لقاء نجل حفتر والطرابلسي بإسطنبول يحي الآمال في توحيد فرقاء ليبيا

إسطنبول – أحيت صور لرئيس أركان القوات البرية التابع للجيش الوطني الليبي الفريق ركن صدام خليفة حفتر، وهو يجلس بجوار وزير الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية اللواء عماد الطرابلسي، آمالا بين الليبيين لتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام السياسي والعسكري الذي يعصف بالبلاد منذ سنوات.
والتقطت الصور على هامش مشاركتهما في افتتاح فعاليات معرض "ساها إكسبو 2024" الدولي للدفاع والفضاء، الذي انطلق في مدينة إسطنبول الثلاثاء، وحملت رمزية قوية، إذ يمثل حفتر القيادة العامة في شرق ليبيا، بينما يعكس الطرابلسي دور حكومة الوحدة الوطنية في غرب البلاد.
واستقبل وزير الدفاع التركي يشار غولر كلًا من الطرابلسي وصدام حفتر لدى وصولهما مقر المعرض، فيما نشرت صفحات ليبية على مواقع التواصل الاجتماع صورًا للقاء الطرابلسي وصدام داخل المعرض في أول لقاء معلن بين الطرفين.
وترافق الطرابلسي وصدام في جولة داخل أجنحة المعرض للاطلاع على المنتجات الدفاعية والأمنية في مختلف صالات العرض كما أجريا لقاءات مع عدد من مسؤولي الشركات المتخصصة بالتصنيع الدفاعي والأمني.
وأثار مشهد وجودهما معا ردود فعل واسعة بين المواطنين الليبيين، الذين عبروا عن تفاؤلهم بأن تكون هذه الخطوة بداية لتقارب أكبر بين الأطراف المتنازعة.
واعتبر الإعلامي الليبي محمد الجازوي أن ظهور صدام حفتر وعماد الطرابلسي معا قد يكون في سياق واحدة من المخططات الدولية الرامية لدمج الحكومتين في ليبيا.
وقال في تدوينة عبر صفحته على فيسبوك "هذه الصورة قد تكون دليلا على تعديلات وزارية مرتقبة في بعض الحقائب، بدلا من تشكيل حكومة جديدة." مضيفا "هذه الديناميكية تشير إلى توجهات جديدة في المشهد السياسي، وتفتح الأبواب أمام آفاق من التعاون بين الطرفين".
ووصف الناشط محمد زنتاني لقاء نجل حفتر ووزير داخلية حكومة الدبيبة بأنه "لا يفعله إلا الرجال" واعتبر منتقديه بأنهم "لا ينتمي لهذا الشعب والوطن".
وكان أحمد حمزة رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، قد انتقد مشاركة صدام حفتر وعماد الطرابلسي في المعرض العسكري بإسطنبول عبر حسابه على فيسبوك قائلا "جررتم الليبيين إلى الاقتتال والتناحر والانقسام السياسي، واليوم تلتقون في عواصم الدول التي تتحكم في قراركم السياسي، وتتدخل سلبا في شؤون الداخلية لليبيا وتنتهك سيادتها".
وتشير الدعوة التركية لنجل المشير حفتر ووزير داخلية حكومة الدبيبة لحضور افتتاح هذه الفاعلية إلى وجود تفاهمات تركية – مصرية حقيقية بشأن الملف الليبي، تهدف إلى التوصل إلى تسوية تنهي الانقسامات العاصفة بالبلاد منذ سنوات وتسهل إجراء الانتخابات.
وفي 24 يوليو الماضي أشار الخارجية التركي هاكان فيدان إلى أن العلاقات مع شرق ليبيا، تسير بشكل جيد، وأعلن الوزير فيدان في فبراير الماضي، عن إعادة فتح القنصلية التركية في بنغازي، وأكد أنهم على اتصال مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وكذلك مع حفتر وأبنائه.
وعند الحديث عن علاقة أنقرة بشرق ليبيا دائما ما يتبادر إلى الأذهان حالة العداء، التي ترسخت بين الطرفين على مدى عدة سنوات، إذ وصلت في كثير من الأحيان إلى حد التهديد المتبادل والصدام بين المسؤولين الأتراك الكبار وقائد الجيش المشير حفتر.
وفي أعقاب فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بانتخابات الرئاسة في مايو 2023، بدأت تركيا في مراجعة علاقتها الإقليمية مع دول المنطقة وخصوصا دول الخليج ومصر وأيضا شرق ليبيا بعد فترة من القطيعة جراء سياسات أردوغان الصدامية.
لكن خطوات تركيا نحو تطبيع العلاقات مع شرق ليبيا بدأت في الربع الأخير من عام 2021، وجاءت هذه الخطوات في فترة تزامنت مع إلغاء الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 24 ديسمبر 2021، وهو الأمر الذي أدى إلى أزمة سياسية مستمرة حتى الآن.
وخلال تلك الفترة تبادلت أنقرة وبنغازب العديد من الزيارات رفيعة المستوى، إذ قام وفد من البرلمان الليبي بزيارة رسمية إلى البرلمان التركي، تلتها زيارة سفير أنقرة في طرابلس كنان يلماز إلى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح.
وفي ديسمبر 2023، استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح بمقر الرئاسة التركية في أنقرة، إذ ناقشا سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، كما أشار عقيلة على موقف مجلس النواب بشأن تشكيل حكومة جديدة مهمتها الإشراف على الانتخابات، كما أكد أردوغان على ضرورة الإسراع في إيجاد حل توافقي للأزمة الليبية.
وقبل ذلك، زار نائب وزير الخارجية التركي أحمد يلديز بنغازي في أواخر أكتوبر 2023 للمشاركة في المؤتمر الدولي لإعادة إعمار درنة والمدن، والمناطق المتضررة والذي انتظم في الأول والثاني من نوفمبر الجاري تحت إشراف قائد الجيش المشير خليفة حفتر ورئيس حكومة البرلمان أسامة حماد.
ويبدو أن تركيا اتجهت إلى فتح قنوات تفاوض جديدة قد تحقق مكاسب معينة على المدى المتوسط والطويل لكل من ليبيا وتركيا، وأولت أنقرة في الفترة الأخيرة أهمية كبيرة للتواصل الدبلوماسي مع شرق ليبيا.
وتقارب تركيا الرسمي مع شرق ليبيا ظهر جليا خلال لقاء مدير صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا بلقاسم حفتر مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، بالعاصمة أنقرة في 25 يوليو الماضي، إذ ناقشا سبل وتطوير التعاون الثنائي والاقتصادي.
وفي أبريل الماضي، أبرام بلقاسم حفتر عقود عمل مع شركات تركية لتنفيذ عدة مشاريع في مجال المقاولات العامة والتجهيزات والبنية التحتية في مدينة بنغازي، وذلك تمهيدًا لمباشرة أعمالها بالمدينة.
وتبع توقيع ذلك العقد عدة اتفاقيات، حسبما ذكرت وكالة "الأناضول" في تقرير لها، مطلع يوليو الحالي، مشيرة إلى انفتاح بات يحكم العلاقة بين أنقرة والشرق الليبي، مما يمهد الطريق أمام مرحلة جديدة تختلف جذريا عن السابق.