لوبيات فساد الرياضة في تونس.. لا أريكم إلا ما أرى

السبت 2017/07/01

الحرب على الفساد في تونس تتقدم بخطوات عسيرة لكنها ثابتة في المجمل. الفساد طال كل شيء تقريبا. أسماء لشخصيات ورموز سياسية وإعلامية ورياضية تدور حولها شبهات فساد تم إيقافها في المدة الأخيرة. رجل الأعمال ورئيس النادي الأفريقي التونسي أحد من الذين تم إيقافهم هذا الأسبوع لتعلن النيابة العمومية في تونس إثر ذلك عن تجميد ممتلكاته. سفيان السليطي الناطق الرسمي باسم النيابة العمومية بمحكمة تونس الابتدائية أكد صحة الخبر قائلا إن “قاضي التحقيق بالقطب (القضائي) الاقتصادي والمالي قرر تجميد كل الحسابات (الأرصدة المالية) الجارية والممتلكات العقارية لرجل الأعمال سليم الرياحي”.

عملية تجميد ومصادرة أموال الرياحي تبدو للكثير من التونسيين أكثر من عادية وربما طال انتظارها. الرياحي الذي ارتبط اسمه بعمليات فساد كبيرة وتبييض أموال، قل منسوبها بعد توليه رئاسة النادي الأفريقي، ينظر إليه دائما على أنه من اللوبيات النافذة والتي اشتد عودها بعد ثورة 14 يناير 2011 وخصوصا غداة سقوط النظام الليبي وقتل العقيد معمر القذافي.

الرياحي الذي عاد إلى تونس بعد سقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي عمل على استقطاب الجمهور الرياضي إلى صفه. الرجل ظن أن المال قوام الأعمال لكن المال الفاسد أبدا لن يكون كذلك. تزامنت عودة الرياحي مع ظروف صعبة تمر بها إدارة الأفريقي والنادي عموما. خيّر الرياحي الركوب على الحدث وتقدم بطلب لرئاسة الفريق وكان له ما أراد في ظل غياب منافسين بارزين وفقدان الغيورين من أبناء النادي للسيولة الكافية لتسديد المستحقات المتخلدة بذمة الفريق حينها. استهوى الرياحي العقول وعمل ضاغطا على القلوب، مستعطفا المشاعر هي الأخرى فسار الجميع وراءه.

بارك الجميع خطوات الرياحي الأولى للنهوض بالفريق ووضعه على المسار الصحيح. انتدابات هامة، معدات وتجهيزات جديدة للعمل، تسهيلات وظروف إقامة للاعبين كلها عوامل من شأنها أن تدخل الفرحة على أبناء الفريق في بداية مشوار الرجل مع أبناء باب الجديد. الحظ ابتسم بدوره لينال الأفريقي، الغائب عن التتويجات خصوصا بالبطولة بعد هيمنة تكاد تكون شبه كلية في الأعوام الأخيرة لغريمه الترجي التونسي، شرف التتويج بالبطولة عام 2015 ويرفع الرياحي على الأعناق.

الحديث عن التتويجات وصراع التنافس على البطولة قد يطول ولكن هذا موضوع ثان. ما يهم هو الوقوف على الكامن في شخصية الرياحي الذي اختار، كغيره من رجال الأعمال الفاسدين، التلاعب بمشاعر أبناء النادي واستغلال اسم جمعية كبيرة في قيمة النادي الأفريقي لتنفيذ أجنداته والوصول إلى مآربه.

الرياحي الذي قدم استقالته من رئاسة النادي رد على التهم الموجهة إليه في تصريح لقناة خاصة بأنه يتعرض لعملية “ابتزاز سياسي” وأنه “مستهدف” من الحكومة التونسية التي اتهمها بـ”تشويهه”. وأضاف “عملية محاربة الفساد لعبة وعملية انتقائية”. من يشكك في الحرب على الفساد ويعتبر ما تقوم به الحكومة التونسية لعبة، وهو ضلع بارز فيها، تغيب عن حاسته المعرفية أن هذه الحرب سيطول أمدها وستتواصل ربما لسنوات طويلة وستطال كل من تحوم حولهم شبهات الفساد بلا تراجع.

الرياحي، الذي خيّر ترك الفريق وهو في أحلك ظروفه وربما أشدها تأزما من فترة توليه له، كشف أن مصدر ثروته جاء بفضل “عمله في ليبيا في عدة قطاعات، وجزء من أرباحي استثمرتها في البلاد (ليبيا)” في عهد العقيد الراحل معمر القذافي. ونفى اتهامات بالاستيلاء على مليارات من أموال عائلة القذافي بعد الإطاحة بنظامه.

ما هو مؤكد أن الرياحي كغيره من اللوبيات الضالعة والمشبوهة في عمليات فساد كبرى دشن حقبة جديدة في أركان الرياضة التونسية، لكن ردة فعل جمهور أبناء النادي الذي رفع شعار “ارحل” في وجه الرياحي تعبّر عن نضج كامن في العقول مفاده أن المال الفاسد بإمكانه أن يشتري كل شيء عدا العقول.

كاتب من تونس

23