لندن أول عاصمة أزياء كبرى تفرض حظر الجلود الغريبة في عروضها

الفراء الحقيقي يغيب عن عروض الأزياء في لندن منذ عام 2018.
الثلاثاء 2024/12/10
الموضة الأخلاقية تنتصر للحيوانات

تنتصر الموضة الأخلاقية للحيوانات والبيئة، حيث فرضت لندن حظر الجلود الغريبة في عروض أزيائها ومنعت إقامة عروض لشركات تستخدم فراء حقيقيا أو جلودا غريبة في مجموعاتها، وطلبت من المصممين احترام هذه الشروط. وتهدف عديد الحملات للضغط على ماركات الأزياء الراقية مثل هيرميس ولويس فويتون وغوتشي لوقف استخدام جلود الحيوانات الغريبة، والتي غالبًا ما يتم شراؤها من خلال ممارسات غير إنسانية.

لندن – باتت لندن أول عاصمة أزياء كبرى تفرض حظر الجلود الغريبة في عروضها، بعد أن قرر أسبوع لندن للموضة منع إقامة أية عروض فيه لملابس مصنوعة من جلود الحيوانات المعروفة بـ”الغريبة” أو “المستقدمة”، وفق ما أعلن أحد مسؤولي مجلس الأزياء البريطاني الذي ينظم هذا الحدث.

وكتب رئيس قسم السياسات والمشاركة في “لندن فاشن ويك” ديفيد ليه بمبرتون في منشور على شبكة التواصل الاجتماعي “لينكد إن”: “لن نتيح من الآن فصاعدا إقامة عروض لشركات تستخدم فراء حقيقيا أو جلودا غريبة في مجموعاتها، ونطلب من المصممين احترام هذه الشروط” إذا كانوا يرغبون في المشاركة في أسبوع الموضة اللندني.

الناشطون في مجال الدفاع عن حقوق الحيوان دأبوا على انتقاد استخدام دور الأزياء فراء وجلود الحيوانات الغريبة، كالتماسيح والثعابين
الناشطون في مجال الدفاع عن حقوق الحيوان دأبوا على انتقاد استخدام دور الأزياء فراء وجلود الحيوانات الغريبة، كالتماسيح والثعابين

ودأب الناشطون في مجال الدفاع عن حقوق الحيوان على انتقاد استخدام دور الأزياء فراء وجلود الحيوانات الغريبة، كالتماسيح والثعابين. ويغيب الفراء الحقيقي أصلا عن عروض الأزياء في لندن منذ عام 2018.

وأشادت جمعية حقوق الحيوان “بيتا” عبر شبكة “إكس” بالقرار، واصفة إياه بأنه “خطوة كبيرة إلى الأمام”، ودعت أسبوعَي باريس وميلانو للموضة إلى أن يحذُوا حذو نظيرهما اللندني. وخلال أسبوع باريس للموضة في نهاية سبتمبر، عطّل نشطاء من هذه المنظمة عرض أزياء لدار “إيرميس” لوقت وجيز رافعين لافتات ضد استخدام الجلود الغريبة.

وأشار ديفيد ليه بيمبرتون إلى أن مجلس الأزياء البريطاني يدرس في الوقت الراهن “نهجه في ما يتعلق بالريش.” وأوضح أن هذه المراجعة تندرج “ضمن السياق الأوسع المتمثل في طريقة تعاطي قطاع الأزياء مع المخاوف البيئية والاجتماعية.”

ولعبت منظمة “بيتا” (منظمة الأشخاص الذين ‎يطالبون بمعاملة أخلاقية للحيوانات) التي تعد أكبر مجموعة لحماية حقوق الحيوانات ‎في العالم، دوراً مهماً في مواجهة استخدام الجلود الطبيعية في عالم الموضة عبر ‎إقامة حملات واسعة في الغرض.

كما نشأت في العقود الماضية حركات عديدة أيضاً ‎في مواجهة دور الأزياء والعلامات التي تستخدم جلد الحيوان والفراء في منتجاتها، حتى ‎تخلت تباعاً عن الجلود الطبيعية واستبدلتها بتلك الصناعية، فبعد أن كانت الجلود ‎الطبيعية من رموز الأناقة والرقي التي لا بديل لها في عالم الموضة، تزايد عدد العلامات ‎التجارية التي أعلنت عن استبدال الجلود الطبيعية باختيارات صناعية صديقة للبيئة‎ وللحيوان.

