لوحات تشبه الحلم مستوحاة من تجارب شخصية

تعرف الفنانة التشكيلية الإماراتية خلود الجابري بتجربتها الفنية، التي تجلت فيها تأثيرات فنية متنوعة، مطعمة باشتغالها على مظاهر من الحياة الاجتماعية المستلهمة من التراث الإماراتي خاصة والخليجي عامة، كما تحضر المرأة في لوحاتها بشدة، حضور قد يتجلى بشكل جسدي أو روحاني، أو في طواف أشبه بالحلم.
الأقصر (مصر) – أكدت الفنانة التشكيلية الإماراتية خلود الجابري أن دور المرأة في الحركة التشكيلية العربية يتزايد يوما بعد يوم، وأن التشكيليات الإماراتيات تفوقن على الفنانين التشكيليين من الرجال.
وقالت الجابري، الثلاثاء، خلال مشاركتها بملتقى للفنون البصرية بمدينة الأقصر، إن المرأة في مصر لها حضور متميز في الحركة التشكيلية المصرية، وأنها تقرأ عن تشكيليات مصريات أكثر من الرجال، مضيفة أن الحرية تمنح التميز لكل فنان.
أكدت الفنانة الإماراتية أن المرأة ببلادها، الإمارات، باتت لديها مساحة واسعة من الحرية في طرق كل أبواب العمل، وكل مناحي الإبداع. مشيرة إلى أن المرأة الإماراتية والعربية لم تعد تقبل أن تكون على هامش الحياة، وأن ينابيع الإبداع تتفجر لدى المرأة “حين تحصل على فرصتها وتنال حريتها”.
وحول ممارستها للفن التشكيلي، قالت خلود الجابري إن “الفن هو وسيلتي للتعبير عن ذاتي، فأنا أرسم أكثر مما أتكلم، ولوحاتي هي بمثابة حدوتة فيها من ذاتي ومن تجاربي ومن قراءاتي ومن حياتي”.
وأشارت إلى أنها تتأثر في لوحاتها بماضيها وبنشأتها في بيئة خليجية ثرية بالمناظر وبالمفردات الخاصة مثل البحر ومراكب الصيد القديمة، والبيوت العتيقة، وعروس البحر، وصناع المراكب والصيادين.
ولفتت الجابري إلى أنها ترسم المرأة بين الماضي والحاضر، وأنها تستخدم الرمزية في تناول تراث الإمارات، وأن أعمالها هي بمثابة “توثيق للماضي واستشراف للمستقبل”.
لوحات الفنانة مجموعة مشاعر حرة تنادي الفرح وسردية لونية منتمية لجذور مترعة بالحب والأسى ولحاضر به الحب والحرية
وأكدت الجابري أن لوحاتها، هي مجموعة مشاعر حرة تنادي الفرح والسعادة.. سردية لونية منتمية لجذور مترعة بالحب والأسى ولحاضر به الحب والحرية، قائلة إنها “ترسم الأقنعة وعيونا ترى كالشمس ألوانا حرة تطير بلا وعي إلى العالم ليقول أنا هنا، فرشاتي هي رمحي هي ريشتي وجناحي التي أطير بها إلى الأفق الواسع لأحقق ما أردتهُ يوما”.
وحول دور وصورة الرجل في أعمالها وحياتها، قالت الجابري إن الرجل هو شريك للمرأة في كل مراحل حياتها، وإن الرجل هو داعم دائم للمرأة في الإمارات.
أما في ما يتعلق بالحركة الفنية والتشكيلية في دولة الإمارات، فقد قالت خلود الجابري إن تأسيس المجمع الثقافي بأبوظبي، كان له أثر كبير في إثراء الحركتين الثقافية والفنية، وظهور الكثير من الوجوه التشكيلية في بلادها، وأن أنشطة المراكز المحلية والدولية ساهمت في إتاحة الفرصة لها ولجيلها في التعارف وتبادل التجارب والأفكار مع الكثير من فناني العالم.
