لواء السلطان مراد.. تعتيم تركي على مرتزقة يعيثون فسادا في ليبيا

تقارير إعلامية توثق انتهاك مرتزقة أردوغان من الفرقة التركمانية المتواجدة في الأراضي الليبية لحقوق الأسرى دون مراعاة لأيّ حقوق أو ضوابط.
الاثنين 2019/12/30
أداة لتنفيذ الأجندة التركية

المعلومات التي تداولتها أكثر من جهة سياسية وإعلامية عن بدء انتقال أعداد كبيرة من المقاتلين الموالين لتركيا، من سوريا إلى ليبيا للقتال مع حكومة الوفاق وميليشياتها، تؤشر على تدشين مرحلة جديدة عكسية من مسار نقل المسلحين الذي انطلق عامي 2011 و2012 من شمال أفريقيا إلى سوريا. ولذلك فإن إرسال أنقرة لمجموعات كبيرة من المقاتلين على رأسهم مرتزقة من فرقة السلطان مراد التركمانية هو من قبيل تحريك جديد لقطع الشطرنج التركية، تضافرت في تحديده عوامل المناصرة الأيديولوجية مع دواعي المصالح الاقتصادية، لتصوّب السهام التركية نحو ليبيا في محاولة لإنقاذ حكومة فايز السراج المعزولة والمحاصرة.

طرابلس - أكد مسؤولون في ليبيا وتركيا، وصول العديد من المجموعات التركمانية الموالية لتركيا إلى ليبيا، للانضمام إلى قوات حكومة الوفاق الليبية التي تكابد من أجل الدفاع عن مواقعها في طرابلس ضد هجمات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

وبدأت فرقة السلطان مراد التي تضمّ مرتزقة من المقاتلين الذين جلبتهم المخابرات التركية من سوريا إلى ليبيا، تعيث فسادا وتخريبا في الأماكن التي تتواجد فيها بطرابلس ومحيطها.

ووثّقت تقارير إعلامية انتهاك مرتزقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من فرقة السلطان مراد لحقوق الأسرى، وذلك إثر الممارسات التي اقترفوها بحقّهم، من دون مراعاة لأيّ حقوق أو ضوابط، وقد ظهر بعض هؤلاء المرتزقة خلف معسكر التكبالي بمنطقة صلاح الدين.

وتعدّ مثل هذه الممارسات جرائم حرب دأبت هذه الميليشيات على ارتكابها في سوريا، وخاصة تجاه الأكراد، بناء على أوامر من الاستخبارات التركية التي تموّلها وتقوم بتوظيفها في سوريا وليبيا.

تعتيم مقصود

أدوات أردوغان لإشغال الرأي العام
أدوات أردوغان لإشغال الرأي العام

 تعمل حكومة أردوغان على التعتيم على فضيحة إرسال المرتزقة السوريين إلى ليبيا، حيث تحاول توجيه الأنظار إلى مسألة اللاجئين الذين يتدفقون إلى الحدود التركية من إدلب جراء قصف روسيا والنظام السوري عليها، في محاولة لإنهاء جبهة النصرة الموالية لتنظيم القاعدة فيها.

كما يعمل أردوغان على إشغال الرأي العام بمواضيع أخرى من قبيل قيادة السيارة الكهربائية التركية التي تمّ الكشف عنها منذ يومين، والحديث في أمور بعيدة، يحاول من خلالها تجنّب الشأن الليبي، وذلك على العكس من موقف المعارضة التركية التي ترى أن التدخل التركي في ليبيا خطأ استراتيجي يقترفه أردوغان.

وفرقة السلطان مراد التي أنشئت في العام 2013 على يد الاستخبارات التركية، جمعت تحت لوائها عدة ميليشيات متشددة وهي لواء السلطان محمد الفاتح، ولواء الشهيد زكي تركماني، ولواء أشبال العقيدة، بهدف تجميع المقاتلين التركمانيين السوريين في هيكل موحّد، وتحويلهم إلى أداة تركية في الحرب السورية، ثم لتقوم بتوظيفهم ونقلهم لاحقا إلى ليبيا، لتنفيذ الأجندة التركية هناك.

وتعرف هذه الفرقة بأنّها الأداة التركية لارتكاب الجرائم التي تحاول أنقرة النأي بنفسها عنها في العلن، واتّهمت بممارسة التطهير العرقي بحقّ الأكراد في عفرين، وشمال شرق سوريا، وإحلال موالين لتركيا محلّهم.

وكانت تقارير إعلامية قد أكّدت بالاستناد إلى مصادر محلية انضمام عناصر من تنظيم داعش في عدة مدن بالشمال السوري، منها جرابلس والراعي وعفرين والباب إلى فرقة السلطان مراد بعد هيمنة تركيا عليها، وهيكلتها وفق أيديولوجيا قومية متشدّدة.

