ليبيا تحبط مخطط تبون لتشكيل كيان مغاربي جديد

نواكشوط - يبدو أن مساعي الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى إنشاء اتحاد ثلاثي مع تونس وليبيا خلفا للاتحاد المغاربي بمعزل عن المغرب وموريتانيا، قد باءت بالفشل الذريع.
فبعد أقل من 24 ساعة على تأكيد مبعوث رئيس المجلس الرئاسي الليبي، سامي المنفي، خلال زيارة أجراها الثلاثاء إلى الرباط، على دور المملكة المغربية، كدولة فاعلة ومؤثرة في اتحاد المغرب العربي، تسلم الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، الأربعاء، رسالة من رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، تتعلق بتفعيل اتحاد المغرب العربي، وتعزيز التعاون بين البلدين.
وذكرت وكالة الأنباء الموريتانية الرسمية، استقبل الغزواني المبعوث الليبي عماد الفلاح بالقصر الرئاسي في العاصمة نواكشوط، الأربعاء، الذي سلمه رسالة من المنفي.
ونقلت الوكالة عن المسؤول الليبي قوله إن الرسالة "تتعلق بتفعيل دور اتحاد المغرب العربي والتشاور المستمر بين البلدين".
وأضاف الفلاح "جئت محملاً برسالة من المنفي إلى أخيه الرئيس الغزواني تتضمن التأكيد على عمق العلاقات التاريخية بين موريتانيا وليبيا".
وأوضح أن الرسالة تتعلق أيضا بـ"التشاور المستمر بشأن المجالات التي تهم البلدين الشقيقين، ومن ضمنها تفعيل دور اتحاد المغرب العربي"، دون تفاصيل عما جاء في الرسالة بشأن هذه المسألة.
وأشار الفلاح إلى أنه "تلقى ردودا إيجابية من الرئيس الموريتاني بشأن المواضيع التي تتضمنها الرسالة"، والذي أكد "حسن العلاقات الدائمة (بين البلدين) وعلى ضرورة تعزيز التعاون المشترك بينهما في كافة المجالات".
وتؤكد سرعة إرسال المبعوث الليبي إلى نواكشوط أن طرابلس تريد أن تبرر حضورها اللقاءَ الثلاثي بين رؤساء تونس والجزائر وليبيا، وأنها ليست محسوبة على الجزائر، ولا تريد إنهاء عمل اتحاد المغرب العربي وبعث اتحاد جديد يستثني الرباط ونواكشوط.
وتمسك ليبيا بتفعيل اتحاد المغربي العربي من شأنه أن يحبط مشروع تبون الذي كان يسعى إلى لملمة تكتل أعرج اعتبره كثيرون أنه مناورة من الجزائر حتى لا تبدو أنها معزولة وسط جيرانها.
تأتي رسالة المنفي للرئيس الموريتاني بعد أيام من قمة تشاورية لقادة ليبيا وتونس والجزائر، استضافتها تونس، وغابت عنها موريتانيا والمغرب.
وكان وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، استقبل الثلاثاء بالرباط، مبعوث رئيس المجلس الرئاسي الليبي، سامي المنفي، حاملا رسالة خطية إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، من رئيس المجلس الرئاسي الليبي.
وقال السفير أبوبكر إبراهيم الطويل، القائم بأعمال السفارة الليبية بالمغرب، في تصريح للصحافة عقب هذا اللقاء، إن هذه الزيارة تندرج كذلك في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز اتحاد المغرب العربي من أجل تحقيق تطلعات شعوب المنطقة لمزيد من الاستقرار والازدهار، مبرزا الدور الفعال الذي يضطلع به المغرب لصالح الاندماج المغاربي.
وكان مصدر مقرب من المجلس الرئاسي الليبي قد رفض، مؤخرا، جملة وتفصيلا، كل محاولة تروم إلى خلق إطار بديل يحل محل اتحاد المغرب العربي، مشددا على الحاجة الملحة لتعزيز هذه المجموعة الإقليمية، التي أرست أسسها بلدان المنطقة الخمسة في مراكش سنة 1989.
ويأتي ذلك في أعقاب مواصلة النظام الجزائري مساعيه لإحداث تكتل مغاربي يضم الجزائر وتونس وليبيا ويستثني المغرب، في وقت نأت فيه موريتانيا بنفسها عن هذا الكيان، في ظل شلل اتحاد المغرب العربي.
وبالرغم من خطاب الطمأنة الذي حاول تبون أن يعلن به عن مشروعه من خلال تأكيده على أن كيانه ليس موجها ضد أي دولة وأنه ليس بديلا عن أي تكتل آخر، فإن العديد من المتتبعين اعتبروا الخطوة محاولة لـ"تقسيم المنطقة وإفشال حلم المغرب الكبير".
وفي أوائل مارس الماضي، أعلن قادة الجزائر وتونس وليبيا "شراكة استراتيجية"، مع الالتزام بعقد قمم دورية، لمعالجة التحديات الأمنية والاقتصادية بين الدول الثلاث.
واتفق الرئيس الجزائري ونظيره التونسي قيس سعيد، ورئيس المجلس الرئاسي، على هامش القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز، المنعقدة في الجزائر، على عقد اجتماعات كل ثلاثة أشهر، لمعالجة التحديات الأمنية والاقتصادية الملحة.
وكان رئيس المجلس الرئاسي الليبي، قد دعا إلى تفعيل اتحاد المغرب العربي واستئناف عقد اجتماعاته، قائلا إن بلاده ستبذل ما في وسعها في سبيل هذا الهدف، وفق ما ورد في بيان نشره مكتبه الإعلامي قبل أسابيع.
وغاب الرئيس الموريتاني، في بداية مارس الماضي، عن اجتماع بالجزائر، ضم كل من تبون وسعيد والمنفي، وهو ما فسر على أنه نأي من نواكشوط بنفسها عما "يحاك ضد المغرب"، لكن تبون حاول استقطابه، إذ أخبره بمضمون الاجتماع، بحسب بيان للرئاسة الموريتانية.
وتمّ تأسيس اتّحاد المغرب العربي في مراكش سنة 1989 سعياً إلى تعزيز الروابط السياسية والاقتصادية بين المغرب والجزائر وموريتانيا وتونس وليبيا، على شكل الاتحاد الأوروبي.
وبعد بدايات موفقة ونشاطات كثيفة، جُمّد كلّ شيء في ظل خلافات بين بعض دوله، ولم تُعقد أي قمّة على مستوى قادة الاتحاد منذ قمة 1994 في تونس.