لوحات حسين ماضي احتفاء بالمرأة والحياة وسط ألوان الطبيعة

المعرض يتضمن رسومات للعديد من الشخصيات النسائية التي تنتمي إلى ثقافات مختلفة.
الثلاثاء 2022/06/07
احتفاء بالحياة في بيئتها

عمان - يشتغل التشكيلي اللبناني حسين ماضي في لوحاته على موضوعات المرأة والطيور والبيوت والأشجار، رابطا بينها كمفردات لا تقبل التجزئة.

ويضم معرض ماضي الذي يستضيفه جاليري نبض بعنوان “احتفاء بالمرأة” أكثر من ثلاثين لوحة منها ما نفذ بألوان الأكريليك على القماش والورق، ومنها ما جاء وفق تقنية الجرافيك، لكنها بمجموعها تؤكد أسلوب الفنان وبصمته التي عرف بها.

يرى ماضي المولود في لبنان عام 1938 أن كل شيء في الطبيعة، سواء كان طيرا أو إنسانا أو شجرة، يحمل في داخله بنية خاصة به لا تتغير. مضيفا أن رؤيته لأعماله الفنية تقوم على الحفاظ على هذه البنية، التي لا يمكن أن تفقد هويتها مهما تعرضت إلى تبدلات في وضعها أو لونها أو شكلها أو قياسها.

الفنان يميل إلى التجريد مع الحفاظ على الهوية البصرية للشكل مازجا بين فن الزخرفة والألوان المبهجة والهندسة

ويعتبر الناقد الفني فاروق يوسف أن شغف حسين ماضي بالطبيعة جعله يتخطى مرحلة القرب منها ليقيم في قلبها ويتلمس الطريق إلى جوهرها. إنه يرسم وينحت لا بإلهام منها بل كما لو أنه يؤدي عملها. هو الحارس اليقظ الذي يؤدي جزءا من مهمته من خلال التقاط أحلامه قبل أن تشتبك مع عناصر الطبيعة. ففي اللحظة التي يطبق المشهد على حقوله يهرب ماضي بلقيته.

ويقر يوسف بأن الفنان ينحدر من ماضي الطبيعة ليؤسس لمستقبله الشخصي. مضيفا “ترف ورخاء وهدوء”. هذا ما تعلمه من الفرنسي هنري ماتيس. معلمه الخيالي الذي شاء أن يطور تجربته ونجح في ذلك. فقد تعامل ماضي مع ملهمه الأسلوبي ماتيس بالطريقة نفسها التي تعامل من خلالها مع ملهمته البصرية الطبيعة.

وتظهر على أسطح اللوحات اشتغالات الفنان وتكويناته، حيث الميل إلى التجريد مع الحفاظ على الهوية البصرية للشكل، مازجا في ذلك بين فن الزخرفة والألوان المبهجة وبين الهندسة بزواياها الحادة وما فيها من مثلثات ومربعات ودوائر. كل ذلك يصنعه الفنان وفق حدود لونية واضحة، حيث يحافظ اللون على استقراره داخل الشكل وهو يتجاور مع ألوان أخرى، غير أنه لا يتداخل معها، ولا تضيع هويته البصرية الأساسية.

يتضمن المعرض رسومات للعديد من الشخصيات النسائية التي تنتمي إلى ثقافات مختلفة، كما يظهر من أشكال ملابسها وأحذيتها، وفق رؤية لونية تعتمد الإبهاج والإبهار، إذ تحاكي الألوان ما في الطبيعة من مفردات.

وفي رسمه للمرأة يحاول الفنان أن يبرز محيطها الحاضن أيضا: المزرعة، البيت، الأرض، وغيرها. فهناك المرأة التي تتمدد على الأريكة، وهناك المرأة العصرية التي ترتدي ملابس حديثة، وهناك المرأة متوسطة العمر، والمرأة التي تحمل لفافة من التبغ وتبدو في حالة انتظار. ويحرص الفنان عموما على الاحتفاء بالمرأة كرمز للحياة والحب والعطاء.

Thumbnail

وفي لوحته التي تصور رجلا يعتلي صهوة حصان، يعتمد ماضي على الأزرق والبرتقالي والأخضر، وهو ما يجعل المشهد مريحا للبصر ويبث في النفس نوعا من الحيوية والحركة، فحدود الأخضر مميزة، وكذلك لون الحصان واللجام والرجل.

أما اللوحة التي تجسد ملامح الديك، فيبرع الفنان فيها في رسم الأشكال الهندسية التي تتداخل وتنمو من عمق اللوحة لتؤطر حدود الشكل العام للديك، مع اعتماد ألوان متنوعة وجميلة تقارب ألوان هذا الطير في الواقع. ومثلها يمكن للمشاهد رؤية تلك اللوحة التي يصور فيها الفنان الثور رمزا للقوة.

وفي مجموعة أخرى من اللوحات، يرسم ماضي البيت الذي يتآلف مع محيطه كأنه جزء منه، في تأكيد على فكرة الانسجام بين الإنسان وما حوله، والتصالح مع مكونات الطبيعة رغم ما قد يبتدعه الإنسان من وسائل للعيش والارتقاء.

وكما أرى فإنه ظل وفيا لمصدري إلهامه من غير أن تكون له حاجة في إنكار ذلك. فقد كان مخلصا لمفهومه الشخصي عن الجمال. وهو مفهوم يمزج الزهد بالنشوة، التخلي بالفتنة، القلة بكثرة ما تنطوي عليه الطبيعة من محرضات جمالية.

الفنان كما يرى فاروق يوسف يرسم وينحت بخطوط تحمل الكثير من الرسائل الشعرية. لديه خطط لتغييب المعنى من أجل أن يكون الجمال حاضرا. حينها لا يكون العصفور سوى زقزقته ولن يكون الديك سوى صيحة صباحه ولن تكون الشجرة سوى خضرتها العابرة.

14