ليبيا تجني إيرادات أقل من تجارة النفط في 2023

طرابلس - تمكنت ليبيا من تحقيق إيرادات نفطية أقل بنهاية 2023 في ظل تراجع الأسعار والاضطرابات التي شهدها القطاع سواء تعلقت بشلل الإنتاج أو تلك المتعلقة بالتصدير إلى الأسواق العالمية بسبب الخلافات وإغلاق الحقول.
وكشفت بيانات نشرها مصرف ليبيا المركزي في وقت متأخر الأحد الماضي على حسابه في فيسبوك أن إيرادات البلاد من مبيعات النفط الخام بلغت 99.1 مليار دينار (20.7 مليار دولار) خلال العام الماضي.
ويقل هذا المبلغ عن 22.1 مليار دولار تم تسجيلها في 2022، الذي شهد ارتفاعات هي الأعلى على أسعار الخام منذ 2008، عند متوسط 98 دولارا للبرميل، مقارنة مع 81 دولارا في 2023.
وكانت الإيرادات النفطية التي حققها البلد العضو في منظمة أوبك، ويتمتع بإعفاء تخفيضات الإنتاج ضمن تحالف أوبك+ في العام 2022 هي الأعلى في ست سنوات.
وبحسب بيانات الإيرادات والمصروفات الصادرة عن البنك المركزي، شكلت عائدات النفط الخام ما نسبته 79 في المئة من إجمالي الإيرادات البالغة 26.4 مليار دولار.
20.7
مليار دولار عوائد تجارة النفط في 2023 قياسا بنحو 22 مليار دولار قبل عام
وتتوزع الإيرادات الأخرى بين عائدات ضريبية وجمارك، وإيرادات قطاع الاتصالات، وإيرادات مبيعات مشتقات الوقود في السوق المحلية، وأخرى، بحسب المركزي.
في المقابل، بلغ إجمالي الإنفاق المالي للدولة خلال العام الماضي، 26.1 مليار دولار، ما يعني أن الدولة لم تسجل أي عجز مالي في 2023.
وتنتج ليبيا بالمتوسط 1.3 مليون برميل يوميا، ولديها خطة متوسطة المدى لزيادة الإنتاج إلى مليوني برميل يوميا.
ومنذ سبعينات القرن الماضي اعتمدت ليبيا، التي تملك أكبر احتياطات من النفط في قارة أفريقيا، على عائدات صادراتها من الثروة الهيدروكربونية إلى حد كبير.
لكن خلال عقد من النزاعات العسكرية التي أعقبت ثورة 2011، غالبا ما كانت الجماعات المسلحة تقوم بإغلاق المنشآت النفطية أو الإضرار بها وتكررت هذه الحالة مرار مما أضر بالعوائد.
وكان إنتاج البلاد 1.6 مليون برميل يوميا قبل اندلاع الحرب، والتي نالت من هذه الصناعة، وأدت إلى هبوط الإنتاج إلى 100 ألف برميل يوميا في فترة من الفترات.
وتسبب تآكل البنية التحتية في بعض المنشآت وتضرر بعض الأنابيب في تقلص إنتاج الخام للبلد، وبالتالي فإن تعطل عمليات الصيانة الدورية سيحد من الصادرات وجعل العائدات تقل.
عائدات النفط الخام شكلت ما نسبته 79 في المئة من إجمالي الإيرادات البالغة 26.4 مليار دولار
وتعاني شبكة أنابيب النفط من مشاكل فنية مرتبطة بتقادم الخطوط، إلى جانب تعرض جزء منها لعمليات تخريب من جانب جماعات مسلحة خلال النزاع العسكري.
ويمثل النفط القوة الدافعة للاقتصاد الليبي حيث يشكل قرابة 96 في المئة من الصادرات، وما يصل إلى نحو 98 في المئة من إيرادات خزينة الدولة.
وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط الحكومية الأحد الماضي حالة القوة القاهرة في حقل الشرارة الذي يمكنه إنتاج ما يصل إلى 300 ألف برميل يوميا من النفط بسبب احتجاجات.
وقالت المؤسسة في بيان إن إغلاق الشرارة، أحد أكبر الحقول في ليبيا، وهو هدف متكرر للاحتجاجات السياسية المحلية والأوسع نطاقا، “أدى إلى وقف إمدادات النفط الخام من الحقل إلى ميناء الزاوية”، وإنها “تتفاوض لاستئناف الإنتاج في أقرب وقت ممكن”.
ويقع الحقل في حوض مرزق بجنوب شرق البلاد وتديره المؤسسة عبر شركة أكاكوس مع شركات ريبسول الإسبانية وتوتال الفرنسية وأو.أم.في. النمساوية وإكوينور إي.كيو.أن.آر النرويجية.
النفط يمثل القوة الدافعة للاقتصاد الليبي حيث يشكل قرابة 96 في المئة من الصادرات، وما يصل إلى نحو 98 في المئة من إيرادات خزينة الدولة
وأغلق محتجون في منطقة فزان بجنوب البلاد الحقل الأسبوع الماضي في إطار احتجاج للمطالبة بخدمات عامة ومشاريع تنموية.
وقالت وزارة النفط والغاز الليبية في بيان الأربعاء الماضي إن “فقدان الثقة في ديمومة تزويد السوق العالمية بالنفط الليبي، ينتج عنه بقاء الخام المحلي دون تسويق، أو يقل الطلب عليه”.
وشددت على أن عواقب وتبعات إغلاق المنشآت النفطية “كانت جد جسيمة على ليبيا، وقد يصعب حصر وبيان كل الأضرار والأخطار التي قد تسببها إقفالات اليوم لبعض الحقول النفطية وذلك لكثرتها وتنوع أشكالها”.
وحذرت من أن “عمليات إيقاف الإنتاج ثم إعادة فتحها من جديد، وما يتطلبه من عمليات صيانة ومعالجة المشاكل الفنية لمعدات وآليات استخراج النفط وإنتاجه وتكريره، كل هذا يتطلب جهدا عريضا ووقتا طويلا وتكلفة عالية تتحملها خزانة الدولة الليبية”.
وفي يوليو الماضي، أوقف محتجون من رجال القبائل الإنتاج في حقول الشرارة والفيل و108 بسبب واقعة خطف وزير المالية السابق فرج بوماطري.
وتواجه صناعة النفط بالبلاد تحديات كبيرة تتعلق بتوفير التمويلات اللازمة لتطوير القطاع بعدما دخل خلال سنوات الحرب في متاهة المشاكل والابتزاز مما جعله يتخبط في أزمات لا حصر لها.
وأكد رئيس مؤسسة النفط فرحات بن قدارة العام الماضي أن الشركة تحتاج إلى ميزانية تقدر بنحو 17 مليار دولار لزيادة الإنتاج إلى مليوني برميل يوميا خلال فترة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات.