ليبرمان يحن "للروليت" فهل يحسم اللعبة لصالحه أم تؤول لنتنياهو

الكنيست يستعد للتصويت بالقراءتين الثانية والثالثة على حل نفسه، وانتخابات إسرائيلية تلوح في الأفق مع تعثر مفاوضات نتانياهو لتشكيل حكومة.
الأربعاء 2019/05/29
غموض يحف بمستقبل ليبرمان السياسي

القدس - يبدو أن مشاعر الحنين للماضي، تراود أفيغدور ليبرمان الذي كان حارسا في شبابه لأحد الملاهي الليلية في ملدوفا، إحدى جمهوريات الاتحاد السوفييتي قبل أن يحط الرحال في إسرائيل في العام 1978، حيث قرر هذه المرة أن يلعب “الروليت الروسية” لكن في الساحة السياسية الإسرائيلية.

“الرصاصة” التي وضعها زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” في طاحونة “مسدسه” بمواجهة رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف بنيامين نتنياهو، قد تنطلق فتصيب مستقبل ليبرمان السياسي في مقتل، أو تخطئها “المطرقة” لتنقلب الطاولة على مستقبل نتنياهو السياسي والشخصي.

وأدى تصلّب ليبرمان في مفاوضاته للانضمام للحكومة اليمينية التي يحاول نتنياهو تشكيلها، ورفضه “حلول وسط”، خاصة في ما يتعلق بقانون التجنيد المثير للجدل، إلى توجه حزب الليكود لحلّ الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، الذي انتخب الشهر الماضي، وأسفر عن فوز “كتلة أحزاب اليمين”، بما فيها حزب ليبرمان بـ65 مقعدا من أصل 120.

وكان وزير الدفاع السابق قد أصر على فرض قانون التجنيد الذي يفرض الخدمة العسكرية على أعضاء الأحزاب الحريدية المتفرغين لدراسة التوراة، وهو أمر رفضه بشدة حزبا “يهدوت هتوراه” و“شاس” الشريكان المفترضان في الائتلاف الحكومي الذي لم يلق النور.

وصادق الكنيست، الثلاثاء، على مشروع قانون لحلّه، وذلك بالقراءة الأولى وفي حال المصادقة بشكل نهائي على المشروع، (يتوقع الأربعاء)، سيتم اللجوء إلى انتخابات مبكرة جديدة في إسرائيل.

وما يزال أمام نتنياهو فرصة حتى الأربعاء لإنقاذ مفاوضات تشكيل حكومته، بيد أن لا مؤشرات عن إمكانية تغيير ليبرمان لمواقفه.

وسبق وأن اتهم نتنياهو ليبرمان بشكل ضمني بالدفع لإجراء انتخابات جديدة، ويقول محللون إن وزير الدفاع السابق بخطوته تلك يضع مستقبله السياسي كما مستقبل رفيقه السابق نتنياهو على “كف عفريت”.

وولد أفيغـدور ليبـرمان في العـاصمـة الملدوفية كيشيناو في العام 1958، وعمل قبل بلوغ سن العشـرين في أحـد المـلاهـي الليليـة كحارس، قبـل أن ينتقـل إلى أذربيجان للعمل، ليختار بعدها الاستقرار نهائيا في إسرائيل في العام 1987.

ما زالت أمام نتنياهو فرصة حتى الأربعاء لإنقاذ مفاوضات تشكيل حكومته، بيد أن لا مؤشرات عن تغيير ليبرمان لمواقفه

وعقب وصوله إلى إسرائيل خدم في الجيش الإسرائيلي، لكن أضواء السياسة كان لها وقع خاص لديه، فانخرط في السياسة الطلابية، لكن انطلاقته الفعلية كانت مع حزب الليكود بين عامي 1993 و1996، ليتدرج في مسيرته حيث تم تعيينه مديرا لمكتب بنيامين نتنياهو لمدة عام، خلال الفترة الأولى التي قضاها الأخير في رئاسة الوزراء.

وترك ليبرمان الليكود عام 1999 لتأسيس حزب أطلق عليه اسم “إسرائيل بيتنا” مستقطبا أصوات الناخبين الإسرائيليين من أصول روسية، فحصل على أربعة مقاعد في أول انتخابات كنيست يخوضها في العام ذاته.

ويعتبر ليبرمان أحد أبرز القادة السياسيين في إسرائيل إثارة للجدل بسبب تصريحاته السياسية النارية، ففي عام 2002 دعا إلى إلقاء الأسرى الفلسطينيين في البحر الميت.

وفي عام 2010 ألقى ليبرمان خطابا من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة بصفته وزيرا لخارجية إسرائيل في حكومة نتنياهو، دعا فيه إلى “تبادل أراض مع سكانها”، قاصدا بذلك تسليم السلطة الفلسطينية مناطق فيها أغلبية فلسطينية ممن يحملون الجنسية الإسرائيلية في منطقة المثلث شمال إسرائيل، مقابل ضم المستوطنات في الضفة إلى إسرائيل، بهدف التخلص من العرب في دولة إسرائيل.

ودفع هذا الخطاب نتنياهو إلى إصدار بيان قال فيه إن “مضمون خطاب وزير الخارجية في الأمم المتحدة لم يتم التنسيق في شأنه مع رئيس الوزراء”. وبعدها عمل نتنياهو على تقليص دور ليبرمان كوزير للخارجية، وكلف مبعوثه الخاص حينئد يتسحاق مولخو بمهام دبلوماسية يفترض أن يقوم بها ليبرمان، لتجنب المزيد من الإحراج الدولي.

وفي عام 2016 انضم ليبرمان إلى حكومة نتنياهو وزيرا للدفاع بعد عام على إقامتها، وعمل على تبني سياسة نتنياهو وتنفيذها حتى أواخر عام 2018. فبعد انطلاق مسيرات العودة في قطاع غزة، نهاية شهر مارس 2018 حافظ ليبرمان على سياسة “ضبط النفس” التي كان ينتهجها نتنياهو لتجنب تصاعد الأمور وخوض حرب في غزة، خوفا من تأثير هذه الحرب على نتائج انتخابات مبكرة كان يمكن أن يعلن عنها في أي لحظة بسبب قضايا الفساد التي يواجهها نتنياهو، ودافع ليبرمان في عدة تصريحات عن هذه السياسة.

ومع تزايد فرص توجيه لائحة اتهام ضد نتنياهو، بينت استطلاعات رأي صعود نجم منافسه زعيم حزب “البيت اليهودي” السابق نفتالي بينت وتراجع الدعم لليبرمان. وكان بينت الذي يتلوى وزارة التعليم قد انتقد بشدة سياسة حكومة نتنياهو “المتساهلة” تجاه غزة، ووجّه دعوات إلى شن حرب قاسية للقضاء على المقاومة الفلسطينية فيها، محملا ليبرمان بصفته وزيرا للدفاع المسؤولية عن عدم قمع مسيرات العودة، ومتجنبا انتقاد نتنياهو طمعا في تولي منصب وزير الدفاع مكان ليبرمان.

واضطر ليبرمان لمواجهة تراجع دعم الناخبين له إلى منافسه بينت في الدعوة لشن حرب ضد غزة، منقلبا على سياسة نتنياهو، الذي رفض الانصياع لرغبته فكان أن قدم استقالته، مخلفا أزمة كادت تعصف بحكومة نتنياهو الذي استطاع احتواء الأزمة وقلب المشهد لصالحه، والسؤال هل يفعلها نتنياهو مجددا.

2