في عام 2020، أعلنت دار “رالف لورين” وقف استعمال صوف “الموهير” في تصاميمها ‎لعدم توافر “طرق أخلاقية ورحيمة” للحصول على هذا الصوف الذي يتطلب قتل الماعز، ‎إلا أن المصممة “ستيلا مكارتني” كانت من أوائل المصممين الذين أعلنوا عدم ‎استعمال جلود الحيوانات الطبيعية في التصميم، مع إطلاق علامتها خلال عام 2001، ‎تمسكت بقرارها هذا مع مرور السنوات، والتزمت بعدم قتل أي حيوان باسم الموضة، ولم ‎تكتف بالامتناع عن استخدام الفرو والجلد الطبيعي، بل حرصت على عدم استعمال مواد ‎تدخل فيها مكونات حيوانية، على رغم الاعتقاد السائد آنذاك بأنه لا يمكن ‎الاستغناء عن هذه الجلود التي لا تكتمل الأناقة من دونها. وفي عام 2010 أطلقت “ستيلا ‎مكارتني” حقيبة مصنوعة من الجلد النباتي وسرعان ما أصبحت من الأكسسوارات الأكثر ‎مبيعاً لديها.

وفي عام 20218 قررت دار الأزياء شانيل وقف استخدام جلود الحيوانات الغريبة في مجموعاتها، وفقا للمعلومات الواردة في صحيفة لوفيغارو الفرنسية. وقالت الصحيفةإن هذا القرار سيشكل فرقا في صناعة الترف، حيث تدر الحقائب المصنوعة من جلود الحيوانات الغريبة إيرادات مالية مهمة جدا في الأسواق الجديدة.

الضغط على ماركات الأزياء الراقية لوقف استخدام جلود الحيوانات الغريبة، والتي غالبًا ما يتم شراؤها من خلال ممارسات غير إنسانية
الضغط على ماركات الأزياء الراقية لوقف استخدام جلود الحيوانات الغريبة، والتي غالبًا ما يتم شراؤها من خلال ممارسات غير إنسانية

وقال رئيس أنشطة الأزياء برونو بافلوفسكي للصحيفة إنه أصبح “من الصعب على نحو متزايد بالنسبة لنا شراء الجلود الغريبة كجلود التماسيح والسحليات والثعابين بصورة مطابقة للمتطلبات الأخلاقية لدينا.”

وأوضح أن قيمة الحقائب المصنوعة من هذه الجلود عائدة إلى المواد الخام بالفعل، ولكن شانيل ستعوض عن هذه المواد بمضاعفة جهودها في مجال القيمة المضافة. وأضاف “سوف نعطي الأولوية للإبداع والخبرة وطرائق التشطيبات للحصول على مواد استثنائية وعالية الجودة مصنوعة من مواد رفيعة نسيطر تماما على مصادرها.”

وساعدت التقارير التي تلقي الضوء على الظروف الرهيبة لتربية الحيوانات لاستخدام فرائها أو جلودها في تغيير الرأي العام، حتى أصبح الاستمرار في استخدام هذه المواد الحيوانية مكلفا بالنسبة لأباطرة الصناعات الفاخرة.

ففي عام 2015، طلبت المغنية جين بيركين من دار هيرمس أن تزيل اسمها عن حقيبة جلد التمساح الأسطورية الأغلى في العالم التي تحمل اسمها، وذلك احتجاجا على “الممارسة القاسية” أثناء ذبح هذه الحيوانات. ومع ذلك لم تتم إزالة الاسم عن الحقيبة، ولكن دار هيرمس “احتراما لعواطف المغنية” عززت عمليات تفتيش منتظمة و”وضعت برنامجا صارما واسعا للتدقيق فيما يقدمه جميع مزوديها من جلود التماسيح”.

وفي عالم يتناغم بشكل متزايد مع النزعة الاستهلاكية الأخلاقية، تقف حملة بيتا المتواصلة ضد صناعة الجلود الغريبة بمثابة شهادة قوية على الحركة العالمية المتنامية لحقوق الحيوان. وتهدف الحملة إلى الضغط على ماركات الأزياء الراقية مثل هيرميس ولويس فويتون وغوتشي لوقف استخدام جلود الحيوانات الغريبة، والتي غالبًا ما يتم شراؤها من خلال ممارسات غير إنسانية. ‍من خلال الاحتجاجات والتعاون اللافت للنظر مع فناني الشوارع، لا تعمل منظمة بيتا على رفع مستوى الوعي فحسب، بل تتحدى أيضًا هذه العلامات التجارية الفاخرة لتبني بدائل مستدامة وخالية من القسوة. من بيفرلي هيلز إلى مدينة نيويورك، يجعل الناشطون أصواتهم مسموعة، مطالبين بالتحول نحو الموضة الأخلاقية التي تحترم حياة الحيوانات الغريبة.

15