لقاء مرتقب بين مسعود برزاني ومظلوم عبدي في أربيل

اللقاء الذي وصف بالتاريخي يأتي في سياق حملة أكبر للمصالحة بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية، ولتوحيد الصف الكردي في الشمال السوري.
الخميس 2025/01/16
برزاني يقود حراكا سياسيا لتوحيد الأكراد

أربيل (كردستان العراق) - يعتزم قائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" مظلوم عبدي، إجراء زيارة قريبة إلى إقليم كردستان للقاء المرجع الكردي المخضرم مسعود بارزاني، الذي كان قد دشن حراكا سياسيا لتوحيد الصف الكردي في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، وذلك بهدف نزع فتيل التوتّر بينهم وبين تركيا، والتوصل إلى تفاهمات على آلية إدارة مناطق شمال شرق سوريا، والتي تسيطر عليها "الإدارة الذاتية" منذ أكثر من عقد.

وجاء في تقرير لموقع "المونيتور" الأميركي أن "لقاء تاريخياً" قد يجمع زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، بقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي في أربيل خلال أيام.

ووفقا للتقرير "من المتوقع أن مظلوم عبدي، الحليف الرئيسي لـ"البنتاغون" في الحرب ضد تنظيم داعش، سيلتقي بمسعود بارزاني، الرئيس السابق لإقليم كردستان وكبار رجال السياسة الكردية في جميع أنحاء العالم"، بحسب ما أكدته ثلاثة مصادر مطلعة.

وأضاف التقرير أن "المصادر رفضت تحديد موعد عقد الاجتماع"، فيما أشار أحد المصادر إلى أنه "سيتم في وقت قريب جداً، ومن المقرر أن يعقد الاجتماع في مقر بارزاني في أربيل".

وتابع أن "الدعوة وجهها بارزاني عبر مبعوثه حميد دربندي، الذي التقى عبدي في شمال شرق سوريا الاثنين الماضي".

ونوه التقرير إلى أن الاجتماع سيشكل تقدماً كبيرا في جهود إدارة بايدن للتقارب بين الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني، والذي يقود حكومة إقليم كردستان وهو جزء من حملة أميركية أوسع نطاقا للمصالحة بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية.

وتأتي الأنباء بالتزامن مع التحديات التي تواجهها منطقة الحكم الذاتي شمال شرق سوريا التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية منذ اندلاع أحداث ما بعد العام 2011، وتضم القوات مقاتلين من الكرد والعرب وبقية مكونات المنطقة الممتدة من شرق الفرات إلى الحدود العراقية، ومنذ سقوط نظام بشار الأسد، تتصاعد التهديدات من تركيا والفصائل الحليفة باستهداف منطقة الحكم الذاتي.

ووصل حميد دربندي، ممثل رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني، مساء الاثنين، إلى القامشلي شمال شرقي سوريا التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في زيارة هي الأولى من نوعها منذ عام 2011، حيث التقى خلالها مظلوم عبدي، إضافة إلى رئاسة المجلس الوطني الكردي.

وفقاً للمعلومات حول الاجتماع الذي كان مغلقاً أمام وسائل الإعلام، نقل عبدالحميد دربندي رسالة الرئيس مسعود بارزاني، التي أكدت على أهمية الوحدة الكردية لمواجهة التحديات الراهنة في سوريا.

وأعرب القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية عن تقديره لرسالة بارزاني ودعمه، مشدداً على أن المرحلة الحالية تتطلب تضافر الجهود بين جميع الأطراف الكردية لتحقيق الاستقرار وضمان حماية مصالح الشعب الكردي، حسبما نقل عنه إعلام قسد. 

وتقيم قسد المدعومة من الولايات المتحدة باعتبارها في نظر واشنطن قوة مضادّة لتنظيم داعش، منذ سنوات، علاقات متينة مع الاتحاد الوطني الكردستاني ثاني أكبر حزب في إقليم كردستان العراق بعد الحزب الديمقراطي الكردستاني، الأمر الذي كلّف قيادة الاتحاد بزعامة بافل طالباني ضغوطا تركية شديدة واتهامات باحتضان الإرهاب ودعمه وصولا إلى التهديد باستهداف محافظة السليمانية معقل حزب طالباني التي تقول أنقرة إنّ الأخير فتح مناطقه لإيواء عناصر حزب العمّال وتدريبهم وتسليحهم.

وتحمل اتّصالات قسد مع قيادة الحزب الديمقراطي ملامح انقلاب في الصورة باتجاه تزايد ثقة أكراد سوريا في حزب بارزاني وقدرته على تجنيبهم خطر الصراع المسلح ضدّ أركان الحكم الجديد في سوريا ومن ورائه تركيا، وذلك على حساب علاقتهم بالاتحاد الوطني الذي قد لا يملك لهم الكثير مستقبلا نظرا إلى ضعف موقفه باعتباره صديقا لمحور إيران في العراق والمنطقة وهو المحور المهزوم والمتراجع حاليا بعد هزيمة حزب الله في لبنان وسقوط نظام آل الأسد في سوريا.

