"لله يا مغردين".. تسول أونلاين

يقول مغردون إن الشحاتة الإلكترونية، تعد من أسوأ إفرازات هيمنة مواقع التواصل الاجتماعي، ويقوم معلقون بتحليل الظاهرة محاولين إيجاد حلول، خاصة أنها تتجاوز الأشخاص إلى العصابات والتنظيمات.
لندن - تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي “نداءات استغاثة” لمساعدة فقراء ومرضى ويتامى وخلاص فواتير أو تمويل برامج ومشاريع إنسانية. وبات مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي يصنفون هذه النداءات ضمن #الشحاتة_الإلكترونية وإن كانت لا تزال تنطلي على كثيرين.
ويبدأ الأمر غالبا بنشر “تغريدات شحاتة” كرد على تغريدات شخصيات مشهورة أو ناشطين يملكون قاعدة متابعين كبيرة. وقد تصل في غضون دقائق إلى أكثر من 20 تغريدة شحاتة ما بين استدرار للعواطف، الذي يكون غالبا باسم الدين عبر استحضار آيات قرآنية وأحاديث نبوية، ويعمد آخرون إلى نشر تسجيلات فيديو أو تقارير طبية مزورة منتهين بنشر رقم الحساب البنكي لمن “أراد فعل الخير”. وينتشر هذا النوع المزعج من الرسائل في الهاشتاغات النشطة أيضا.
ويكون واضحا إعادة التغريدة من عدة حسابات وهمية باستخدام تقنية الردود الآلية، وهو ما يؤكد أن الشحاتة الإلكترونية “عملية منظمة” و”تجارة قائمة”.
وتندرج رسائل الشحاتة ضمن الرسائل المزعجة (spamming) وهو مصطلح يطلق على الرسائل غير المرغوب فيها، التي تكون رسائل إعلانية عادة، عبر الوسائل الإلكترونية المختلفة.
وقال الناشط فهد البقمي:
FahdAlbogami@
بنفس الأسلوب الذي تروج له حسابات التخسيس والسموم بالردود الآلية، تشوف حسابات بمجرد ما تغرد يجيك منشن منها، وباستعطاف ديني يطالبون بتسديد فواتير لناس غير موجودين في فرجت (خدمة الكترونية يتم من خلالها السداد عن سجناء الحقوق المالية من قبل ذويهم أو فاعلي الخير). ولو تدخل لحساب تلقاه كله ردود آلية لنفس الفاتورة. نصيحة طالما ما هو في فرجت احذر تدفع له إذا ما تعرف حالته شخصياً.
واعتبر مغرد:
re7lt_alshak@
لا أنكر وجود قلة محتاجة، وأخيار يساعدون.. لكن فتح الأمر للكل ضرره على المحتاج الحقيقي.. عصابات وشركات تزاول أمر الشحاتة الإلكترونية.. المئات من الحسابات مرتبطة بشبكات لأجل تعزيز كذبة الحاجة وكأن الشحاتة التي عند الإشارات وفي الأسواق طورت نفسها وأمست إلكترونية في تويتر وغيره.
واعتبر مغردون أن الظاهرة جديرة بالدراسة.
وقال معلق:
AlHababi1@
التسول الإلكتروني أصبح ظاهرة تستحق الدراسة من الجهات ذات العلاقة واتخاذ الإجراءات النظامية وتثقيف وتوعية المجتمع في كيفية التعامل معها وإيضاح الأبعاد الأمنية والاجتماعية على كل من يتبرع لمتسول إلكتروني.
واعتبر معلق:
Owl_au@
الشحاتة الإلكترونية، أسوء إفرازات السوشيال ميديا.
ولا يزال مغردون يتذكرون قصة سارة إبراهيم أو ما يسمونها “أكبر كذبة” انطلت عليهم على تويتر.
وسارة إبراهيم، طفلة مصابة بسرطان الدم، عرفها وتعاطف معها سعوديون عبر تويتر من خلال نشر صورها وهي تتلقى العلاج، وكانت تطلب من المتابعين الدعاء لها بأن تشفى من هذا المرض.
انتشرت قصة سارة كالنار في الهشيم، وتعددت أشكال التعاطف المادي والمعنوي معها، فبعض المغردين تبرعوا بمبالغ مالية، وآخرون حلقوا شعر رؤوسهم تضامناً معها، وراح البعض يكتب قصائد وينشد الشيلات بغية تخفيف الألم عنها. وبعد هذا الكم الهائل من مشاعر التعاطف، تبين أن الصور المنشورة للطفلة المفترض أنها “سعودية” هي صور لطفلة أميركية، على الرغم من استضافتها هاتفياً، في عدد من وسائل الإعلام، ليتم إلغاء الحساب من تويتر، وتختفي سارة إبراهيم، أو يختفي من كان يغرد عبر حسابها المزيف.
