لوحات لست فنانات أردنيات تجسّد الوجود البشري الهش

"صحوة الأحلام 4" معرض يتضمن لوحات فنية تعكس المشاعر التي يختبرها الإنسان في حياته اليومية.
الثلاثاء 2022/10/11
لوحات تنجح في رصد المشاعر بالألوان

عمان - تنوعت الأعمال المعروضة لست فنانات في غاليري نبض، من حيث الخامات والتقنيات الفنية المعتمدة، غير أنها على مستوى الموضوع تتمحور في أغلبها حول المشاعر التي يختبرها الإنسان في حياته اليومية والأحاسيس التي تشير إلى الطبيعة الهشة لوجوده.

في أعمالها المشاركة بالمعرض الذي يحمل عنوان “صحوة الأحلام 4”، تقدم داليا علي لوحات تشتبك بالهندسة المعمارية، إذ يظهر البناء المحكم للتكوين والخطوط الهندسية والتوزيع المدروس للكتل.

وترسم الفنانة مشاهد مجتزأة من العمران الذي ينتشر فوق الجبال وتتوزع وحداته تدريجيا حتى أسفلها، مستخدمة أحيانا تشكيلات واضحة وألوانا متنوعة للبيوت، وفي مرات أخرى تكتفي بلون واحد كالأبيض أو الأسود، مانحة أعمالها لمسات تجريدية بسيطة باستخدام الأكريليك والمواد المختلطة.

الأعمال المعرضة تحتفي بالمشاهد الجمالية من خلال الطبيعة ومفرداتها وألوانها والعمران والمباني علاوة على حضور المرأة

كما تقدم شيرين العوران لوحات للعمران المدني والبيوت المتراكبة، مستخدمة تقنية تشبه الكولاج؛ حيث الخلفية عبارة عن ألوان وخطوط هندسية زخرفية مستوحاة من التراث العربي، خاصة البسط الصوفية التي استخدمت قديما في بيوت الشعر البدوية، وجاءت تشكيلاتها اللونية في تلك اللوحات حادة وقوية ومعتمة.

 وفي لوحات أخرى وزعت الفنانة كتل العمران على مساحة الجبل تاركة التدرج يظهر بوضوح، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المساحات الخضراء المتواضعة التي تفصل تلك الكتل الإسمنتية بعضها عن بعض، وتتسم هذه اللوحات بألوانها المشعة والمبهجة.

وعموما، تحضر في هاتين المجموعتين من اللوحات مفردة “النوافذ” بقوة، من خلال الإنارة اللونية القوية كما لو أنها نوافذ للنور.

وفي عدد من لوحاتها التي تناولت مدينة القدس تتجه الفنانة إلى الرمز؛ إذ تتكون اللوحة لديها من قسمين، الأول تظهر فيه مفردات بصرية عمرانية من المدينة، والثاني يظهر فيه وجه امرأة تطل على البيوت وتحرسها بعينيها.

أما ريم خضر فتقدم لوحاتها عبر تقنيات فنية متنوعة ومواد مختلطة، وتتناول فيها المرأة وقضاياها جاعلة من وجهها مفردة بصرية أساسية، وغالبا ما ترسم الوجه الأساسي للمرأة الذي يحتل سطح اللوحة، وفي الخلفية يبرز ظل لهذا الوجه وانعكاس له يعزز الحالة الوجدانية والشعورية التي تعيشها المرأة.

وفي عدد من لوحات خضر ثمة تشكيلات لأجساد نساء بلا ملامح، إضافة إلى تقارب التجريد اللوني، وتنطوي تلك اللوحات على حضور عدد كبير من النساء، تحتل كل منها مساحة محددة في اللوحة؛ ففي أعلى اللوحة قد نرى امرأتين، وفي الوسط ثلاثا أو أربعا، وفي الأسفل واحدة أو اثنتين. وعند مشاهدة اللوحة كاملة تبدو النساء اللواتي تفصل بينهن خطوط ومساحات لونية كأنهن يسرن نحو وجهة واحدة، أو قدر واحد مشترك.

وتبدو الأجساد البشرية أكثر تجريدية في أعمال رنا الصفدي، التي تحاول أن تعكس الحالات الوجدانية العميقة والروحانية للإنسان، حيث تتشابك الأجساد وتتداخل الألوان، وإن ظل الشكل الأساسي محافظا على رمزيته وحضوره.

أجساد بشرية أكثر تجريدية
أجساد بشرية أكثر تجريدية

وتعتمد الفنانة في ذلك على الألوان الترابية المطفأة، من البني وتدرجاته والأحمر والأخضر والأزرق، التي تسيل أحيانا خارجة عن حدود الشكل دون أن تتعدى على حضوره. ودائما تظهر هذه الأجساد كأنها تتجه من عمق اللوحة وتخطو نحو الأمام وقد حوطتها كتل لونية تمثل طريقا مرسومة بالأبيض، الأمر الذي يبعث على التأمل والأمل.

وعلى خلاف ذلك تقدم رائدة شاهين لوحاتها لنساء تحتل ظهورهن مساحة السطح، وهي تمنح عمقا للشكل من خلال الأوضاع الجسدية لهؤلاء النساء اللواتي يبدون كأنهن ينتظرن شيئا لا يأتي، يرمز إليه اللون الأبيض الذي يحتل خلفية اللوحة، أو البني القاتم. وفي تشكيلات هذه الفنانة يمكن التأشير على المرأة الفلسطينية التي ترتدي الشال الطويل لتغطي شعرها وتفضل الأثواب المسدلة على كامل الجسد.

أما أمل صبح فتختار تجسيد امرأة واحدة، مبرزة بعض التفاصيل في الوجه -وإن على خجل- وكذلك اللباس الذي ترتديه هذه المرأة. وما يميز لوحة عن أخرى في أعمالها المعروضة هو الأوضاع التي تتخذها هذه المرأة، فمرة تقف في حقل أخضر وتنظر إلى الأمام بما يوحي بارتباطها بالطبيعة والزراعة والخصب، ومرة تجلس فوق كتلة من ضوء ينبثق حولها في حالة روحانية عميقة، ومرة أخرى تتمدد على الفراش مسندة رأسها إلى يدها.

وتحتفي الأعمال المعروضة حتى التاسع عشر من أكتوبر الجاري بالمشاهد الجمالية، من خلال الطبيعة ومفرداتها وألوانها المبهجة، والعمران والمباني التي تتراكب بعضها فوق بعض لتغطي الجبال، والمرأة التي تظهر في أوضاع مختلفة وتتكثف في تشكيلاتها مشاعر الحب والفرح وأحيانا الخوف والحزن.

15