لماذا يقرن النظام في الجزائر صناعة الإعلام بالحرب

إطلاق ورشة إصلاح وكالة الأنباء الرسمية استعدادا لـ"حرب الغد".
الأربعاء 2021/12/01
تعليمات الرئيس

يحظى ملف تطوير الإعلام في الجزائر بأولوية قصوى ويرى خبراء أن الاستعدادات قائمة على قدم وساق لما يسميه خبراء جزائريون “حرب الغد” التي ستكون إعلامية بامتياز بتطوير قدرات “دفاعية وهجومية”.

الجزائر- أعلن مسؤولون جزائريون الثلاثاء إطلاق ورشة إصلاح وكالة الأنباء الجزائرية في عيدها الستين “لتمتلك أدوات المنافسة دفاعا عن صورة الجزائر وتكون عونا لديبلوماسيتها”.

ويطالب الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، كلما سنحت له الفرصة، الإعلام الجزائري بإسناد مجهود الدولة في الرد على “الحرب التي تتعرّض لها الجزائر”، وحثّه على المزيد من الجهد لاكتساب أدوات التحكم في المناهج والمعارف من أجل التصدي لحروب الجيل الرابع، في اعتراف ضمني بعدم احترافية الإعلام في بلاده وعدم قدرته على المنافسة دوليا.

ودائما ما يقرن المسؤولون في الجزائر كلمتي الحرب والإعلام في تصريحاتهم. وتسيطر على المسؤولين نظرية مفادها أن البلاد تواجه “مؤامرة من الخارج تتضمن موجة التدفقات الإعلامية الخارجية لإحباط معنويات الجزائريين والمساس بمصداقية مؤسسات الدولة الأكثر حساسية”.

وتواجه معركة رد الاعتبار للنموذج الإعلامي الجزائري وتحسين فعاليته النزعة الرقابية السلطوية التي تأكد أنها غير مجدية لاسيما مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي.

وأكد ملتقى حول “الحرب الإعلامية” بمعهد الدراسات الاستراتيجية الشاملة أن “الساحة الإعلامية الجزائرية تجد نفسها اليوم أمام إشكالية التكيف مع التحولات التكنولوجية والرقمية الجديدة وعادات الاستهلاك الجديدة للجزائريين أو البقاء في تكرار نفس أساليب التحليل والقراءات التي تعود إلى أزيد من عشرين سنة”.

وأشار الوزير الأول ووزير المالية أيمن بن عبدالرحمن خلال الاحتفال بالذكرى الستين لتأسيس وكالة الأنباء الجزائرية، إلى أن الوكالة مطالبة بتطوير خدماتها حتى “تواكب البرنامج التنموي الطموح الذي جاء به الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون”، مؤكدا أنه على الوكالة أن تكون رائدة وفاعلة على المستوى الدولي لمواكبة أحدث مستجدات الإعلام الرقمي والتحديات الرقمية.

وسبق للوزير الأول أن أشار إلى أن الوكالة مطالبة بتعزيز حضورها في المشهد الإعلامي الدولي لتمتلك أدوات المنافسة دفاعا عن صورة الجزائر.

ويؤكد خبراء إعلام جزائريون على ضرورة تطوير قدرات “دفاعية وهجومية” من خلال إنتاج المعرفة لخوض الحرب الإعلامية.

وصرح الجامعي والخبير في الذكاء الاصطناعي مصطفى بوروبي  أنه “للحصول على مكانة ولعب دور في الحرب الإعلامية، على كل البلدان أن تتخذ هذه الوضعية وتطوير قدرات دفاعية وهجومية”.

وقال إنه “يجب علينا التفكير في هجومات الغد وكيفية مواجهتها فهجومات الغد ستكون بعد 20 سنة إذ أن الأميركيين قاموا بكل شيء في سنوات الثمانينات لتوقع ما يحصل اليوم”.

واعتبر أن “الحرب الإعلامية في الغد لا يمكن خوضها دون وضع الوسائل التكنولوجية للإعلام”، مشددا على “ضرورة التحكم في الإعلام والإنترنت للدفاع عن النفس والانتقال إلى الهجوم”.

وأكد الوزير الأول أن الحكومة عازمة على دعم تطوير وكالة الأنباء الجزائرية، من خلال مراجعة قانونها الأساسي الذي يعود لسنة 1991، وتحيينه حتى يتكيف مع التغيرات الحاصلة في حقل الإعلام والاتصال بالإضافة كذلك إلى فتح المجال لزيادة مواردها الخاصة وتكوين طواقمها والحصول مع المعدات اللازمة.

من جانبه، أكد وزير الاتصال محمد بوسليماني أن الحكومة تدعم جهود تطوير وكالة الأنباء الجزائرية. كما أشار إلى أن تحيين قانون وكالة الأنباء يواكب التطورات وفق المعايير الدولية.

