لماذا طال مقص الرقيب مسلسل "الجبل الأحمر" على التلفزيون التونسي

مستخدمو مواقع التواصل يفسرون العمل: بؤس وإنذار.
السبت 2023/04/08
وجه آخر للحي الشعبي

يثير مسلسل "الجبل الأحمر" جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي في تونس لدلالاته العميقة كونه أحد أكبر الأحياء الشعبية في العاصمة التونسية ومعروف بالإجرام والفقر. لكن أيضا لاتهام التلفزيون التونسي بممارسة الرقابة عليه وحذف مشاهد أفسدت العمل.

تونس - اتهم فريق عمل مسلسل “الجبل الأحمر” التلفزيون التونسي، الذي يبث العمل في رمضان الحالي على قناته الأولى، بـ”صنصرة” العمل عبر اقتطاع عدة مشاهد أفسدت حبكته الدرامية.

وكلمة “صنصرة” مستخدمة في تونس وهي ترجمة حرفية لكلمة “censure” الفرنسية التي تعني الرقابة، وتستخدم للدلالة على الرقابة في الصحافة ومجال الثقافة.

وأكد بطل المسلسل نصرالدين السهيلي تعرض العمل الذي يبثه التلفزيون التونسي على “الوطنية الأولى” للصنصرة، معتبرا أن “ما حدث لمسلسل ‘الجبل الأحمر’ غير عادي وذلك كان بهدف إفشاله”، مضيفا “أعتقد أنّ هناك أشياء غريبة تحدُث”. وتابع “ما حدث لـ’الجبل الأحمر’ جريمة، هناك صنصرة كبيرة”، محملا القناة الوطنية مسؤولية ذلك.

وأضاف السهيلي أنه فضلا عن تعرّض المسلسل للصنصرة على مستوى المحتوى فإنه بث في “توقيت ميت”، متابعا أنّ ذلك لأوّل مرّة يحدث في القناة الوطنية الأولى رغم أنّ العمل من إنتاجها، إضافة إلى عدم إعادته وعدم بثّه على المنصّات الرقمية.

المخرج ربيع التكالي أكد أن المسلسل يعمل على تغيير الصورة النمطية لهذا الحي الذي ارتبط في المخيال الشعبي بالإجرام والفساد

ولم يحقّق المسلسل نجاحاً كبيراً حتّى الآن على صعيد نسب المشاهدة، بالمقارنة مع العمل التونسي الثاني “فلوجة”، الذي أنتجته قناة “الحوار التونسي” الخاصة، وأخرجته سوسن الجمني.

وأرجع بعض النقاد سبب عدم تحقيق مسلسل “الجبل الأحمر” النجاح إلى بثه في توقيت غير مناسب.

ومن جانبه ذكر الممثل محمد السياري أنّ عملية الحذف شملت مقاطع تمّ تمثيلها، لكنها حُذفت من قبل إدارة التلفزيون، ولم تُحذف في المونتاج. واعتبر أنّ “تبرير عملية حذف المشاهد بحجّة أنّها لا تتماشى مع طبيعة شهر رمضان أمر غير مقبول، خاصةً أنّ المختصين في التلفزيون سبق أن اطلعوا على السيناريو وأعطوا الموافقة عليه قبل الشروع في تصويره”.

وأنتج التلفزيون التونسي العمل من عشرين حلقة، وهو من إخراج ربيع التكالي، وأدى دور البطولة فيه كلّ من فتحي الهداوي ومحمد السياري ودليلة المفتاحي ونادية بوستة.

و”الجبل الأحمر” حي شعبي يقع غربي تونس العاصمة ظهر في ثلاثينات القرن الماضي ويعتبر من أكثر الأحياء التي تشتهر بالعنف والإجرام ولذلك يخاف الكثيرون الذهاب إليه، وقد اتخذ في خمسينات القرن الماضي ملجأ لعناصر المقاومة المسلحة ضد الاستعمار الفرنسي. أما تسميته فتعود إلى طغيان لون التربة الحمراء وكثرة الأشجار والنباتات التي تحيط به.

وأكد التكالي أن المسلسل يعمل على تغيير الصورة النمطية لهذا الحي الذي ارتبط في المخيال الشعبي بالإجرام والفساد، حيث يصور الحياة اليومية داخل هذا الحي العريق والعلاقات الإنسانية والروابط العائلية القوية وأبرز العادات والتقاليد من منظور اجتماعي بحت، كما بيّن أن العمل يحمل رسالة إيجابية فحواها وحدة سكان هذا الحي الذي أنجب عددا هاما من الفنانين والمبدعين.

المسلس لم يحقّق ل نجاحاً كبيراً حتّى الآن على صعيد نسب المشاهدة، بالمقارنة مع العمل التونسي الثاني "فلوجة"

وقال الإعلامي التونسي سمير الوافي “تنتج مسلسلا بمئات الملايين من المال العام وتعرضه في وقت ميّت بعد الأخبار خارج وقت الذروة وتتجنب منافسة القنوات الخاصة في التوقيت الأغلى بعد الأذان مبجلا عليه سيتكوم من إنتاج خاص فشل في تحقيق نسبة مشاهدة هامة، وتحرم نفس المسلسل والمشاهدين من أية إعادة في القناة أو في يوتيوب أو في منصة خاصة، وفوق كل ذلك تصنصر لقطات هامة من المسلسل بشهادة أبطاله فتربك متابعته وتنفّر منه الناس… فتظلم أبطاله ومخرجه وكل صُنّاعه… وتشوه عملهم وتضيّع تعبهم وتسيء إلى أسمائهم!”.