ومؤخرا ذاع خبر وفاة فتاة تدعى ياسمين عبدالعزيز نتيجة إصابتها بفايروس كورونا في بريطانيا وتعاطف معها الكثير على تويتر. لاحقًا، قام أحد الحسابات بعرض وصية للمتوفاة تطالب فيها بسداد فاتورة لأحد الأشخاص، الأمر الذي أثار شكوك المغردين بأن القصة مختلقة لشخصية وهمية تندرج في إطار #الشحاتة_الإلكترونية.
وساهمت أزمة تفشي فايروس كورونا في زيادة ظاهرة #الشحاتة_الإلكترونية. ويقول مختصون إن “التسول الإلكتروني” ازداد بسبب تراجع التسول التقليدي في ظل ظروف الحجر خلال الأشهر الماضية.
وتصل إلى مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي رسائل عبر تطبيقات مختلفة، مثل تويتر وفيسبوك وواتساب وسنابشات، يطلب أصحابها مساعدات مادية.
وكتبت مغردة:
abeer_alamoudi@
أكثر من مرة توصلني على سناب رسائل طلب مساعدة تصل المبالغ لأكثر من 20 ألف!!! أستغرب الجرأة في طلب هالمبالغ الكبيرة وبشكل عادي.. الشحاتة الإلكترونية صارت عادية.
وقال مغرد:
CurieGh@
المصيبة المشاهير الذين يدعمون هذه الحسابات. وطلع بعضهم ياخذ عمولتو وأرباح.
ويتهم مغردون المشاهير بالتورط في هذه التجارة.
وكتب حساب:
SdBrek@
#الشحاتة__الإلكترونية في ما سبق كنا نعاني من شحاتين الإشارات وشحاتين المساجد والمولات والأعياد ووقت نزول الراتب وعمال النظافة وبدون عزة نفس بل وبعضهم يقوم بضربك إن لم تعطه، وإن أعطيته ولم يعجبه المبلغ يرفض أخذه، يتشرط علي، بل ويسرق إلي بيدك كله. أم الآن فقد تطور لما هو أسوأ.
وتحذر سلطات البلدان العربية من الظاهرة مؤكدة أنها تندرج ضمن الجرائم الإلكترونية. كما يحذر المختصون من أن هذا النوع من الشحاتة وسيلة من وسائل تمويل الجماعات الإرهابية.
ويذكر أنه سبق لتنظيم داعش أن طلب تمويلات من أنصاره بعملة البتكوين. ونشر أحد مناصري التنظيم تقي الدين المنذر، وثيقة بعنوان “بتكوين وصدقة الجهاد” قبل 4 سنوات التي أوضح فيها الأحكام الشرعية لاستعمال البتكوين.
وتبرز التكنولوجيات المشفرة كبديل جذاب للتنظيمات التي شدد عليها الخناق. ويبقى مدى الاعتماد عليها معلقا على عدد من مجهولي الهوية الذين سيشتركون في ذلك، وكيفية استخدام الجمهور للعملات المشفرة الجديدة.
والبتكوين عملة رقمية تعتمد على التشفير، وتتميز بأنها “عملة لا مركزية”، أي لا يتحكم بها غير مستخدميها، ولا يمكن لأي نظام أمني أو مصرفي متطور مراقبتها أو حتى اختراق عمليات التحويل التي تتم بها عبر العالم مثل ما يتم مع العملات المتداولة في العالم.
من جانب آخر، أطلق نشطاء في عدة دول عربية حملة لتعقب الشحاتين الإلكترونيين على مواقع التواصل الاجتماعي.
ونشرت صفحة متخصصة تحت اسم “غزة تحارب الفساد” عشرات الوثائق والنماذج عن حالات التسول الإلكتروني وانخراط أشخاص كثيرين فيها، بما في ذلك أعضاء من الأجهزة الأمنية التابعة لحماس، وأن بعض الذين انخرطوا في حملات التسول الإلكتروني حققوا ثراء مفاجئا.
وانخرطت عدة تنظيمات في الشحاتة الإلكترونية. وسبق أن أثارت دعوة كتائب عزالدين القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) مؤيديها في العالم إلى دعمها ماليا من خلال عملة بتكوين الرقمية العام الماضي جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي.
والعام الماضي أيضا، دشن حزب الله اللبناني على تويتر هاشتاغا بعنوان #بمال_خديجة_جئناكم يستجدي فيه تبرعات مالية من أنصاره. ورفع الحزب شعار “تبرع ولك نخلةٌ من ذهب بالجنة”.