وكانت فرقة السلطان مراد قاتلت بأوامر تركية فصائل مقاتلة أخرى في سوريا، في صراع على النفوذ، ونفّذت سياسة تركيا ودعايتها بأنها قامت بطرد مقاتلي الدولة الإسلامية من مدينة الباب على بعد 40 كيلومترا شمال شرقي حلب. وكان أردوغان قد لعب دورا رئيسيا سنة 2016 في التفاوض على خروج آمن من حلب للمقاتلين التابعين له، وأغلبهم من التركمان والعرب المنضوين في إطار فرقة السلطان مراد، الذين ساندهم على مدى خمسة أعوام.

جسر جوي

دمى تركمانية لإنجاز مشروع النفوذ التركي
دمى تركمانية لإنجاز مشروع النفوذ التركي

أكّدت تقارير صحافية موثوقة أن أنقرة دشنت جسرا جويا مباشرا بين إسطنبول ومطار معيتيقة العسكري قرب طرابلس لنقل المقاتلين السوريين بصفة مرتزقة خاضعين لأوامر قيادات الجيش التركي. وبلغ إجمالي هؤلاء المقاتلين الذين وصلوا بالفعل خلال الخميس والجمعة الماضيين حوالي 1000 مقاتل.

أما الرحلات فقد نفذتها شركتا الخطوط الليبية والخطوط الأفريقية، ونزلت آخر رحلة لشركة الخطوط الأفريقية في مطار معيتيقة، وكان مرورها فوق خط مصراتة للتمويه.

وذكر مسؤولون كبار في تركيا وليبيا، رفضوا تسميتهم لحساسية المسألة، أن مجموعات من العرقية التركمانية المتمردة التي تدعمها تركيا في سوريا انضمّت إلى قوات حكومة الوفاق الليبية للقتال ضد المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي.

وقال مسؤول بحكومة فايز السراج إنّ الدعم ممّا يسمى بفرقة السلطان مراد، لن ينظر إليه على أنه نشر رسمي لـقوات تركية. ومن المتوقع أن تعزز الجماعات المتمردة العرقية التركمانية التي قاتلت إلى جانب تركيا في شمال سوريا الحكومة في طرابلس على الفور.

فوضى لتبرير الفوضى

أفادت وكالة أنباء بلومبرغ أن تركيا في إطار حرب بالوكالة عميقة وضخمة، تستعد لنشر قوات برية وقوات بحرية لدعم حكومة الوفاق، بحيث تنضمّ هذه القوات إلى دفعة مخططة من المرتزقة بهدف مواجهة الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض، قد ذكر الخميس الماضي، أن الفصائل الموالية لتركيا افتتحت مراكز لتسجيل أسماء الأشخاص الراغبين في الذهاب إلى ليبيا للقتال.

وأفادت مصادر لـ”المرصد السوري” أن الفصائل الموالية لتركيا، تشجع الشباب على الالتحاق بالحرب الليبية وتقدم مغريات ورواتب مجزية تتراوح بين 1800 إلى 2000 دولار أميركي لكل مسلح شهريا، علاوة على تقديم خدمات إضافية تتكفل بها الدولة المضيفة.

وجاء تحذير وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الأحد، من أن الصراع الليبي يهدد بانزلاق البلاد إلى الفوضى وبأن تصبح سوريا القادمة، في إطار سعيه لتسريع صدور تشريع يسمح لأنقرة بإرسال قوات إلى هناك.

المرصد السوري لحقوق: الفصائل الموالية لتركيا افتتحت مراكز لتسجيل أسماء الأشخاص الراغبين في الذهاب إلى ليبيا للقتال

ولذلك يحاول ترويع الأتراك وتهديدهم بطريقة غير مباشرة بالقول “إذا أصبحت ليبيا اليوم مثل سوريا، فإن الدور سيأتي على الدول الأخرى في المنطقة”.

وتابع قائلا “علينا القيام بكل ما يلزم لمنع انقسام ليبيا وانزلاقها إلى الفوضى، وهذا ما نفعله. الحكومة الشرعية هناك هي التي نتعامل معها”. وشدد على أهمية الاتفاق العسكري والأمني الذي وقعته تركيا مع ليبيا.

وأعلن أردوغان الأسبوع الماضي أن حكومته قررت السعي للحصول على موافقة من البرلمان على إرسال قوات إلى ليبيا للدفاع عن حكومة الوفاق في طرابلس.

ويشار إلى أن تركيا وقّعت مؤخرا اتفاقا بحريا مهمّا مع ليبيا الغنية بالنفط، ويخدم الاتفاق مصالح الطاقة في كلا البلدين كما يهدف إلى إنقاذ مليارات الدولارات من عقود العمل التي ألقى بها النزاع في مأزق، بحسب وكالة بلومبرغ.

13