لكل سياسي موقع إلكتروني في لبنان

الإعلام الإلكتروني بديل جيد ورخيص للسياسيين لترويج مشاريعهم.
الثلاثاء 2022/07/05
ماذا يقولون؟

العشرات من الطلبات تقدم بها سياسيون لبنانيون لإنشاء مواقع إلكترونية شخصية للتأثير والحضور في المستقبل، وذلك استباقا لإمكانية أن تطالب السلطات مستقبلا بتراخيص إنشاء مواقع إلكترونية.

بيروت - كشف رئيس المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع عبدالهادي محفوظ عن إقبال سياسي استثنائي على طلبات إنشاء مواقع إلكترونية، شخصية أو حزبية، استباقا لفرض قيود على تأسيسها في المستقبل.

وقال محفوظ في حفلة افتتاح موقع “الجريدة” الذي أسسه خضر طالب، وهو المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة اللبناني السابق حسان دياب، إن “المواقع الإلكترونية ومعها مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت هي مصدر إعلان اللحظة ووقوع الحدث، وبالتالي تملك تأثيرا كبيرا في صناعة الرأي العام”.

وأضاف “هناك أكثر من ألف موقع إلكتروني إعلامي مسجّل في المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع تحت عنوان العلم والخبر. واللافت أنه بعد الانتخابات النيابية، تقدم سياسيون أو هيئات سياسية بالعشرات من الطلبات بحثا عن إنشاء منصات إعلامية شخصية للتأثير والحضور في المستقبل، وذلك استباقا لإمكانية أن تطالب السلطات السياسية مستقبلا بتراخيص إنشاء مواقع إلكترونية واحتكار الإعلام الإلكتروني”.

وسائل الإعلام تتمتع بهامش كبير من حرية التعبير في لبنان، إلا أن أغلبيتها تخضع لتوجيهات مالكيها من السياسيين

وتابع محفوظ “لا شك أن الإعلام الإلكتروني أقل كلفة من الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، لذلك نشهد هذا التحول في المواقع الإلكترونية وهو تحول يستفيد من مناخات الحرية الإعلامية ميزة لبنان في المنطقة، حيث هناك مسافة عن إعلام الحاكم وهذا الأمر قد يعطي الإعلام الإلكتروني ميزة عن غيره إذا ارتكز إلى الموضوعية والشفافية وصحة الخبر ودقة المعلومة والابتعاد عن الطائفية، والانتماء إلى فكرة الدولة. لكن ما يهدد الإعلام الإلكتروني في لبنان ابتعاد قسم كبير منه عن المهنية وأحيانا يكون مصدرا للأخبار الكاذبة”.

وتتمتع وسائل الإعلام بهامش كبير من حرية التعبير في لبنان، إلا أن أغلبيتها ليست موضوعية أو محايدة، كما لا تناقش أو تطرح المواضيع من ناحية علمية ومهنية، بل يتدخل في كل تفاصيل إنتاجها، آراء وتوجيهات مالكي هذه المؤسسات، الذين يكونون أغلبهم إما سياسيين أو أقرباء لسياسيين، أو إعلاميين سابقين وكتاب صحافة منهم لبنانيين وغير لبنانيين، وقد ظهرت في بيروت مؤخرا عدة مواقع إلكترونية.

وتبرز المواقع الإلكترونية التي تبث على الإنترنت  كبديل لوسائل الإعلام التقليدية في لبنان التي تعيش أصعب أيامها.

 ويدرك السياسيون أن بناء الزعامة يحتاج إلى أدوات مختلفة، من أهمها الإعلام، لذلك يسعون لتمرير مشاريعهم عبر واجهة الإعلام الجديد من دون تكبّد كلفة مالية ضخمة كإطلاق قناة تلفزيونية، خاصة أن عدد مستخدمي الإنترنت في لبنان يبلغ أكثر من 6 ملايين شخص، وهو ما يمثل أكثر من 83 في المئة من العدد الجملي للسكان.

وبات أكثرية مستخدمي الإنترنت يعتمدون على المواقع الإلكترونية بشكل أكبر بكثير من وسائل الإعلام التقليدية  كالتلفزيون أو الراديو، أو حتى الصحف والمجلات، للحصول على المعلومات والأخبار الحصرية، أو تصفح المواضيع المختلفة والبعيدة عن السياسة.