حول مسيرتها الفنية، قالت الجابري “أعتقد أنني امرأة محظوظة، إذ أتيحت لي فرصة العمل بمرسم المجمع الثقافي بأبوظبى، فور تخرجي من الجامعة، حيث تتوفر متابعات الصحافة والإعلام، وإن ما حظيت به من فرص لإثراء تجربتي الفنية، بالعمل داخل المجمع الثقافي، كان بمثابة تعويض لي عن سنوات قضيتها في الرسم أيام الدراسة، حيث التحقت بأول دورة لتعليم الرسم داخل المجمع الثقافي”.
وأشارت إلى أنها فوجئت بعد انتهاء الدورة باختيارها للعمل بمرسم المجمع على يد أستاذتها في دورة الرسم وتدعى شاهينة أجمل، والتي حققت حلمها بالعمل في موقع “كله فن” برغم أن دراستها كانت في مجال الإعلام، حيث كانت من مؤسسي قسم التصوير بالمجمع الثقافي في أبوظبي، وكانت من مؤسسي جماعة أصدقاء الفن في المجمع، وعملت مسؤولة للمعارض، ومسؤولة المرسم الحر بالمجمع.
وأشارت الفنانة إلى احتفاظها في مرحلة الدراسة بقصاصات ورسوم للفنانين المصريين الكبيرين، جورج البهجوري وحلمي التوني، لافتة إلى أنه بعد مرور 35 عاما من الاحتفاظ بتلك القصاصات والرسم، حظيت بلقاء الفنانين، كما حظيت بقيام الفنان جورج البهجورى برسم صورة لها بريشته. مؤكدة أن مصر بلد ثري بفنانيه ومبدعيه وهي بمثابة “كتاب كبير للبحث والمعرفة”.
وعن مدينة الأقصر التي تزورها للمرة الثانية للمشاركة بالملتقى الدولي للفنون البصرية، قالت الجابري إنها مدينة الفنون والتاريخ والطبيعة والآثار، وإنها توجه الدعوة لكل فنان وفنانة تشكيلية لزيارة تلك المدينة التي تعلّم في مرسمها التاريخي أعظم التشكيليين بمصر والعالم.
وتقول الجابري إنها تستلهم روح لوحاتها من طفولتها، وتمزج في أعمالها الخيال مع الألوان ليعكس جمال ومرارة تلك المحطات التي واجهتها في حياتها، والتي حولتها من انكسارات إلى انتصارات، وتحدت المصاعب والمحن بروح قوية حتى ابتسم لها القدر ورأت ذلك التحدي والابتسام مطبوعا في روح لوحاتها وألوانها.
وتتميز أعمال خلود الجابري، بطابعها المنفتح على مدارس فنية عالمية، وفي داخلها إعجاب عميق بالمرأة الإماراتية وتميزها في المجتمع، فأعمالها الحيّة الشبيهة بالحلم، مستوحاة من تجاربها الشخصية، والاحتفاء بالتراث المحلي وتقديم منظور جديد للمفاهيم الاجتماعية، فنانة ومُعلّمة وداعمة للفنون ومن المؤسسين في تجربة التشكيل في الإمارات.
وقدّمت الجابري مُساهمات كبيرة طوال حياتها المهنية، ولها مشاركات في بلجيكا وبريطانيا وألمانيا وسنغافورة والمجر وهولندا والصين والهند ومصر والأردن والمغرب والكويت وسلطنة عُمان والبحرين وغير ذلك من البلدان، وهي حاصلة على أفضل فنانة عربية لعام 2010 وعلى العديد من الجوائز منذ بداية مشوارها الفني الذي بدأته قبيل 24 عاما.
ونذكر كذلك أن الفنانة خلود الجابري من مواليد الإمارات. حاصلة على بكالوريوس من كلية الآداب قسم إعلام- جامعة الإمارات، ودبلوم إدارة أعمال من جامعة أبوظبي- برنامج تطوير وظيفي.
وهي عضو في جمعية الإمارات للفنون التشكيلية بالشارقة وعضو في مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات فرع أبوظبي منذ 2012.