهيزها وذلك في منشور موجه إلى رئاسة أركان القوات البحرية، ومنطقة طرابلس العسكرية، والمنطقة العسكرية بالساحل الغربي.
وتوجّهت أرتال عسكرية ليبية مساء الأربعاء الى الحدود التونسية الليبية بأمر من وزير الداخلية الليبي عماد الطرابلسي وبأمر من رئيس الأركان الليبي "محمد الحداد".
وتمركزت تلك التشكيلات العسكرية الضخمة والتي أظهرتها صور تم نشرها، بنقطتين على الحدود مع تونس، حيث اتجهت احداها الى منطقة العسة والتي تبعد قرابة 20 كلم على الحدود الصحراوية مع تونس والتي لا تقابلها اي مدينة من الجانب التونسي.
وتمثل تلك القوة التي ظهرت مدججة بالأسلحة وزارة الداخلية الليبية والتي تتلقى أوامرها من عماد الطرابلسي وزير الداخلية، في حين سيشرف عليها القائد الميداني عبدالحكيم الخيتوني وبمساعدة علي الجابري.
وتوجهت القوة الأخرى والتي انطلقت من طرابلس والتابعة لرئاسة الأركان الليبية الى معبر رأس جدير الحدودي مع تونس، أين تم تنظيم افطار جماعي "للصلح" مع الكتيبة 105 مشاة التابعة لبلدية زوارة ذات المكون الأمازيغي وقوة التدخل الخاصة " المقنعين" وتم الاتفاق على تأمين مشترك للمعبر وتجاوز الخلاف الذي جد في 18 مارس.
وجرى خلال الأيام القليلة الماضية تنظيم عدد من الاجتماعات بين كل من وزارة الداخلية الليبية والغرفة العسكرية التابعة لبلدية زوارة لبحث سبل حلحلة الوضع سلميا وتجنب المواجهة المسلحة التي كانت في لحظة ما قاب قوسين أو أدنى خاصة بعد تصريحات وزير الداخلية الليبية عماد الطرابلسي التي توعد فيها بإستعادة النقطة الحدودية بالقوة.
ويتوقع أن يتم فتح معبر رأس جدير الحدودي بين تونس وليبيا في المدة القليلة القادمة خاصة بعد القرارات الأخيرة و"اقتسام" ادارة المعبر وصدور قرار بات من النائب العام في ليبيا بضرورة تكوين قوة مشتركة تؤمن المعبر.
ويذكر أن معبر ذهيبة وازن بقي مفتوحا أمام حركة العبور الا انه شهد ازدحاما بعد اغلاق معبر رأس جدير الذي يعتبر البوابة الحدودية الاهم بين البلدين.
بالعودة الى الأحداث التي جدت يوم 18 مارس، فإن قوة تابعة لما يسمى بإدارة انفاذ القانون التابعة لوزارة الداخلية الليبية توجهت الى معبر رأس جدير الحدودي وتولت اعلام التشكيلات العسكرية الموجودة فيه بضرورة الخروج منه لاستلامه بشكل رسمي.
ورفضت بلدية زوارة (40 كلم على الحدود مع تونس) اجراء وزارة عماد الطرابلسي لتقوم ما يسمى بالغرفة العسكرية التابعة لها بإقتحام المعبر بالقوة ونشوب مواجهات مسلحة أدت الى سقوط جرحى.
واتخذت السلطات الليبية المشرفة على المعبر قرار بتمرير معداتها الى الجانب التونسي في حين تناقلت وسائل اعلام متطابقة أن رئيس المعبر من جانبه الليبي عاد الى العاصمة طرابلس عبر مطار جربة جرجيس الدولي.
وقامت تونس بإغلاق المعبر من جانبها لساعات لتأمين الارواح ثم اعادت فتحه بشكل طبيعي، الا ان وزارة الداخلية الليبية اقرت اغلاق المعبر الى أجل غير مسمى.
وانسحبت اثر ذلك التشكيلات المسلحة التابعة لما يسمى بإدارة انفاذ القانون الى العاصمة طرابلس في حين تمركزت الغرفة العسكرية التابعة لبلدية زوارة بالمعبر الحدودي بين تونس وليبيا رافضة التنحي.
وتسيطر بلدية زوارة ذات المكون الأمازيغي على المعبر الحدودي برأس جدير منذ أحداث 2011 التي أدت الى سقوط نظام العقيد معمر القذافي.
وتولت البلدية ادارة المعبر منذ ذلك الحين وقد شهد المعبر طيلة العشرية الماضية حالة من الفوضى وغياب تمشي قانوني واضح، حيث يتحول ليلا إلى فضاء فسيح للتهريب بين البلدين وخاصة تهريب الوقود كما تفرض الميليشيات المسيطرة عليه إتاوات على العابرين وتجبرهم على دفع رشاوى، وهو ما يجعل منه غنيمة لمن يبسط عليه نفوذه.