وسبق للسلطات اللبنانية أن حاولت وضع يدها على ملفّ الإعلام الإلكتروني، عبر عدّة سياقات كان بينها “نقاش” إن كان الإعلام الرقمي صحافة أم لا، وصولا إلى السعي لتشكيل نقابة للقطاع بمبادرة من السلطات.

الإعلام الإلكتروني أقل كلفة من الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب
الإعلام الإلكتروني أقل كلفة من الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب

وقالت نقابة الصحافة البديلة في بيان قبل عامين “يبدو أنه في ظل السيطرة على أشكال الإعلام التقليدي عبر النقابات المصادرة والتمويل السياسي، حان موعد الانقضاض على الإعلام الإلكتروني. فقد سرّعت أزمة كورونا عملية استعادة وسائل الإعلام التقليدية لمواقعها المعتادة في الترويج لخطاب السلطات وأصحاب المال والتطبيل لهم ولإجراءاتهم غير القانونية، لاسيّما المصرفيّة منها. في المقابل، برز الإعلام الإلكتروني كبديل جدّي منذ اندلاع ثورة السابع عشر من أكتوبر 2019، وبرزت منصات بمحتوى نقدي ومبتكر يتحدّى الخطاب الرسمي، ويكرّس مبدأ الصحافة الحقيقية والحرة. لذلك، حان موعد وضع اليد السلطوية عليه، بأكثر الطرق عشوائية”.

وتستشفّ من النقاشات علامات صدام واضح بين الهيئات الإعلامية  التابعة للسلطة اللبنانية على غرار المجلس الوطني للإعلام ونقابتَي الصحافة والمحرّرين، حول مَن سيستأثر بـ”الوصاية” على ملف الإعلام الإلكتروني الذي يعمل حاليّا من دون تنظيم قانوني مواكب لتطوّره.

بات أكثرية مستخدمي الإنترنت يعتمدون على المواقع الإلكترونية بشكل أكبر بكثير من وسائل الإعلام التقليدية كالتلفزيون أو الراديو، أو حتى الصحف والمجلات، للحصول على المعلومات والأخبار الحصرية

وتقول نقابة الصحافة البديلة “بدلا من مقاربة الملف بالجدية التي استحقها في مختلف أنحاء العالم وبالشراكة مع أصحاب القضية، دعا المجلس الوطني للإعلام إلى استصدار بطاقات للصحافيين العاملين في المواقع الإلكترونية تخوّلهم التنقّل وتغطية الأحداث… ثم بنى المجلس على هذه الدعوة ليطالب بتنظيم المواقع الإلكترونية ومراقبتها”.

وكان مشروع “مرصد ملكية وسائل الإعلام” الذي أطلقته منظمة مراسلون بلا حدود ومركز سكايز للدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية في مؤسسة سمير قصير ببيروت، أكد أن لبنان يسجل معدلا عاليا للتسييس الإعلامي مقارنة بـ16 دولة شملها المشروع، إذ فيه 29 وسيلة إعلامية من أصل 37 وسيلة مملوكة للدولة أو لنواب أو وزراء أو أحزاب سياسية. لذا، يبدو قطاع الإعلام في لبنان مرهونا بمصالح عائلية وسياسية، تتقاطع حينا وتتناقض أحيانا.

وحول السيطرة العائلية، أفاد “مرصد ملكية وسائل الإعلام” بأن الشركات التلفزيونية الأربع الأولى، وهي “المؤسسة اللبنانية للإرسال إنترناسيونال” (LBCI)، و”الجديد”، وأم.تي.في” (MTV)، و”اللبنانية للإعلام” (OTV)، تستحوذ على متابعة 8 من أصل 10 مشاهدين تقريبا. وهي مملوكة على التوالي من عائلات الضاهر، سعد، وخياط، وغبريال المر وميشال عون.

أما في قطاع المطبوعات، فتستحوذ الشركات الأربع الأولى وهي “شركة الجمهورية نيوز كورب” وشركة “النهار” وشركة “أخبار بيروت” وشركة “النهضة” (ناشرة صحيفة الديار)، على نسبة مشابهة من القراء تبلغ 77.9 في المئة. ويتمثل المساهمون الأساسيون في هذه الشركات في ميشال إلياس المر، وعائلتي الحريري وتويني، وإبراهيم الأمين، وشارل أيوب على التوالي. ونتيجة لذلك، يسيّر قطاع الإعلام وفقا للمصالح العائلية والسياسية.

16