وتساءل “ماذا يسمى كل هذا الذي ارتكبته ضد مسلسل ‘الجبل الأحمر’ أيتها التلفزة الوطنية؟ إنه إلى جانب سوء التصرف في تسويق عمل تكلف مليارات على المال العام جريمة في حق صنّاعه بكل فئاتهم ومؤامرة من التلفزة ضد نفسها وكيانها لا توحي بأنها مجرد أخطاء غبية وساذجة!”.

واعتبرت الصحافية مريم بن عمو أن ما ينقص المسلسل هو الحبكة الدرامية وأن ذلك ليس نتيجة لحذف مقاطع كما يقول فريق العمل، وكتبت:

Meriem Ben Amou

الجبل الأحمر…

الفكرة والقصة حلوتان.

ممثلون كبار ومتمكنون مما يقومون به (الأغلبية وليس كلهم).

أما الحبكة الدرامية فهي غائبة تماما ولا أتصور أن ذلك كان نتيجة الصنصرة من قبل التلفزة الوطنية… هناك أشياء تتطلب الكفاء المهنية.

ويجمع عدد من المختصين في تونس على أن حرفة السيناريست غير متوفرة، بالإضافة إلى غياب المعالجة الدرامية في جل الأعمال المعروضة.

بطل المسلسل نصرالدين السهيلي أكد تعرض العمل الذي يبثه التلفزيون التونسي على "الوطنية الأولى" للصنصرة

وهاجم مغني الراب التونسي "أرمستا" مسلسل “الجبل الأحمر” على حسابه في إنستغرام قائلا ”المسلسل شوه حي الجبل الأحمر، كان تشويه سمعة”.

وقالت صفحة المسلسل على فيسبوك:

الجبل الأحمر

مسلسل “الجبل الأحمر” ليس بالضّرورة أن يحاكي منطقة حي “الجبل الأحمر” بِعينها لكن من منطلق العنوان يمكن أن يكون لنا اسم مركّب من جبل + أحمر.

الجبل! كُتلة من البُؤس المُتكلّس المُتحجّر والفقر المُكدّس والظّلم المُتراكم والقهر الشّاهق.

الأحمر! دلالة على الإنذار والتّحذير والتّنبيه والخطر.

تونس ممتلئة بالجِبال الحَمراء.

على قد ما برشة مافهموش القصد من المسلسل على قد ما هوما ماحبّوش يفهمو خاطر وقت اللّي يُكثر الظّلم والوجيعَة والقهر وقتها المُخ يُرفض يستوعب ويصدّق اللّي فمّا أحياء توجدت باش تهز وجيعة النّاس الكل بالنيابة (الكثيرون لم يفهموا القصد من المسلسل لأنهم لم يفهموا أنه كلما كثر الظلم والأوجاع والقهر ما عاد العقل يستوعب فكرة أن هناك أحياء وجدت كي تتألم نيابة عن البقية).

وجع موروث ووجع مكتسب.

مِن الأنهج الضِّيقة والفوضى المعماريَّة تفهم الضّيق في الصّدور والفوضى في الرّوح، والذين يعيشون في هذه الحَواري والأحياء موتى بالحَياة ومجبورون على أن يكونوا حَطب محرقة البُورجوازيّة والإمبرياليّة.

️ملاحظة: لا نستطيع إنتاج مسلسل بعنوان “بورْجِل” لأنه أصبح “مون بليزير”، كما لا نستطيع إنتاج مسلسل بعنوان “كرش الغابة” بعد أن أصبح اسم المكان “حي النصر”.

الجبل الأحمر مازال أحمر. الجبل الأحمر هو روح البلاد وجسمها التّاعب (المنهك).

ورغم ذلك حاز المسلسل إعجاب كثيرين. وقال الإعلامي برهان بسيس:

Borhen Bssais

الجبل الأحمر حاجة ترجع الثقة في انو الاخراج والأداء متع التوانسة في الأعمال الدرامية تنجم تحترم جزء من المشاهدين التوانسة الي مازالو يحترمو الإبداع والخيال الفني الرفيع (“الجبل الأحمر” أعاد الثقة بأن الإخراج والأداء متعا التونسيين، بالأعمال الدرامية يمكن أن تحترم جزءا من المشاهدين التونسيين الذين مازالوا يحترمون الإبداع والخيال الفني الرفيع).

شكرا للمخرج ربيع التكالي… شكرا لنصرالدين السهيلي ورفاقه… شكرا للتلفزة الوطنية على هذا الرهان.

واعتبر إعلامي آخر:

Ameur Bouazza

مسلسل “الجبل الأحمر” ثورة حقيقية في مجال الدراما التلفزيونية، وعرضه على القناة الوطنية الأولى يكرس الدور الطلائعي الذي اضطلع به الإعلام العمومي. وهذا نجاح جديد يضاف إلى سجل التلفزة الوطنية التي راهنت منذ بضع سنوات على التجديد في مستوى المقاربات الجمالية وعلى التجارب الجديدة الشابة دون الرضوخ بالضرورة لما يطلبه المتفرجون من حيث السهولة والبساطة.

تجديد في مستوى الصورة والإيقاع والإضاءة مع إدارة ممثلين ذكية تجعل كل الممثلين لا يكررون أنفسهم ولا يعبرون بأسلوبهم المعتاد… ممثلون معروفون لكن نكتشفهم كأننا نراهم للمرة الأولى، فضلا عن اللمسات الإبداعية الواضحة للمخرج في بعض المشاهد المبهرة.

5