كما أشار إلى أن وكالة الأنباء الجزائرية تسعى للدفاع عما أسماه “ثوابت الأمة” و”التصدي للمعلومات المغلوطة التي يسوق لها أعداء الوطن”.

وأكد المدير العام لوكالة الأنباء الجزائرية سمير قايد الثلاثاء إطلاق مجموعة من الورشات على مستوى هياكلها التحريرية لتطوير الخدمة العمومية.

كما حث وزير الاتصال وسائل الإعلام العمومية والخاصة على المساهمة في النهوض بالقطاع، مشيرا إلى أن هناك “عملا كبيرا ينتظرنا وورشات كثيرة”. وقال الوزير إن مسؤولية قيادة هذا القطاع “الحساس” “ثقيلة جدا”.

محمد بوسليماني: تحيين قانون وكالة الأنباء يواكب التطورات وفق المعايير الدولية

وأضاف أن وكالة الأنباء الجزائرية أطلقت مؤخرا “مجموعة من الورشات على مستوى هياكلها التحريرية تستهدف تطوير الخدمة في مجال اختصاصها”.

كما قامت، حسب قايد، بتطوير البرقية من حيث “الشكل ومن جانب صيغ معالجة المحتوى، والاهتمام المتواصل بخدمات الإنفوغرافيا والفيديو – غرافيا والرفع من مستوى الأداء من جانب إنتاج المحتويات الإعلامية متعددة الوسائط، بما فيها خدمات التغطية السمعية البصرية”.

وكشف المتحدث أن الوكالة “شرعت في تطوير وتفعيل الآليات المتعددة لليقظة الإعلامية لدحض الأخبار الكاذبة وتنوير الرأي العام بالحقائق بالموضوعية والنزاهة والاحترافية”، وذلك وعيا منها بـ”الضروريات الملحة التي تمليها الظروف الراهنة لاسيما ضمن سياق ما يعرف بحروب الجيل الرابع وإدراكا منها للحملات الإعلامية التي تستهدف وطننا من قبل أوساط لا تخدمها مواقف بلدنا”.

وبالموازاة مع ذلك أكد قايد أن الوكالة تسعى  لـ”تحيين انتشارها دوليا من خلال تفعيل مكاتبها في الخارج دعما لصوت الجزائر دوليا ولمرافقة الدبلوماسية في الخارج”. وأعلن أن الوكالة تعتزم “استحداث موقع جديد بالإسبانية قريبا لما لهذه اللغة الأجنبية من أهمية من حيث التداول والتفاعل الدوليين”.

كما تحرص الوكالة، مثلما قال، على “تطوير الخدمة العمومية على مستوى مختلف مواقعها الإلكترونية بلغات متعددة لجعلها أكثر فعالية وكذا على مستوى صفحتها بمواقع التواصل الاجتماعي”، إلى جانب “تطوير التعاون الدولي والتكوين” وهو المجال الذي أكد أنه يكتسي “أهمية جد بالغة في ورقة الطريق الجديدة لتسيير الوكالة”.

والشهر الماضي وقعت وكالة الأنباء الجزائرية (وأج) ووكالة الأنباء الإيطالية “أنسا” (ANSA) بالجزائر العاصمة على اتفاقية تعاون تنص على تبادل المضامين الإعلامية والتجارب في المجال الإعلامي وهذا في خضم التحولات التي يعرفها هذا القطاع.

وأشار الرئيس المدير العام لوكالة أنسا إلى أن توقيع هذه الاتفاقية سيكون بداية لـ”تحيين علاقة طويلة الأمد” لاسيما في مجال التعاون الإعلامي.

خبراء إعلام يؤكدون على ضرورة تطوير قدرات «دفاعية وهجومية» من خلال إنتاج المعرفة لخوض الحرب الإعلامية

وأكد السفير الإيطالي بالجزائر أن وأج “نقطة مرجعية بالنسبة إلينا” في التعاون وتبادل المعلومات والأخبار. وأتي توقيع هذه الاتفاقية بين الوكالتين غداة زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا إلى الجزائر.

وأعلنت الجزائر هذا الشهر إطلاق أول قناة إخبارية تهتم بالشأن الدولي بثلاث لغات تحت اسم “قناة الجزائر الدولية” Al 24 news. وتهدف هذه القناة التلفزيونية حسب مديرها العام سليم عقار  إلى “إسماع صوت الجزائر في الخارج وأن تكون واجهتها في العالم”. وبإطلاقها لهذه القناة، تسعى الجزائر إلى مواجهة التحديات الدولية.

وجدير بالذكر أن الجزائر تملك عدة قنوات تلفزيونية عمومية باللغتين العربية والفرنسية، لكن المعارضة السياسية في الجزائر  طالما انتقدت سيطرة الحكومة على الخط التحريري لهذه القنوات.

16