لوبان والخطأ التاريخي حين منع بورقيبة الحجاب في الجزائر

تونس - أثارت المرشحة اليمينية في الانتخابات الرئاسية بفرنسا مارين لوبان موجة من الانتقادات والسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي في تونس، بسبب تصريح اعتبرت فيه أن الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة منع الحجاب في الجزائر.
وحلّت لوبان ثانيا في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية بحصولها على 23.15 في المئة من الأصوات خلف الرئيس المنتهية عهدته إيمانويل ماكرون، الذي حصل على 27.85 في المئة من الأصوات الأحد.
ويتطلع المتنافسان في الانتخابات نحو اليسار لاستقطاب ناخبي جان - لوك ميلانشون خصوصا، الذين بإمكانهم إحداث الفرق في الدورة الثانية في الرابع والعشرين من أبريل، بحسب محللين.
وخلال لقائها مع قناة "فرانس أنتر"، قالت محاورتها إن فرنسا ستصبح أول بلد يمنع الحجاب في الأماكن العامة، في حال تم إقرار مشروع لوبان.
وفي معرض محاولة نفي ذلك، ردت المرشحة الرئاسية قائلة إن "بورقيبة (الرئيس التونسي الراحل) منع الحجاب في الجزائر"، دون أن تصحح لها المحاورة أن بورقيبة لم يكن رئيسا للجزائر.
وكانت لوبان، التي تعتزم منع ارتداء الحجاب في الأماكن العامة والمعاقبة على ذلك بفرض "غرامة" على المخالفين، قالت في اللقاء نفسه إن الحجاب زي إسلامي وليس للإسلام، وهو رمز أيديولوجي وليس دينيا.
وقدمت لوبان في يناير 2021 مقترح قانون حول منع "الأيديولوجيات الإسلامية"، في إطار مساعي "التجمع الوطني" إلى حظر "الأزياء الإسلامية" في الفضاء العام، وأبرزها حجاب الرأس.
ويمنع حاليا في فرنسا ارتداء الحجاب، وكل الرموز الدينية الظاهرة، في المدارس كما يجب على موظفي الدولة التزام مبدأ "الحياد" إزاء الأديان. واعتبر الوجه الثاني في "التجمع الوطني" جوردان بارديلا أن "الحجاب لباس متشدد يسعى للانفصال" عن الجمهورية.
ولئن يمكن اعتبار إشارتها إلى منع بورقيبة ارتداء الحجاب في الجزائر لا في تونس، زلة لسان أو ربما جهلا بالتاريخ، إلا أن مقارنة مشروعها بالقرار عدد 108/81 الذي سنّ في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة غير دقيقة، لأن هذا القرار منع ما أسماه المرسوم بـ"اللباس الطائفي" في المؤسسات التربوية.
وصدر المرسوم 108/81 عن وزير التربية في الثامن عشر من سبتمبر 1981، و أعاد تفعيله بن علي في عام 2006 ضد التلاميذ والطلبة.
وأثار تصريح لوبان موجة من السخرية والجدل على مواقع التواصل في تونس، حيث شدد بعض التونسيين على أن بورقيبة لم يمنع الحجاب، بل منع اللباس الطائفي المستورد والغريب عن ثقافته، مشيرين إلى محافظتهم على العديد من الألبسة التقليدية مثل السفساري والبخنوق وغيرهما التي تمثل الثقافة التونسية وهويتها الضاربة في التاريخ.
وعلّق الكاتب والباحث مصطفى عطية عبر حسابه على تويتر "مارين لوبان، التي قد تصبح رئيسة لفرنسا، قالت بكل ثقة في النفس إن فرنسا ليست البلد الأول الذي ألغى ارتداء الحجاب، فبورقيبة فعل ذلك في... الجزائر (إيه نعم قالت "في الجزائر)... لا تخجلوا من طراطيركم يا عرب، ها هي فرنسا بطراطيرها!".
وسخر مستخدم يدعى عزيز قائلا "بعد إعلانها أن بورقيبة منع الحجاب سابقا، ائتلاف الكرامة يدعو أنصاره إلى التصويت بكثافة لمارين لوبان".
وكان سيف الدين مخلوف الذي يتزعم ائتلاف الكرامة قد وعد أنصاره بأن يعيد الحجاب إلى رأس المرأة. كما سيبيح تعدد الزوجات الذي منعه الزعيم بورقيبة.
ودونت مستخدمة تدعى ملاك محمدي "مارين لوبان في المقابلة عندما سألوها لماذا ترغب بأن تكون فرنسا أول دولة تمنع الحجاب، قالت إن بورقيبة سبق أن منعه في الجزائر. المشكلة أن كامل الأستديو لم يدرك أن المعلومة خاطئة!".
وأضاف مستخدم يدعى مراد نوري "مارين لوبان قالت إن بورقيبة منع الحجاب في الجزائر! ولذلك لا نستغرب أن تقول لنا عبير موسي إن بورقيبة بقي رئيسا إلى أن توفي عام 2000، وتولى بعده الرئاسة وزيره الأول بن علي".
وسخر مغرد يدعى فيصل عثمان من تصريحات لوبان قائلا "بورقيبة التونسي منع ارتداء الحجاب في الجزائر. هذه المرأة مثقفة جدا! والفرنسيون مثقفون مثلها، لهذا انتخبوها!".