لماذا تعارض الجزائر سيطرة حفتر على غدامس

المشير خليفة حفتر يواجه رفضا جزائريا وضغوطا غربية بقيادة الولايات المتحدة من أجل وقف مغامرته.
الأربعاء 2024/08/21
في انتظار القرار النهائي

الجزائر- تصوّب قوى دولية وإقليمية أنظارها نحو مدينة غدامس التي تشير تقارير إلى سعي قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر للسيطرة عليها، بينما تتحدث تسريبات عن قلق جزائري من العملية المرتقبة وضغوط غربية أخرت إتمامها.

وفيما يحيط الغموض بشأن هدف حفتر من السيطرة على المدينة المرتبطة بحدود مع تونس والجزائر، يتساءل مراقبون عن سبب الانزعاج الجزائري الشديد، خاصة وأن العملية مدعومة على الأغلب من حليفتها روسيا.

ويربط البعض الرفض الجزائري للعملية العسكرية بأن مدينتي غدامس الليبية والدبداب الجزائرية سكانهما من الطوارق وأن أي اضطراب أمني قد يقود إلى اضطراب اجتماعي.

وتشير تسريبات إلى أنه بينما تضغط روسيا من أجل تنفيذ الخطة في سياق إقليمي تمهد له في منطقة الساحل، يواجه حفتر رفضا جزائريا وضغوطا غربية بقيادة الولايات المتحدة من أجل وقف مغامرته.

◄ يبدو أن حفتر والقوى الداعمة له لم يستطيعا إقناع المحيط الإستراتيجي بالأهداف المعلن عنها عند بداية العملية، خاصة بالنسبة إلى الجزائر والدول الغربية

ولا تزال الوحدات العسكرية الليبية المنضوية تحت لواء الجيش التابع لحفتر تحوم حول منطقة غدامس المتاخمة للحدود الجزائرية، دون التقدم إلى عمقها، في انتظار بلورة قرار سياسي ينسجم مع الأهداف العسكرية والأمنية المعلن عنها منذ بداية ما يعرف بـ”تحرك حفتر في الصحراء الجنوبية الغربية”.

وعزا متابعون لشؤون المنطقة تأخر حفتر في إصدار القرار النهائي والحاسم إلى تباين مواقف القوى الدولية والإقليمية الفاعلة في الملف الليبي، ففيما تضغط موسكو من أجل تنفيذ العملية في المنطقة، ترفض الجزائر أي تجاوب إيجابي رغم محاولات مسؤولين روس التقليل من مخاوفها بشأن أمنها الإقليمي، بينما أعرب الغرب بقيادة الولايات المتحدة عن رفضه التام لتحرك حفتر.

وتحدثت تقارير محلية وعربية عن رفض الجزائر محاولات إقناعها من طرف الروس بعدم استهدافها أو المساس بأمنها الإقليمي، في تحرك حفتر وتوجهه إلى السيطرة على منطقة غدامس المتاخمة لحدودها الجنوبية الشرقية، وأعربت لهم عن رفضها التام لأي تعامل إيجابي مع ما يجري في الجهة المقابلة.

وعلى هذا النحو وجد رجل ليبيا القوي نفسه رهين أهداف وإستراتيجيات متباينة للقوى الدولية والإقليمية الفاعلة في الملف الليبي، رغم الدعم الذي يحظى به من طرف الروس وبعض دول الجوار، فضلا عن التوافق المسجل بينه وبين النخب العسكرية الحاكمة في دول الساحل كالنيجر ومالي.

وكانت رئاسة أركان القوات البرية التابعة للقيادة العامة قد أكدت على أن “تحرك وحداتها نحو الجنوب الغربي يأتي ضمن خطة شاملة لتأمين الحدود الجنوبية وتعزيز الأمن القومي في هذه المنطقة الإستراتيجية، من خلال تكثيف الدوريات الصحراوية والرقابة على الشريط الحدودي مع الدول المجاورة، وأن هذا التحرك لا يستهدف أحدا”.

◄ المراقبون يتساءلون عن سبب الانزعاج الجزائري الشديد من تحرك حفتر، خاصة أن هجومه مدعوم من حليفتها روسيا

وتمارس روسيا ضغوطا شديدة على حفتر من أجل توسيع نفوذه، ليكون ذلك متزامنا مع توغل عناصر الفيلق الأفريقي الخاص بها في المنطقة، وهو ما جعل الرجل يندفع بقوة في مباشرة العملية، خاصة مع وعود تحوله إلى رقم مهم في معادلة المشهد الجيوسياسي الجديد في المنطقة.

غير أن علاقة الرجل المأزومة مع الجزائر منذ سنوات، ورفض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للعملية برمتها، جعلا الرجل شبه عالق الآن في الصحراء، ما دام غير مسموح له بالتقدم في عمق منطقة غدامس، التي قد تكون شرارة أزمة مفتوحة على جميع الاحتمالات.

ويبدو أن حفتر والقوى الداعمة له لم يستطيعا إقناع المحيط الإستراتيجي بالأهداف المعلن عنها عند بداية العملية، خاصة بالنسبة إلى الجزائر والدول الغربية، رغم أن الروس يراهنون على عدة أوراق حليفة لقلب الطاولة على خصومهم، بما في ذلك ضم حفتر ومعه ليبيا إلى حلف الساحل الجديد، وحشد الهجرة السرية إلى أوروبا مرورا بدول شمال أفريقيا.

ومن غير المعروف ما إذا كان قلق الجزائر مرتبطا بدوافع أمنية، بالرغم من أن خليفة حفتر سبق أن أطلق تصريحات معادية لسيادتها وأمنها، فضلا عن كونه ذراعا لمن تصفهم بـ”القوى المعادية”.

وكان بيان لأركان الجيش الليبي قد شدد على أن “هذه التحركات هدفها تعزيز تأمين المناطق الحدودية والجنوب، خاصة في ظل التوتر في دول الجوار، وإمكانية نشاط العصابات والجماعات المتطرفة، وأن رئاسة أركان القوات البرية سجلت ردود الفعل على هذا التحرك المنظم والمنضبط، وتشير إلى أن ما صدر من بيانات من بعض الأطراف يأتي في إطار الابتزاز السياسي والمالي”.

1