واجتمع مسعود بارزاني مع وفد من رئاسة المجلس الوطني الكردي، في 8 يناير الجاري، وأكد خلال الاجتماع على "أهمية مشاركة الشعب الكردي في رسم مستقبل سوريا، وضرورة الاتفاق على رؤية كردية مشتركة حول حقوق الشعب الكردي والتفاعل مع مختلف القوى الوطنية السورية والإدارة الحالية، وأكد الرئيس بارزاني خلال اللقاء دعمه لقضية الشعب الكردي في سوريا، وضرورة توحيد الصف والموقف بين الأطراف الكردية، مع الأخذ بنظر الاعتبار مصالح الشعب الكردي في سوريا، واتخاذ الحوار والوسائل السلمية سبيلاً لمعالجة الخلافات. وفق بيان للمجلس الوطني الكردي.

وكان رئيس حكومة اقليم كردستان، مسرور بارزاني، زار أنقرة في 7 يناير الجاري، والتقى خلالها بكبار القادة والمسؤولين في تركيا وعلى رأسهم الرئيس رجب طيب أردوغان، وتركزت مباحثاته على العلاقات الثنائية والتطورات في سوريا.

وكان تقرير لوكالة مهر الإيرانية كشف، مؤخرا، عن زيارة مرتقبة يقوم بها رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني إلى العاصمة السورية دمشق للتوسط بين الكرد والإدارة الجديدة، وإجراء مفاوضات بين الجانبين في أقرب وقت.

وأشار التقرير، إلى أن رئيس إقليم كردستان ينوي زيارة سوريا ويعود عن طريق مناطق كردستان سوريا بهدف التقريب بين الطرفين.

وأضاف التقرير، أن مسعود بارزاني يقود مساعٍ للتوسط بين كرد سوريا والنظام السوري الجديد في دمشق برئاسة أحمد الشرع بهدف إجراء اجتماعات وحوارات بين الطرفين.

وأعرب زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان، في 29 ديسمبر الماضي، عن استعداده للمساهمة في عملية السلام مع أنقرة، معتبرا أن تعزيز الأخوة الكردية التركية هو "مسؤولية تاريخية".

وأعلن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، في 22 ديسمبر الماضي، أن حكومته بادرت بإجراء اتصالات وزيارات مع الدول الشقيقة، وأطلقت مبادرة لإرساء الأمن في سوريا، وقدمت ورقة عراقية في مؤتمر العقبة بالأردن بشأن سوريا، وحظيت بترحيب جميع الأشقاء.

مع سقوط النظام السوري والتوجه نحو تشكيل حكومة بديلة، يواجه العراق تحديا إستراتيجيا يتمثل في الحفاظ على مصالحه الوطنية وبناء علاقات إيجابية مع القيادة السورية الجديدة، بشكل يخدم استقرار المنطقة ورفاهية شعوبها. لتحقيق ذلك، ينبغي لصانع القرار العراقي أن يأخذ النقاط التالية بعين الاعتبار فهم القوى الجديدة وتحليل امتداداتها، وعوامل قوتها وضعفها وتحصين الحدود.

وكان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، انخرط قبل أيام في محادثات تمهيدية مع قيادة قوات سوريا الديمقراطية، في محاولة لمعالجة الملفات العالقة بين الطرفين باعتبارها إرثا ثقيلا تركه النظام السابق خلفه.

واعتبر زعيم الكردي مسعود بارزاني، مؤخرا، تصريحات القائد العام للإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع التي أكد فيها أن أكراد سوريا "جزء من الوطن" أنها بداية لإنهاء الممارسات المجحفة التي كانت تُرتكب بحقهم، مرحباً في الوقت عينه بالرؤية الجديدة تجاه الشعب الكردي في سوريا.

وجاء موقف بارزاني في الوقت الذي تنشغل الأوساط السياسية في بغداد، بإبعاد تأثيرات الأوضاع في سوريا على الداخل العراقي.

ويسعى السوداني إلى إبعاد الساحة العراقية عن أن تصبح ساحة لتصفية الحسابات، بالإضافة إلى محاولاته لموازنة الوضع الجديد في سوريا، والانخراط العراقي في الجهود الدبلوماسية العربية والدولية. كما يسعى إلى إبعاد إيران، التي تمتلك أذرعا قوية في العراق، عن الشأن السوري.

ويعد حيدر العبادي رئيس الوزراء الأسبق وعضو الإطار التنسيقي، من بين المؤيدين للانفتاح على الوضع السوري الجديد، وأطلق قبل أيام "مبادرة الرافدين" لإغاثة الشعب السوري، وطالب بجهد سياسي مواز للانخراط في الحدث السوري.

ويخشى العراق من عودة سيناريو أواسط العام 2014 عندما تمكن تنظيم داعش من السيطرة على مناطق تُقدر بثلث البلاد على خلفية امتداد الصراع في سوريا بين النظام والفصائل المعارضة في السنوات الماضية.

وقامت القوات العراقية بتعزيز قواتها في الشريط الحدودي مع سوريا بعد أن تراجع الجيش السوري بقيادة نظام الأسد أمام المجاميع المسلحة لغاية ان تمكنت من إسقاط النظام في غضون أيام معدودة.

وعقب سقوط النظام السوري في 8 ديسمبر، عقدت إدارة العمليات العسكرية برئاسة أحمد الشرع (أبومحمد الجولاني) اجتماعا مع رئاسة حكومة النظام السابق، وتبع ذلك تسليم الحكومة السابقة لملفات الوزارات والإدارات العامة إلى حكومة إنقاذ، لتصبح حكومة تسيير أعمال مؤقتة لمدة أقل من 3 أشهر، يرأسها محمد البشير.