لوحات رمزية تستعرض "ذاكرة الأمكنة" لدى المغربي سعيد ريان

التجربة التشكيلية للفنان سعيد ريان تركز على نمط تعبيري واقعي، حيث يستلهم مواضيعه من الواقع بمفهومه الشمولي.
الجمعة 2023/03/24
الأمكنة خزائن ذكريات

تطوان (المغرب) - يعرض الفنان التشيكلي المغربي سعيد ريان برواق المركز الثقافي إكليل بتطوان، التابع لمؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين، أعماله الفنية البديعة تحت شعار “ذاكرة الأمكنة”.

ولا تخرج اللوحات التعبيرية للفنان سعيد ريان، المعروضة بالرواق إلى غاية يوم الحادي والثلاثين من مارس الجاري، عن نمطه التعبيري الواقعي المعتاد بمنح إبداعاته هامشا جميلا من الألوان، كيف لا وهو المعروف في الوسط الفني بكونه “رسام الأحاسيس وسلطان الألوان”.

تغيير يصيب الأمكنة
تغيير يصيب الأمكنة

وترتكز التجربة التشكيلية للفنان سعيد ريان، وفق ما تبرزه اللوحات المعروضة، على نمط تعبيري واقعي، حيث يستلهم مواضيعه من الواقع بمفهومه الشمولي، لكنها واقعية ليست كتلك التي عهدناها، بل هي تتجاوز هذه النظرة لكي تنحو نحو الرمزية، فلوحاته بأسلوبها التشكيلي المتميز وبمواضعها المتنوعة، تبهرنا بالتفاصيل الحبلى بالبعد الرمزي والتعبيري، حسب تعبير الناقد يوسف سعدون.

وتحاصرنا الأمكنة في لوحات ريان العصامي بكل تجلياتها (أزقة، أبواب شرفات، نوافذ..) لكي تحمل لنا دلالات ما وراء هذه الفضاءات، وهي “دلالات تعمقها إقاعاته اللونية المؤثثة للفضاء العام للوحة، إقاعات تشدنا للتفاصيل، قد تتناغم تارة وقد تتنافر مرة أخرى عند ترجمة الظل والضوء، لكنها تعزف سيموفونيات من الألوان والأشكال وتمنحنا احتفالا للعين” كما يقول الناقد الفني.

وفي هذا السياق، أشار سعدون إلى أن رمزية التشكيلي ريان، الذي بدأ عرض لوحاته رسميا عام 1981، تتعمق من خلال الشخوص في لباسها التقليدي، وكذلك طائر الحمام الحافل بالرمزية سواء كان معلقا أو راكنا في موقع ما من زوايا اللوحة، مبرزا أن وجود هذه المكونات غالبا ما يأتي منسجما مع البناء العام حتى أنها تبدو متوهجة.

والفنان سعيد ريان، ابن الشرافات بإقليم شفشاون الذي توج السنة الماضية بالجائزة الأولى لاتحاد القيصر للفنون التشكيلية بالأردن، يرسم المشاهد حينما تنضج في وجدانه، ولا يعتمد على المشاهدة الآلية، بل يجسدها بإحساس عميق فتتوهج أسطح المنازل وتظهر الألوان زاهية في الأزقة، وتعانق عنده الظلال الألوان بكل أطيافها لتنفلت من الرمادي.

Thumbnail

وبخصوص الأسلوب الفني لسعيد ريان، أكد الناقد أنه يكشف شغفه الكبير بمواكبة التغيير المستمر الذي يصيب الأمكنة وتسجيله، وهو يوثق لها بمهارات تقنية متحررة من التقليد ومبرزة قوة لمسات الفرشاة، فيجعل من اللوحة شاهدا على عصرها.

والتشكيلي ريان، من منظور الناقد سعدون، هو أيضا حالم يعيد الحياة للمكان عبر الوصف التشخيصي الصباغي، لكنه وصف جسور، لا يعيد إنتاج المرئي، بل يقدمه كما يحس به، وهو هنا ينحو شيئا ما نحو الانطوائية. والفنان سعيد ريان يعشق مغامرة المحاكاة، ويتجاوزها ليمنحها عوالم من مشاهد الصفاء.

14